منذ بدء الحرب السورية في عام 2011، استقر نحو 20 ألف لاجئ سوري في الولايات المتحدة، بينهم 130 أسرة استقرت في هيوستن، وقبل أن يعاد توطينهم هناك، تعرض معظم اللاجئين السوريين لأحداث صادمة، منها تعرضهم أو تعرض أحد أحبائهم للتعذيب، أو موت أحد من أفراد الأسرة، أو وفاة صديق، أو خسارة ممتلكات، أو انقطاع مصدر الدخل وعدم قدرة المرء على تأمين متطلباته.
لحظة وصول لاجئين سوريين إلى اليونان
ولدراسة الصحة الجسدية والنفسية لمجتمع اللاجئين السوريين في هيوستن، أجرى باحثون من كلية الصيدلية وقسم علم النفس بجامعة هيوستن دراسة تجريبية كشفت بأن النساء السوريات اللواتي يعشن في هيوستن أتعس ولديهن ردة فعل تشكلت بسبب ضغوطات أكبر وأشد مقارنة بما اختبره الرجال السوريون. وقد نشرت نتائج تلك الدراسة في المجلة الدولية لأبحاث البيئة والصحة العامة.
وتعلق سامينا سليم وهي أستاذة مساعدة بعلم الصيدلة على ذلك بقولها: “تظهر البيانات التي توصلنا إليها مع الدراسات السابقة بأن اللاجئات يتعرضن لخطر الإصابة بمشكلة تتصل بالصحة العقلية بنسبة أكبر، وتشمل تلك المشكلات الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، مما يزيد خطر إصابتهن باضطرابات نفسية، وذلك لأن النزوح من الوطن والضغوطات الاجتماعية كانت من أهم مصادر التوتر لدى اللاجئات السوريات”.
عبر الاستعانة بقائمة التحقق الخاصة بمتلازمة الأفغان، ومقياس التوتر بعد الهجرة بالنسبة للاجئين، ومقياس الشعور بالإجهاد، واستفتاء الإبلاغ الذاتي، أجرت سامينا سليم مع فريقها دراسات استقصائية عبر الشابكة على 94 لاجئاً سورياً (بينهم 38 ذكراً و55 أنثى، ولاجئ واحد لم يتم تحديد جنسه).
سجلت اللاجئات السوريات درجات أعلى من الذكور بالنسبة لقائمة التحقق الخاصة بمتلازمة الأفغان، (37.78 مقابل 31.64)، لا سيما بالنسبة للمقاييس الفرعية التي تتعلق بالحزن والانسحاب الاجتماعي (28.89 مقابل 24.31)، وردة الفعل المتصلة بالتوتر (6.56 مقابل 4.86)، وبالشكل ذاته، سجلت الإناث درجات أعلى من الرجال بالنسبة لمقياس التوتر بعد الهجرة بالنسبة للاجئين (60.54 مقابل 45.15)، وشمل ذلك مجال التوتر الاجتماعي (8.08 مقابل 5.18).
تعلق على هذه النتائج جوانا بيك وهي أستاذة مساعدة في علم النفس شاركت بكتابة هذه الدراسة، حيث تقول: “بالرغم من أن البيئة الجديدة في البلد المضيف، أي الولايات المتحدة، آمنة ومحمية، إلا أن عوامل التوتر الجديدة التي تتمثل لدى هؤلاء بالتحول إلى أقلية ضمن بلد جديد، وتعلم لغة جديدة، والتعرف على قواعد وعادات اجتماعية وثقافية جديدة، تضيف مستويات متعددة من التوتر لحياة هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة والذين يعيشون حالة توتر بالأصل”.
إلى اليسار: الأستاذة سامينا سليم، وإلى اليمين الأستاذة جوانا بيك
تشمل توصيات الفريق بالنسبة للتدخلات المستقبلية الاستعانة ببرامج إثراء المجتمع التي تستخدم لغة خاصة حساسة للثقافة (وتتصل بتعلم مهارات اللغة الإنكليزية، وبرامج التثقيف الصحي للاجئين من أصحاب التعليم المتدني وغير ذلك) والتي ستتيح استيعاباً أكبر للنساء اللاجئات السوريات ضمن المجتمع الأميركي.
وخلص ذلك البحث إلى أن عدم التواصل بصورة كافية، والبطالة والبقاء حبيسات للبيت (مع عدم القدرة على قيادة السيارة) كل تلك العوامل أسهمت بزيادة الضغوطات الاجتماعية بين صفوف النساء، وتعلق سامينا سليم على ذلك بقولها: “بالمقابل، سجل الرجال اللاجئون السوريون نسبة أقل من التوتر الذي يتصل بمجال الإجهاد الاجتماعي، بما أنهم ليسوا مقيدين أو منعزلين كالنساء، فبما أن الرجال هم من يقومون بإعالة الأسرة، لذلك استطاعوا من خلال العمل أن يتفاعلوا اجتماعياً، كما أن كفاءتهم باللغة الإنكليزية تفوق كفاءة النساء بها”.
في المجتمع الأبوي الذكوري المحافظ، حيث تنجب المرأة العديد من الأولاد وتتحمل عبء رعايتهم، يتضح بأن الزواج مصدر للتوتر بالنسبة للنساء، حيث تقول سامينا: “إن ضغوطات الزواج وانعدام الأمن المالي، إلى جانب التوقعات الكبيرة والعالية من الأسرة، كلها مجتمعة تخلق بيئة مشحونة بتوتر عال”.
ربى خدام الجامع _ تلفزيون سوريا