كشف “المركز السوري للعدالة والمساءلة” عن استخراج نحو 6 آلاف جثة من عشرات المقابر الجماعية التي حفرها تنظيم (داعش) في شمال شرق سوريا، ومن التي تم انتشالها من المباني التي دمرتها الغارات الجوية الأميركية خلال الحملة العسكرية لقوات التحالف على الرقة عام 2017، والتي أعلنت في نهايتها سقوط التنظيم.
وذكر المركز في تقرير أمس الخميس، حمل عنوان: “كشف الأمل: البحث عن ضحايا داعش المفقودين”، أن عدد الجثث المستخرجة من المقابر الجماعية ومن تحت الأبنية المدمرة (6 آلاف جثة)، قد تشكّل ما يقرب من نصف العدد الإجمالي للأشخاص المفقودين في شمال شرقي البلاد، على الرغم من اختلاف تقديرات المفقودين.
ولفت المركز إلى أن الجناة من أعضاء التنظيم، ومن الذين قد يمتلكون أدلة ضرورية للتعرف إلى هوية أصحاب الجثث، يقبعون في سجون “قوات سوريا الديمقراطية “مع عدم وجود إجراءات قضائية عادلة في الأفق”، بحسب التقرير.
وأضاف التقرير، أن التنظيم والذي جعل مدينة الرقة عاصمة له في حزيران 2014، عامل المحتجزين من معارضيه بوحشية؛ بل ووضعت رؤوس الضحايا بعد قطعها وسط ساحة النعيم في قلب المدينة.
وبحسب التقرير، اعتقل التنظيم مابين عامي 2013 و2017، عندما سيطر على معظم شمال وشرق سوريا، آلاف الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، ولا تزال أسرهم تعيش في حالة من الحزن وعدم اليقين.
جهاز اعتقال متطور
طوّر التنظيم جهاز اعتقال يتألف من شبكة واسعة من المراكز الصغيرة التي يستطيع أن يفتحها ويغلقها بسرعة بدلًا من سجون كبيرة دائمة، وفق التقرير.
كانت معظم هذه المراكز، بحسب التقرير، في المدن والمناطق المأهولة، الأمر الذي يعود في الأغلب لسهولة تحويل المؤسسات العامة وضم المنازل المجاورة لمجمعات الاحتجاز بدلًا من بناء سجون جديدة.
ولم يحتجز التنظيم الأفراد في نفس المكان لفترات طويلة، ولكنه كان ينقل السجناء باستمرار، وكانت معظم عمليات النقل المعروفة تتم داخل نفس المدينة أو المحافظة في سوريا، بينما كانت التنقلات عبر المحافظات تتم من الشمال الغربي إلى الشمال الشرقي.
152 مركز احتجاز
وتحدث تقرير المركز عن وجود شبكة مكونة من 152 مركزًا للشرطة ومعسكرا تدريبيا وسجونا أمنية سرية لدى تنظيم “داعش”، لاعتقال المدنيين المختطفين وأعضاء الجماعات المسلحة المناوئة، حتى قبل إصدار أحكام الإعدام أو تنفيذها بإجراءات شكلية، في معظم الأحيان.
وأشار المركز إلى أن الآلاف مازالوا في عداد المفقودين ولا تزال محاسبة خاطفيهم بعيدة المنال، لافتا إلى أن أعضاء سابقين آخرين في التنظيم يعيشون في بلدانهم الأصلية التي عادوا إليها بعد إعلان سقوطه.
وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات التي ارتكبها التنظيم “قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وحتى إبادة جماعية في بعض الحالات. ولعائلات الضحايا الحق في معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم”.
واعتمد التقرير على مقابلات مع أفراد سابقين في التنظيم والناجين من المعتقلات أيضاً، وكذلك مع عائلات المفقودين. كما اعتمد على وثائق “داعش” التي تم تهريبها من مكاتبه الأمنية في شمال شرق سوريا.
ويقدم التقرير تحليلا مبدئيا للشهادات الشفوية والتوثيق الخطي بغرض توضيح الأنماط التي استخدمها “داعش” في احتجاز الأشخاص والقيام بشكل فاعل بتحديد مصير ومكان أولئك الذين ما زالوا مفقودين.
ويعد ملف المفقودين أحد أبرز أبعاد النزاع السوري وأكثر إيلامًا، حيث يوجد آلاف الضحايا المفقودين في مناطق سيطرة النظام السوري، بالإضافة إلى مناطق شمال شرقي سوريا، يتسبب اختفاءهم والغموض الذي يحيط بمصيرهم آثار نفسية ومادية سلبية على عائلاتهم.