لامس سعر صرف الدولار في السوق المحلية السورية، خلال اليومين السابقين، عتباتٍ غير مسبوقة منذ نحو 16 شهراً، في ترجمةٍ لتوقعات سابقة بأن تنعكس المستويات المرتفعة للتضخم العالمي، على حجم الحوالات القادمة إلى الداخل السوري، إلى جانب تأثير الارتفاع العالمي في سعر صرف الدولار.
فمع إغلاق تعاملات مساء السبت، تراوح مبيع “دولار دمشق” ما بين 4010 و4030 ليرة سورية. فيما سجل سعر الذهب الرسمي قفزة غير مبررة. ففيما انخفض سعر الذهب العالمي، عند تسوية تعاملات الجمعة، ارتفع سعر غرام الـ 21 ذهب، 3000 ليرة، وفق التسعيرة الرسمية الصادرة عن جمعية الصاغة بدمشق، التابعة للنظام. وبناءً على هذه التسعيرة، وبالاستناد إلى سعر أونصة عالمي عند 1705 دولاراً، تكون الجمعية قد احتسبت الدولار بـ 4065 ليرة سورية. وهي سابقة تؤشر إلى أن جمعية الصاغة تقدّر السعر الحقيقي للدولار بأعلى مما هو عليه في السوق السوداء. وهو ما يُنبئ بأن سعر صرف دولار السوق السوداء سيتجاوز على الأغلب، عتباتٍ جديدةٍ غير مسبوقة، في الأيام القادمة. وهو ما سينعكس بدوره على أسعار السلع في الأسواق المحلية، خاصة المستورد منها، وما يدخل في تكوينه، مواد مستوردة.
وكان اللافت أن أثر حوالات ما قبل عيد الأضحى المبارك، زال سريعاً، إذ بدأ الدولار يحلّق في أول التعاملات المبكّرة بعد عطلة العيد، تحديداً، منذ ظهيرة يوم الأربعاء. وهو ما يؤكد أن الحوالات الخارجية التي دخلت سوريا، قبيل عيد الأضحى، كانت أقل بكثير من نظيرتها، التي سبقت عيد الفطر الأخير. وهو أمر توقعه محللون عبر وسائل إعلام موالية، مشيرين إلى أثر التضخم الحاصل في البلدان التي تتواجد فيها جاليات سورية كبيرة، وفي مقدمتها، تركيا.
ولتوضيح المقارنة، خفّضت حوالات عيد الفطر “دولار دمشق”، نحو 100 ليرة سورية، واستمر تأثيرها متمثلاً بسعر صرف ليرة قوي نسبياً، لثلاثة أسابيع بعد العيد على الأقل، حينما بدأت الليرة تتراجع. فيما خفّضت حوالات عيد الأضحى، “دولار دمشق”، نحو 30 ليرة سورية فقط، وزال أثرها في اليوم الخامس للعيد، حينما بدأت التعاملات الأولى بعد العطلة.
وقد تلمّس التجار في دمشق، ذلك، في رصدهم للحركة التجارية قبل عيد الأضحى، والتي تراجعت، حسب تقديراتهم، ووفق ما نقلت صحيفة “الوطن” الموالية، بنسبة تراوحت ما بين 50 إلى 60%، مقارنة بالحركة التجارية قبل عيد الفطر السابق.
ورغم ما سبق، كانت حوالات ما قبل عيد الأضحى، قد أنقذت شرائح واسعة من السوريين، بإقرار وسائل إعلام موالية، حيث بلغت تكاليف العيد نحو مليون ليرة سورية (ما يعادل تقريباً 248 دولاراً). إذ يعتمد ثلث السوريين في الحدود الدنيا، ونحو 70% منهم في تقديرات قصوى، على الحوالات الخارجية، لتوفير حاجاتهم الأساسية.
لكن، إذ مرّ العيد “بسلام”، فإن تراجع وسطي الحوالات، بفعل التضخم في بلدان الاغتراب واللجوء “السوري”، سينعكس على الوضع المعيشي للسوريين بالداخل، في الأيام المقبلة. إذ تذهب التقديرات إلى أن وسطي الحوالات الخارجية في مواسم الأعياد، يتراوح يومياً ما بين 10 إلى 12 مليون دولار. فيما ينخفض في الأيام العادية إلى نحو 6 ملايين دولار يومياً. هذا الرقم الأخير، سينخفض أكثر في الفترة القادمة، بالاستناد إلى المؤشرات التي أكدت انخفاض حوالات عيد الأضحى، عن الوسطي المعتاد، كما سبق وأشرنا.
وإذ علمنا أن الحوالات الخارجية تساهم في تأمين نحو 40% من القطع الأجنبي الخاص بتمويل المستوردات، وفق تقديرات أكاديميين بجامعة دمشق، فهذا يعني، أننا أمام زيادة في الطلب على الدولار في الداخل السوري، ستدفعه نحو المزيد من القفزات، في الأيام المقبلة، ستنعكس بطبيعة الحال، على مجمل أسعار السلع.
إياد الجعفري _ المدن