تناول تقرير صدر مؤخرا لمعهد “الشرق الأوسط”، استجابة كل من روسيا والصين لقانون “قيصر”، وانتقادهما له “بشدة”، في حين أيدت معظم الدول الأوروبية استخدام العقوبات لمعاقبة رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
وينص قانون “قيصر” الذي وقّعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في كانون الأول 2019، ودخل حيز التنفيذ منتصف حزيران الماضي، على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للنظام السوري.
الاستجابة الروسية
كانت روسيا انتقدت على لسان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، القانون، واصفة إياه بـ”غير الشرعي”.
وقال التقرير إن معارضة روسيا والصين لقانون “قيصر” أثرت على سلوكهما في الأمم المتحدة، إذ يرى كلا البلدين أن قانون العقوبات يمثل تقويضًا لسيادة سوريا.
وأضاف أنه على الرغم من أن روسيا والصين تمثلان جبهة مشتركة ضد الأحادية الأمريكية، فإنه لا يزال غير واضح ما إذا كان أي من البلدين سيوفر استثمارات كافية لإعادة الإعمار لمواجهة تأثير العقوبات على سوريا.
وتحدث التقرير عن استجابة وسائل الإعلام الروسية لقانون “قيصر”، فبعد دخوله حيز التنفير، رد الإعلام الروسي بالتضامن مع الأسد وإدانة السياسة الأمريكية تجاه سوريا.
وأشار التقرير إلى تغيير السفير الروسي السابق لدى الجزائر، ألكسندر أكسينوك، رأيه حول “قيصر”، بحسب مقال نشرته صحيفة “كوميرسانت” التي تتخذ من موسكو مقرًا لها، في 18 من حزيران الماضي. وكان السفير أعرب سابقًا عن استيائه من الأسد، لكنه قال إن قانون “قيصر” هو “اختبار لقدرة روسيا على إبقاء النظام السوري واقفًا على قدميه”.
وأكدت روسيا التزامها بالاستثمار في عملية إعادة الإعمار في سوريا، إذ اتخذت روسيا، قبل أيام من توقيع ترامب قانون “قيصر”، خطوات سعت من خلالها إلى تأمين عقود لإعادة الإعمار مع حكومة النظام، والتي ستصبح سارية المفعول بمجرد أن ينتهي النزاع في سوريا.
ويتمنى مسؤولون روس، بحسب التقرير، أن يضعف قانون “قيصر” بمرور الوقت عبر الإعفاءات من العقوبات، وتخفيف القيود الأمريكية المفروضة على المساعدات الإنسانية التي تصل إلى دمشق.
الاستجابة الصينية
وفقًا للتقرير، كانت التغطية الصحفية الصينية لقانون “قيصر” تشبه إلى حد بعيد المضمون “المعادي” للولايات المتحدة الأمريكية في وسائل الإعلام الروسية. إذ صرح الأستاذ المشارك في معهد “الشرق الأوسط” بجامعة “Northwestern” في مدينة شيان الصينية، وانج جين، لصحيفة “الشعب اليومية” الصينية، أن قانون “قيصر” يوفر “ذريعة لفرض عقوبات ضد الشركات الروسية والإيرانية”.
كما أكدت وسائل الإعلام الصينية المتحالفة مع الدولة على ضرورة مقاومة بكين للعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب ضد سوريا. وقال التقرير، إن المسؤولين السوريين ينظرون إلى إدانات الصين الشديدة لقانون “قيصر” على أنها علامة على استعداد بكين للاستثمار في عملية إعادة الإعمار، كما يأملون أن تتمكن الصين من الاستثمار في بناء الموانئ على ساحل البحر المتوسط السوري، كتحوط ضد الضغط الأمريكي على العلاقات الإسرائيلية- الصينية.
ولفت إلى أنه على الرغم من تفاؤل سوريا، تحدث مسؤولون صينيون بشكل غير مباشر عن استثمارات إعادة الإعمار طويلة الأجل، وأطرت الصين المساعدة الطبية الخاصة بها كشكل من أشكال مقاومة قانون “قيصر”، لكنها واجهت انتقادات لتزويدها الحكومة السورية بصندوقين صغيرين فقط من المعدات الوقائية لمكافحة جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
كما أن الصين لم تحذو حذو روسيا من خلال توقيع عقود أولية لإعادة الإعمار في صناعة النفط السورية، على الرغم من أن هذا القطاع كان مفتوحًا بشكل خاص للاستثمار الخارجي.
وختم التقرير بأنه على الرغم من أن روسيا والصين دافعتا باستمرار عن الأسد من الازدراء الدولي منذ بداية النزاع في سوريا، يعقد قانون “قيصر” خطط كلا البلدين للاستثمار في عملية إعادة الإعمار في سوريا، ومن المرجح أن تتخذ كل من روسيا والصين نهجًا تدريجيًا للاستثمار في سوريا، وتأملان في أن يؤدي وقف تصعيد الأعمال العدائية إلى إضعاف القانون في الأشهر والسنوات المقبلة.