في 16 حزيران/ يونيو 2022، أكّد المبعوث الروسي الخاصّ إلى سورية ألكسندر لافرنتيف، أنّ الدول الضامنة ناقشت خلال الجولة 18 من مباحثات أستانا ضرورة نقل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى مكان آخر أكثر حيادية من جنيف، وتم طرح كل من أبو ظبي ومسقط والجزائر كبدائل مقترحة.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يتم فيها اقتراح نقل اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف، إذ سبق أن طُرح عَبْر منصّة موسكو -المقرّبة من روسيا- نقلها إلى دمشق نهاية عام 2019.
ومن الواضح أنّ موقف روسيا إزاء نقل اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف يعكس الاستياء من ردود الأفعال الأوروبية المتلاحقة ضدّ موسكو في أعقاب غزو أوكرانيا، ومن ضِمنها تقييد حركة الدبلوماسيين الروس وطردهم من دول متعددة، لكن هذا لا ينفي وجود دوافع أخرى تتمثل بما يلي:
• تأكيد روسيا على عدم قبول أيّ وساطة دبلوماسية غربية كتعبير عن تدنّي حجم التنسيق بين الطرفين، والرغبة في إضعاف تأثير الغرب بالعملية السياسية السورية، وهو ما يُبرِز قدرة موسكو على المساس بقضيّة مؤثّرة بالسياسة الخارجية الأوروبية.
• الحرص على إظهار عدم تراجُع قدرة واهتمام روسيا بالملفّ السوري، رغم تركيز الأولويات على الحرب الأوكرانية.
• الرغبة بإعطاء زخم جديد لمَسار تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري؛ لأنّ جميع العواصم العربية التي اقترحتها روسيا كبديل عن جنيف تمتلك علاقات دبلوماسية مع دمشق. بالتالي إلقاء المزيد من الضغط على المعارضة السورية.
ومن غير المتوقع أن تتَّجِه روسيا في مرحلة لاحقة للمطالبة بنقل مباحثات اللجنة الدستورية إلى العاصمة دمشق، ليس لعدم واقعيَّة المقترَح فحَسْبُ، بل لأنّه يدفع المعارضة السورية وتركيا للامتناع عن المشاركة في حوارات تعديل أو كتابة الدستور، وهو سيناريو لا يبدو أنّ روسيا تفضله، كونه يُقوّض مساعيها المتعلقة بإنجاز عملية سياسية سوريّة يُمكن تقديمها للمجتمع الدولي، لكن وَفْق المعايير والمحددات المقبولة لموسكو.
المصدر: مركز جسور للدراسات