سيريا برس _ أنباء سوريا
تقول الفتاة الجميلة حياة من سهل الروج ملتفةً بالألم؛ أنا أعاني من تعنيف والدي، من يصدق؟
معاناة الابنة من الذكورة والتعنيف
تقول؛ كنت في الصف السادس متفوقة في دروسي، لكنني كنت عصبية المزاج منذ الصغر، وكانت معلمتي دائمة التوجيه لي لتصبح تصرفاتي مع زميلاتي عقلانية وهادئة، وتطلب مني ألا أضربهن، وأن أكون ودودة معهن، وكنت أبكي كثيرا وأعتذر لها وأنا أقول؛ ما بحس على حالي لما بضرب رفقاتي، وفي كل مرة تسامحني المعلمة على أمل ألا أعود لمثل ذلك.
ازدياد عنف والدها بعد خطوبتها
تسترسل قائلة؛ لم أكن أعلم أن عنفي مع زميلاتي كان ردة فعل عن عنف والدي معنا في البيت، الآن كبرت، وأصبح عمري ٢٠ عاما، وأدرس في الجامعة قسم التربية، وتمت خطبتي لصديق أخي الشهيد منذ عام، بمباركة أبي وأمي، ومنذ خطوبتي إلى الآن، وأنا أعاني الأمرين من عنف والدي، تعنيفا لفظيا وجسديا وقساوة في المعاملة جعلتني أتمنى الموت مرات كثيرة.
فقد ازداد عنف والدي بعد خطوبتي؛ حيث جعلني أقفل هاتفي حتى لا أكلم خطيبي الذي سافر إلى تركيا للعمل وجلب المهر الغالي الذي طلبه والدي.
الضرب بوحشية
تضيف؛ إن علم أنني فتحت الجوال دون علمه لأبرر لخطيبي سبب قفلي للجوال، يقوم بضربي بالخرطوم وبيداه حتى تزرق عيني ويورم وجهي، وتتغير حالتي، لدرجة أنني ذات مرة هربت من يديه إلى سطح بنت جارتنا، وهي صديقتي في المدرسة، وخلصتني الجارة من بقية القتلة، وبقيت عند جيراننا للمساء، فخافت والدتي عليّ من ضرب أبي ثانية لأنه توعدها قائلا؛ بنتك بدها تفضحنا والله لأموتها من الضرب، وازداد خوفها عليّ فأحضرت خالي ليتشفع لي عند والدي، لكن أبي توعدني بقتلة كبيرة، وقلّع خالي من بيتنا، وغلط بحق والدتي فما كان مني إلا الانهيار والسقوط أرضا، وغبت عن الوعي، وفقت على صراخ الجيران وأمي بعد أن بللت وجهي بالماء.
صحوت، وأمي تبكي وتندب، بينما جارتنا المعلمة تقول لي؛ هدّأي من روعك يا بنتي، لا تخافي لن أتخلى عنك، وسأتكلم مع والدك حتى لا يعود لضربك، أمسكتُ بجارتنا ورأيت فيها الأمل.
الجارة المخلصة والداعمة النفسية للابنة
وبالفعل؛ انتظرت معي إلى أن عاد والدي للبيت بعد خروجه منه تحت ضغط الجيران، وحاورته بطيب واتزان متحلية بالصبر، وكان والدي ودودا معها إلى أبعد درجة وأقنعته بأنني سأصاب بالجنون إن استمر بضربي.
وأحضرتني للبيت، وطلبت مني الارتماء بحضنه مشجعة إياه على الرحمة واللين بينما أنا أرجف بين يديه.
أثناء ذلك سعدت أمي كثيرا بموقف جارتنا، ورأت فيها المخلص مما تعانيه من عنف في بيتها، تقول والدتي لجارتها؛ شو صاير لزوجي جنان ما كان هيك، أنا استشهد ابني بقصف الطيران وهلأ بدو ياني أفقد بنتي من ظلمه، والله قلبي احترق ما عد بحسن أتحمل، وتلف جارتنا قائلة لها؛ أيتها الغالية لا تبعدي عني وقفي معي، أنا بدي عيش ما بدي بيتي يخرب، عندي صغار ولازم أكون قوية في تربيتهم، بس والله عم يضغط علينا كتير ما بعرف شو قصته من لما انخطبت البنت حس كأن حدا تاني بدو ياخد بنته، وكأن بنته ملكية خاصة له وليست روح.
عند سماع جارتنا لحديث والدتي أنّبتها كثيرا، وقالت لها أسلوبك الانهزامي وشخصيتك الضعيفة منذ زواجك زادت من ذكورة جوزك وتعنيفه، ولو كنت من بداية حياتك رافضة أسلوب المعاملة القاسية علّ وعسى تعيشي حياة أحسن من هيك، لكن الآن تعود أن يكون الآمر الناهي في البيت وبقسوة وما عليكم إلا التنفيذ وكأنه سي السيد بس هلأ وبزماننا ما عاد يحدا يقبل بهيك حياة.
طبطبت جارتنا على كتف والدتي؛ وشعرت بالاشمئزاز من تصرفات والدتي، ولكنها لامت والدتي كيف تحملته كل هذا العمر، وقالت لها أن عليها الآن التجمل بالصبر لأن ما باليد حيلة.
لن أكرر ضعفي في حياتي الزوجية ولن أقبل بهيمنة أحد على شخصيتي
الآن تزوجتُ، وانتقلت إلى بيت زوجي وأنا سعيدة معه كثيرا، ولكن يحزّ في نفسي ما تعانيه أمي، فحتى أثناء كل زيارة لعند أهلي يوبخني أمام زوجي لدرجة أنه ضربني في إحدى زياراتي لعندهم لأنني قلت له؛ أمي ما عاد تحسن تتحمل قساوته وكل مرضها بسببه، فقتلني وقلعني أمام زوجي من عنده، وحرمت من زيارة والدتي.
نعم؛ يقال في المثل “الأب رحمة في البيت” بس أنا لقيته نقمة؛ حرمني السعادة أنا وعنده، وكنت أقول في نفسي ليش أنا باكل ضرب على كل شي بينما بنات جيراننا لا يضربن، والأب شايفهم ومو مصدق، وآليت على نفسي أنا أحيا مع زوجي باحترام وتفاهم ولكن لا أخضع له على التحكم بي لدرجة التملك والظلم، وألا أسمح له أن يغيّب شخصيتي؛ بل عليه احترام وجودي وآرائي، وأن نستمر في حياتنا على مبدأ الاحترام والتسامح والمناقشة وتبادل وجهات النظر، بما يضمن حياة أسرية سعيدة، وألا أكون كأمي بصبرها وطيبتها ضيّعت حياتها أمام رجل يظن نفسه هو المصيب في كل شيء ونحن من لا يحسن التصرف ولا نفهم عليه حسب قوله.
المصدر: الأيام