كشف تقرير صادر عن “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن (CSIS) اليوم الإثنين، أن التلاعب بالمساعدات من قبل حكومة النظام في سوريا هو شكل فريد ومستمر للسيطرة، في ظل غياب الرقابة الأممية.
وصدر التقرير بعنوان “مساعدة الإنقاذ في سوريا” استنادًا إلى مقابلات مع مسؤولي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني في سوريا.
وقال التقرير، إن النظام يتمتع بقبضة شديدة على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك من خلال الموافقات على التأشيرات، لدرجة أنه أصبح من الطبيعي بالنسبة لأقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة.
وأضاف أن تهديد الإكراه والقتل الملقى على عمال الإغاثة يمنع المراقبة المستقلة لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.
سرقات وتلاعب بالمساعدات
وإلى جانب تحويل طعام الأمم المتحدة إلى قوات النظام، يستفيد الأشخاص المسؤولون مباشرة عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجد التقرير أن محمد حمشو، وهو رجل أعمال مقرب من “الفرقة الرابعة“، وماهر الأسد شقيق رئيس النظام، قد فازا بعقود مشتريات أممية لتجريد المعادن في المناطق التي استعادتها حكومة النظام، وإعادة تدويرها للبيع في شركة الحديد لتصنيع المعادن التي تعود ملكيتها له.
وذكر أنه عندما تم نقل المساعدات عبر “الخطوط”، في كل من شمال غربي وشرقي سوريا، والمعروفة باسم الشحنات “العابرة للخطوط”، كانت هناك سرقات وتم توزيع المعدات الطبية بشكل عشوائي.
ولفت التقرير إلى أن التلاعب بالمساعدات قد نما في العقد الماضي من الحرب، ومن الضروري إجراء تدقيق وتقييم شاملين للمساعدات في سوريا.
وتابعت “هذا جزء من قضية منهجية يجب حلها لأنه سيتم نسخها مرارًا وتكرارًا من قبل جهات فاعلة أخرى (…) الذين يتعلمون دروسًا مما فعله النظام السوري”.
اقرأ أيضاً النظام السوري يسرق ملايين المساعدات من خلال التلاعب بسعر الصرف
أربعة محاور للاستجابة الإنسانية
وبحسب التقرير، فإن الاستجابة الدولية للأزمة السورية بحاجة إلى التركيز على أربعة محاور أساسية.
وتتجلى هذه المحاور في ضرورة معرفة الدول المانحة، إلى أين تذهب المساعدات ولمن، كما تحتاج إلى إجراء تقييم صارم وسياقي للتحديات التي تواجه المساعدة من المجتمع إلى مستوى الدولة.
كما يجب على الحكومات المانحة، التفاوض نيابة عن قطاع المساعدة في شمال غربي وشمال شرقي سوريا، وعليهم التفاوض بشكل جماعي مع حكومة النظام والقوى الخارجية لمنع التدخل في استجابة المساعدات.
علاقات مشبوهة بين النظام والأمم المتحدة
هذا ليس الإخفاق الوحيد التي تواجه الأمم المتحدة في إدارة عملها داخل سوريا، التي تعيش حرباً مستمرة منذ 11 عاماً.
وأشارت العديد من التقارير الحقوقية والصحفية إلى العلاقة “المشبوهة” بين المنظمة الدولية والنظام السوري تحت ذريعة الخضوع لسلطات الأمر الواقع وإن كان على حساب القانون والعدالة وحقوق الإنسان.
فقد تعاقدت الأمم المتحدة عام 2019 مع “فيلق المدافعين عن حلب”، والذي أصبح مزوداً للخدمات في حلب، لدعم إصلاح أنابيب إمدادات المياه وإزالة الأنقاض في حلب الشرقية، رغم أن هذا الفيلق شارك في التهجير القسري للسكان في حلب عام 2016.
كما منحت وكالات الأمم المتحدة “شركة شروق للحماية والحراسات” المرتبطة بماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، عقود خدمات أمنية تزيد قيمتها عن أربعة ملايين دولار.
وتضم الشركة الأمنية أعضاء متقاعدين وسابقين من عدة ميليشيات، ويقال إن قيادتها تتألف من أعضاء سابقين في جيش النظام السوري وأجهزة المخابرات.
وكان تحقيق لصحيفة “الغارديان” البريطانية، صادر في آب 2016، بيّن أن الأمم المتحدة منحت عقودًا بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لأشخاص مرتبطين ارتباطاً وثيقاً برئيس النظام السوري، بشار الأسد، كجزء من برنامج مساعدات.
وكشف التحقيق عن أن رجال الأعمال الذين تخضع شركاتهم للعقوبات الأمريكية والأوروبية، تلقوا مبالغ كبيرة من قبل بعثة الأمم المتحدة، وكذلك الإدارات الحكومية والجمعيات الخيرية، بما في ذلك واحدة أنشأتها زوجة رئيس النظام، أسماء الأسد، وأخرى لابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف.
ونوه إلى أن الأسد يدعم بشكل فعال موارده المالية بدولارات دافعي الضرائب الأمريكية والأوروبية، نظرًا لأن التبرعات من الولايات المتحدة وحلفائها هي المصدر الرئيسي لتمويل مساعدات الأمم المتحدة.
يشار إلى أنه برز في الآونة الأخيرة دعم وكالات الأمم المتحدة للنظام السوري بعيدًا عن مجال المساعدات الإنسانية والإغاثية، كالصحة والتعليم وغيرها.