وثّقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عمليات استغلال وتحكّم بالمساعدات الأممية المرسلة لقاطني شمال شرق سوريا، من قبل النظام السوري وأجهزته، تصل الى حد السرقة والاستحواذ على ثلاثة أرباع المساعدات الإنسانية المخصصة للمنطقة.
واستندت المنظمة بمعلوماتها في التقرير الصادر أمس الثلاثاء، إلى مقابلات أجرتها العام الحالي مع موظفي منظمات إغاثية، ثلاثة منهم في وكالات تتبع للأمم المتحدة.
ربع المساعدات وصلت لمستحقيها
وكشف مشرف توزيع في “الهلال الأحمر السوري” لـ”سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أن إجمالي السلال التي وصلت إلى المنظمة للعامين 2021 و2022 يبلغ نحو 170 ألف سلة.
وأضاف بأن ربع المساعدات، فقط جرى توزيعها على مستحقيها، بسبب استحواذ بعض الجهات الأمنية على مجملها في الحسكة، فلكل جهة أمنية نافذة نصيب من المساعدات سواء كانت غذائية أو لوجستية”.
وقدّرت المنظمة، استنادًا إلى المعطيات التي حصلت عليها، عدد السلال الغذائية الأممية التي تصل شهريًا إلى محافظة الحسكة بـ”عشرات الآلاف”.
وأبدت المنظمة تخوفها، من استخدام النظام المساعدات الإغاثية والإمدادات الطبية (كلقاح فيروس كورونا) “سلاحًا سياسيًا”، في ظل عدم التوصل إلى حلول أو منافذ بديلة لإيصال المساعدات.
وأوصت المنظمة بالضغط من أجل عودة دخول المساعدات الأممية عبر معبر “اليعربية”، الحدودي مع العراق، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون أي تمييز، مع الاعتماد على منظمات محلية موثوقة لا تتبع لأي جهة سياسية.
ووفق التقرير، فإن النظام السوري وأجهزة أمنية مرتبطة به في مدينتي الحسكة والقامشلي، يمنح قسمًا من المساعدات الأممية لعناصر من جيشه، وأمنه.
كما أن أعضاء من حزب “البعث” الحاكم وعائلاتهم، يستفيدون من تلك المساعدات، مقابل حرمان النازحين في المخيمات والعائلات الأكثر حاجة في المدن والأرياف من المساعدات المخصصة لهم.
ولف التقرير إلى أن قوات “الدفاع الوطني” تستحوذ على 40٪ من المساعدات المخصصة لمحافظة الحسكة.
سببان لتحكم النظام بالمساعدات
وعزا تقرير المنظمة، سبب قدرة النظام على التحكم بالمساعدات إلى اعتماد وكالات الأمم المتحدة في مسألة التوزيع على شركاء محليين مرتبطين بالنظام، بشكل رسمي أو شبه رسمي، وإيصال هذه المساعدات إلى المنطقة عبر مطار “القامشلي” أو طرق برية تخضع جميعها لسيطرة النظام السوري.
وتعتمد منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدعومة منها بشكل رئيس في عملية التوزيع على فرع “الهلال الأحمر السوري” بالحسكة، وجمعية “البر” في القامشلي، و”الجمعية الأرمنية”.
وبحسب التقرير، يموّل الجمعيات المحلية المسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية “الهلال الأحمر السوري”، وذلك بعد تقسيم المحافظة جغرافيًا وتخصيص كل جهة بالتوزيع ضمن نطاق جغرافي محدد.
وفي شباط الماضي، كشف تقرير صادر عن “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن (CSIS) عن أن التلاعب بالمساعدات من قبل حكومة النظام في سوريا هو شكل فريد ومستمر للسيطرة، في ظل غياب الرقابة الأممية.
وتتعاقد الأمم المتحدة مع رجال أعمال مقربين داعمين للرئيس السوري (محمد حمشو وسامر الفوز) إضافة إلى ميليشيات محلية (فيلق المدافعين عن حلب) لتنفيذ مشاريعها في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وكان المركز السوري للعدالة والمساءلة قد حصل على وثائق أظهرت دور أجهزة المخابرات السوريّة في توجيه المساعدات الإنسانية والتلاعب بتدفقها، لمعاقبة فئة السكان المعارضة للنظام.