تصعيد ميداني في درعا بعد 6 أشهر من التسوية الدلالات والتداعيات

شهدت درعا في 15 آذار/ مارس 2022، تصعيداً ميدانياً جديداً؛ خلال محاولة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري مُداهَمة أحد أحياء مدينة جاسم شمال المحافظة، ترافقت مع اندلاع اشتباكات مع مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة المسلّحة، وأسفرت المواجهات عن مقتل وجرح عدد من المدنيين، إضافة إلى ضابط وعدّة عناصر من فرع أمن الدولة، وإعطاب بعض الآليات.

 وقد سارع كل من وُجهاء المنطقة واللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى احتواء التصعيد ومنع انزلاقه إلى مواجهات واسعة. وعليه، اتّفق الطرفان خلال اجتماع ثنائي على العودة إلى التهدئة بعد إطلاق عناصر قوات النظام المُحتجَزين وتسليم جثث القتلى والتراجُع عن اقتحام المدينة.

 ويأتي هذا التصعيد بعد 6 أشهُر من توقيع اللجنة المركزية في درعا واللجنة الأمنية اتفاقَ تسويةٍ جديداً برعاية روسيّة نصّ على عدم ملاحقة المطلوبين وعودة العسكريين المنشقين إلى مراكز خدمتهم دون محاسبة، وتسليم قِطَع السلاح الخفيف والمتوسط بعد عمليات تفتيش تقوم بها قوّة أمنية برفقة الوُجهاء والأعيان. ومع أنّ التصعيد الذي شهدته مدينة جاسم انتهى إلّا أنّه يحمل دلالات عديدة أبرزها: 

 • إصرار النظام على الاستمرار في المُقارَبة الأمنية التي تهدف إلى استعادة السيادة الكاملة على محافظة درعا، عَبْر إعادة احتكار العنف ونزع سلاح المنطقة بشكل نهائي مع تحييد كل الشخصيات التي تَقِف عائقاً أمامه، إما عن طريق التصفية أو الاعتقال.

 • استمرار ضَعْف قدرة النظام العسكرية والأمنية في درعا، فيما لم تُساهم كل اتفاقيات التسويات المتلاحقة وما تضمنته من بنود تنصّ على تسليم السلاح باستعادة مصادر القوّة والسلطة على المحافظة. يظهر ذلك بشكل واضح من خلال قدرة مقاتلي المعارضة السابقين على استخدام السلاح واستهداف قوات النظام وتعزيزاته، عدا قدرة اللجنة المركزية على فرض الشروط التي تَحُول دون انتشار المفارز والحواجز في كثير من المدن.

 • حرص النظام على عدم الانزلاق إلى المواجهات العسكرية، التي قد ينتج عنها اضطرابات وفوضى غير مرغوب بها بالنسبة لدول الجوار. يبدو ذلك كجزء من الالتزامات التي قدّمتها روسيا إلى الفاعلين الدوليين في ملفّ المنطقة الجنوبية كالأردن وإسرائيل. 

على أي حال، لا يبدو أنّ النظام قد يرضى بنتائج التصعيد الذي وقع في جاسم، وربّما يستعدّ للردّ لاحقاً، لا سيما وأنّه لن يقبل بالأعيان والوُجهاء كجهة رقابة على القوّة الأمنية أثناء تنفيذ المُداهَمات؛ لأنّ ذلك يُقوّض قدرته وأهدافه باعتقال العناصر والقياديين من فصائل المعارضة السابقين، الذين باتوا يُشكّلون مصدر تهديد حقيقي له.

المصدر: مركز جسور للدراسات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

أفكار وآمال السوريين بين الاغتراب والداخل

اتسعت ابتسامة السوريين ذلك الفجر المفعم برائحة الياسمين وبعبق قلوب الأمهات تناجي أولادها "تحررنا هل من عودة"، دموع انهمرت لساعات حول العالم كغيمة صيف...
مدينة درعا _ المصدر الانترنت

الحرب الثانية في درعا.. الجفاف ونزيف البشر

على كتف بحيرة، أضحت أثرًا بعد عين، ترامت مراكب صغيرة حملت ذكريات المصطافين لسنوات طويلة غير معلومة، واضمحلت المياه إلى أن تلاشت، ثم تحول...
مستشفى تشرين العسكري

مستشفى تشرين .. مصنع شهادات الموت المزورة لآلاف المفقودين السوريين

الصور الصادمة التي شاهدها العالم لآلاف السوريين وهم يبحثون عن ذويهم المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا، بعد سقوط حكم الرئيس السوري المخلوع بشار...

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...

الأكثر قراءة