قال مركز ستراتفور في تقرير له بعنوان “في سوريا، يظهر شبح المهمة الأمريكية الموسعة” إلى أن “الانتخاب المحتمل لإدارة أمريكية جديدة في نوفمبر / تشرين الثاني” القادم قد ينذر “بمهمة أمريكية موسعة في سوريا تتخذ موقفًا أكثر تصادمًا ضد حكومة الأسد وداعميها الروس والإيرانيين
ومركز “ستراتفور”هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أميركي، يعدّ أحد أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات. تطلق عليه الصحافة الأمريكية اسم “وكالة المخابرات المركزية في الظل” أو الوجه المخصخص للسي آي إيه، ومعظم خبراء مركز ستراتفور هم ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية.
وأضاف التقرير، كما هو متوقع من ردود فعل الأنظمة الديكتاتورية اتجاه العقوبات الاقتصادية التي تفرض عليها، فقد فعل ذلك نظام الأسد اتجاه العقوبات الأمريكية “الأكثر صرامة” عبر قانون قيصر، فقد فشلت تلك الإجراءات في تغيير سلوك النظام على طاولة مفاوضات جنيف في الجولة الثالثة من أعمال اللجنة الدستورية، فوفد النظام هذه المرة لم يكتف بالمماطلة التي كان يمارسها في الجولتين السابقتين، بل خرج بشكل كامل عن جدول الأعمال المتفق عليه مسبقاً.
يرى التقرير أنّ إستراتيجية الحملة الانتخابية تعكس برنامج السياسة الخارجية لبايدن في العودة إلى الدبلوماسية الأمريكية الأكثر تقليدية وتدخلية في الشؤون الدولية، مقارنة بنهج ترامب الانعزالي والأحادي الجانب الذي سار عليه على مدى السنوات الأربع الماضية، وأن المرشح الديمقراطي سيكون “أكثر استعدادًا لمواجهة نظام الأسد دبلوماسيًا والضغط عليه لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 11 عامًا في البلاد”.
وأشار التقرير إلى أن كلا الإدارتين الأمريكيتين المحتملتين لن تنسحبا من سوريا “دون تحقيق هدف واشنطن الأساسي المتمثل في حرمان الدولة الإسلامية من قاعدة على الأرض”، لكن يضيف ” توني بلينكن” مستشار السياسة الخارجية لبايدن “أن الولايات المتحدة يجب ألا تنسحب من سوريا دون تنازلات من نظام الأسد” و “أن سياسة بايدن ستكون البقاء في شمال شرق سوريا” وأنّ بايدن “سيتجنب التطبيع مع الأسد” وأكّد بلينكن ” أن إحياء عملية جنيف “لن تحدث إلا إذا زادت الولايات المتحدة النفوذ على الأرض” ولذا فإنّ عملية محدودة شمال شرق سوريا فقط مثل عملية ترامب لن تحقق نتيجة، وهنا يستشهد المركز بانتقاد جو بايدن محاولة ترامب الانسحاب من البلاد في أكتوبر 2019.
وأن بايدن عندما كان نائباً للرئيس أوباما صفته نائب في عام 2016، فقد اقترح “أنه قد يكون هناك حل عسكري، وليس سياسي بحت، للحرب الأهلية”.الذي يجري على الأرض الآن شمال شرق سوريا، وقبل دخول مرحلة الانتخابات الأمريكية، يشير إلى توسّع في العمليات تظهر آثاره في زيادة انتهاك منع التضارب حسب البروتوكول المتفق عليه بين القوات الأمريكية والروسية، وهو ما شوهد في حادث التصادم الأخير للعربات المدرعة، وهو الذي اشتكى منه تقرير المفتش العام للبنتاغون حيث رصد حوادث عديدة من هذا النوع في تل تمر وديريك، وأن التعزيزات العسكرية الروسية تتجنب جهود تفادي الصراع مع القوات الأمريكية، ونقل تقرير المفتش العام للبنتاغون عن الجنرال ماكنزي أنّ هذه التعزيزات تعطي الروس فرصة “لرمي التروس في الرمال” وتجعل الأمر أكثر صعوبة، وأنّ القوات الروسية تتعدّى على الأراضي التي تنتشر فيها قوات التحالف كجزء من “حملة متعمّدة لطردهم من المنطقة”.
الاستحقاقات العسكرية والاستخباراتية لا تنتظر الاستحقاقات الرئاسية في الولايات المتحدة، وإلى أن تتكشف نتائج الانتخابات فقد يكون ” شبح المهمة الأمريكية الموسعة” قد تحوّل إلى حقيقة واقعة، تتناسب مسبقاً مع توجهات الديمقراطيين، أو تصبح السياسة الفعلية للإدارة الحالية حال تجديد انتخابها.القلق الوحيد من تراجع السياسات الأمريكية تجاه نظام الأسد فيما لو نجح الديمقراطيون في الانتخابات كان يأتي من احتمال عودتهم للاتفاق النووي مع إيران، وبذلك يحصل النظام على مكسب ما عبر هذه العودة، لكن حتى في هذه النقطة، يبدو أن تحسّن العلاقات العربية الإسرائيلية المرتقب بعد اتفاقية “السلام” الإماراتية، سيمنح الديمقراطيين فرصة متابعة الضغط على إيران دون العودة إلى الاتفاق النووي.
في كلا الحالتين على نظام الأسد ألا ينتظر تغيّراً مرتقباً يتابع من خلاله محاولات التملّص من تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي التي تقضي بعملية انتقال سياسي جدّية في البلاد، تعمل على إنهاء الحرب، وتتيح البدء بعملية عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.