حالات الطلاق المبكر تزداد في درعا والأسباب متقاربة

بعد زواج دام عام ونصف، تفاجاً سعيد الروحة (55 عاماً) قبل ثلاثة أشهر، بعودة إحدى بناته من منزل زوجها مطلقة ومعها طفلتها.

وحاول الأب وهو من سكان مدينة درعا أن “يعيد المياه إلى مجاريها” بين ابنته وزوجها، إلا أن الفتاة عارضت العودة إليه مجدداً “بسبب تصرفاته التي لم تكن تتوقعها، أبرزها الضرب وتكسير محتويات المنزل بين الحين والآخر”.

ووفقاً لما يسرده الرجل الخمسيني نقلاً عن ابنته، فإن الزوج كان يعنف زوجته وذلك بعد أشهر من زواجهما بعد أن فقد عمله في ورشة ألمنيوم إثر بيعها من قبل صاحبها والسفر لخارج البلاد.

ولم يتمكن الزوج من إيجاد فرصة عمل أخرى تساعده على تأمين مصاريف منزله، وخاصة أنه مطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية ويواجه صعوبات في التنقل بين مناطق المحافظة للبحث عن عمل مناسب، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية.

 وتشهد درعا كما معظم المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية ازدياداً في حالات الطلاق.

 وبحسب محمد اليماني (39 عاماً) وهو اسم مستعار لموظف إدخال البيانات في المحكمة الشرعية في محافظة درعا، فإن نسبة حالات الطلاق ارتفعت لتتجاوز الـ20 بالمئة خلال الثلاث سنوات الماضية، وكان معظمها ممن لم تتجاوز مدة الزواج السنتين.

 وأشار الموظف الحكومي إلى أن هذه النسبة لم يتم تسجيلها في المحافظة قبل ذلك، حيث لم تتجاوز حالات الطلاق في السابق الـ5 بالمئة.

أسباب مختلفة

والأسبوع الماضي، قال القاضي الشرعي الثالث بدمشق، خالد جندية، إنَّ “نسب الطلاق والزواج متقاربة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك ازدياد بنسب الطلاق عما كان سابقاً”.

وربط جندية زيادة النسبة بعدة أسباب، منها “الوضع الاقتصادي، حيث حالة الفقر تؤدي لوقوع الخلافات وبالتالي ينتهي الأمر بالطلاق، إلى جانب أسباب شخصية أخرى تتعلق بفارق العمر بين الزوجين، أو قلة الانسجام والتفاهم”.

وأشار في تصريح له لإذاعة شام المحليّة، إلى أنه بحسب الإحصائيات الأخيرة عام 2020، سجلت 30 ألف حالة زواج و10 آلاف حالة طلاق، أما في عام 2019 تم تسجيل 26 ألف حالة زواج و9500 حالة طلاق.

وبيّن أن هناك زيادة بنسبة تعدد الزوجات، حيث في عام 2015 كان هناك زيادة بعددها، وكانت تشكل 30% من مجمل عقود الزواج، وبسبب الحرب وهجرة الشباب وقلتهم، تقبلت بعض النساء فكرة الزواج الثاني.

ويعد المستوى المعيشي المتدني والزواج المبكّر وانتشار ظواهر اجتماعية “خطيرة” كالعنف الأسري والإدمان على الكحول والمخدرات والمشاكل العائلية، أهم الأسباب التي قد تؤدي للانفصال.

وبعد عام على زواجهما، اتخذ أوس المساعيد (27 عاماً)، اسم مستعار لشاب من درعا وزوجته (19 عاماً) قرار الانفصال.

 وذكر الشاب أن الانفصال تم الاتفاق عليه مبكراً، “حتى لا تتفاقم الخلافات في ما بيننا بعد سنوات ويكون هناك أطفال”.

لكن القرار في البداية لم يكن مرحباً به من قبل ذوي الزوجين، “وبعد عدة نقاشات عن الأسباب التي دفعتنا لذلك تم تقبل الفكرة وعملنا على إجراءات الانفصال ودفع المقدم والمؤخر”، وفقاً لما أشار إليه “المساعيد”.

وحول أسباب الطلاق، لفت الشاب إلى أن عدم قدرتهم على التفاهم واختلاف وجهات النظر في العديد من المواضيع كانت أبرزها.

خوف من الطلاق

وفي مركز لتقديم الدعم النفسي في مدينة درعا، تقول سارة المهدي (36 عاماً) وهي المشرفة على المركز إنهم يستقبلون عشرات المتزوجات شهرياً، منهن تزوجن في سن مبكرة وتعانين من “مشاكل زوجية كبيرة”.

وتشير المشرفة إلى أنه رغم المشاكل تخشى بعضهن طلب الطلاق لعدة أسباب أبرزها “المجتمع ونظرته للمطلقة، إلى جانب الأهل الرافضين لفكرة طلاق ابنتهم وهي في سن مبكرة”.

ينحاز قانون الأحوال الشخصية السوري بشكلٍ واضح إلى الرجل على حساب المرأة في قضايا الطلاق وما يترتب عليها، وخاصةً ما يتعلق بجزئية النفقة والحضانة، التي يدفع فيها الأطفال الثمن إلى جانب الأم.

ولكن في المركز تم التعامل مع بعض الحالات من خلال خطوات طويلة، “كان الهدف منها العمل على إعادة المحبة إلى قلب الفتاة اتجاه زوجها دون حدوث طلاق”، بحسب المشرفة.

إلا أنه في المقابل، هناك بعض الحالات التي أفضت إلى الانفصال بين الطرفين، وفقاً لما تذكره “المهدي” لنورث برس.

ومن بين هذه الحالات فتاة لا تتجاوز الـ18 من العمر، متزوجة من شاب بالغ من العمر 25 عاماً، لديهما طفل يعمل على ضربها بشكل يومي تقريباً “لأسباب بسيطة جداً”، على حد قول “المهدي”.

وتقول المشرفة على المركز، إنه بعد عدة جلسات مع الفتاة ومحاولة التوصل إلى تقارب، “إلا أنها كانت متوترة جداً وكانت تتحدث عن الانتحار إن لم تتخلص من زوجها الذي أصبحت حياتها معه جحيم”.

وحينها قامت إدارة المركز باستدعاء والد الفتاة إلى المركز والحديث معه لساعات حول حياة ابنته حيث لم يكن له علم بكامل تفاصيلها وخوفها منه في حال طلبت الانفصال.

وتضيف “المهدي” أن ردة فعل الأب كانت “إيجابية، حيث اختار أن يعمل على طلاق ابنته بدلاً من أن يخسرها إلى الأبد من خلال انتحارها أو ضربها من قبل زوجها بشكل يومي”.

إعداد: مؤيد الأشقر، تحرير: سوذار محمد_ نورث برس

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

جمعية الأمل لمكافحة السرطان

معاناة اللاجئات السوريات المصابات بمرض السرطان في تركيا

تصطدم مريضات السرطان من اللاجئات السوريات في تركيا بحواجز تمنعهن من تلقي العلاج على الوجه الأمثل، بداية من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة والاختلاف في أحقية...

خدمات المساعدة القانونية المجانية للاجئين السوريين في تركيا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا الجهل بالحقوق القانونية للاجئين السوريين في تركيا يقف حجر عثرة أمام ممارسة حقهم بالوصول إلى العدالة، ويمنعهم...
منظمة INGEV

واقع دعم المشاريع النسائية الصغيرة في مدينة شانلي أورفا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا تدعم منظمات المجتمع المدني المتخصصة في التنمية وريادة الأعمال، المشاريع الاقتصادية للاجئات السوريات في مدينة شانلي أورفا، بهدف...
مركز الأمل لمكافحة السرطان

خدمات دور ضيافة مرضى السرطان القادمين من سوريا بين الواقع والمأمول 

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا تستقبل دور الإيواء المعدودة ومحدودة الإمكانيات في تركيا، مرضى السرطان السوريين عند تحويلهم من الشمال السوري حسب طاقتها...

سوريات إلى الدعارة في العراق..ضحايا ميليشيات عراقية

“يضربني زوجي كل يوم، ويصطحبني مُكرهةً لممارسة الجنس مع أشخاص في الفنادق والبيوت، ثم يعود بي إلى البيت ليفعل بدوره الأمر نفسه بعد ضربي...

الأكثر قراءة