تردي الأوضاع المادية تدفع سوري لإضرام النار في جسده بلبنان

توفي لاجىء سوري، متأثراً بحروق من الدرجة الثالثة أصيب بها بعد أن أضرم النار بنفسه، في بلدة تعلبايا بالبقاع الأوسط شرق لبنان.

أضرم السوري بسام الحلاق المنحدر من مدينة داريا بريف العاصمة دمشق، النار في جسده، في منطقة تعلبايا بالبقاع اللبناني، نتيجة تردي أوضاعه المادية، ما أدى إلى وفاته، في مستشفى البقاع متأثراً بحروقه الشديدة من الدرجة الثالثة التي أصيب بها.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو “صادم” يوثق قيام شخص بإضرام النار في نفسه، ويقوم بالمشي والنار تشتعل وتأكل جسده، وسط ذهول مصوّر المقطع الذي اكتفى بالقول: “يا لطيف يا لطيف.

ووفق موقع “بروكار برس” عانت عائلة “الحلاق” ظروفا إنسانية صعبة منذ وصولها إلى لبنان، بسبب ضيق الأوضاع المادية وعدم وجود فرص عمل ودخل ثابت، أو مساعدات إنسانية سواء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو أية منظمات إنسانية أخرى.

ومنذ وصول الحلاق مع عائلته المؤلفة من زوجته وشابين متزوجين لديهما أربعة أطفال أكبرهما يبلغ من العمر 5 أعوام إلى لبنان، بدأت رحلة المعاناة اليومية بالبحث عن قوتهم وتأمين حياة كريمة.

تؤكد زوجة أحد أبناء “الحلاق” في حديث خاص لموقع “بروكار برس”، أن والد زوجها لم يكن يعاني من أية مشاكل نفسية، والدافع الرئيسي لقيامه بذلك بسبب عجزه عن تأمين الطعام والنقود للعائلة، فكل ما كان يأتي من مال يتم ادخاره لدفع إيجار المنزل (400 ألف ليرة لبنانية) وشراء القليل من الأطعمة.

وتضيف: “وضعنا سيء لأبعد الحدود، أقسم لك أننا كنا ننام أحيانا دون طعام، لا يوجد في بيتنا كسرة خبز، نحن الكبار لا نأبه لأنفسنا وإنما حزننا على الأطفال، وكان عمي (والد زوجها) ينظر بحرقة لحالنا ودائما يقول متى سنعيش حياة طبيعية كغيرنا، متى ستتوفر الأطعمة في بيتنا بشكل دائم، ونستطيع شراء ما نشتهي ونرغب”.

وتتابع: “زوجي كان يعمل في أحد المحال، وشقيقه وجد عملا له في مجال الإكساء (..) قبل أزمة كورونا كان وضعنا لا بأس به، ولكن مع هذه الأزمة وعدم توفر فرص العمل بدأت الأوضاع تضيق علينا، مرت علينا أيام لا يوجد في بيتنا خبزة واحدة حتى، وكنا نأكل مما يأتي لنا من الأقارب حولنا والأصدقاء الذين يعرفون وضعنا جيدا، (..) في بعض الأحيان كنا نظل طوال النهار دون طعام وحتى آخر الليل، كل ذلك أثر على والد زوجي والذي كان يحس بالعجز والحزن على حالنا، ولكن لا يظهر لنا شيء”.

وتزيد: “كان ينظر بحرقة إلى الأطفال، طفلي رضيع عمره 8 أشهر، أحيانا كنت أطعمه من طعامنا، هل لكي أن تتخيلي طفل رضيع ماذا يأكل!”.

لم تظهر على “الحلاق” أية علامات قبل الإقدام على إضرام النار بنفسه تدل على أنه سيفعل ذلك، باستثناء خروجه يومها من المنزل باكرا.

وكانت صدمة العائلة عندما وصلها الخبر، حيث سمع ابنه الأصغر أن هناك رجل أحرق نفسه في تعلبايا ويسير في أحد الأراضي، وذهب كغيره ليرى من هو، ولم يعرفه عن بعد ولكن عندما اقترب وجد والده وبدأ يصرخ كـ”المجنون” ولا يريد أن يصدق ما يرى ونزل كل من في المكان على صوته.

حتى الآن تعيش عائلة الحلاق حالة إنكار لما حصل، وتتساءل لماذا وصلت إلى هذه الحال، لماذا لم يقف معهم أحد، لماذا كل الاتصالات التي كانت تجريها لمفوضية اللاجئين وتشرح لها عن وضعها لمساعدتها تأتي بالرفض.

تقول زوجة ابن الحلاق: “أجرينا نحن النساء اتصالات كثيرة مع المفوضية، وكنا نبكي في بعضها، نشرح لهم وضعنا ونقسم لهم أننا كنا ننام في الشتاء والبرد يتسلل إلى أجسادنا لأننا لا نملك مواد تدفئة، وأن منزلنا فارغ من المؤنة والأطعمة، ولكن الرد يأتي قاسيا بأنهم لا يستطيعون فعل شيء”.

وسبق أن أضرم اللاجئ السوري رياض خلف زيبو (43 عاماً)، النار في نفسه في أوائل كانون الثاني من عام 2018، أمام مركز تابع للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بمدينة طرابلس في شمال لبنان، احتجاجا على قطع المساعدات عنه رغم حاجته الماسة إليها مع عائلته، وفق ما قالت زوجته.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

أفكار وآمال السوريين بين الاغتراب والداخل

اتسعت ابتسامة السوريين ذلك الفجر المفعم برائحة الياسمين وبعبق قلوب الأمهات تناجي أولادها "تحررنا هل من عودة"، دموع انهمرت لساعات حول العالم كغيمة صيف...
مدينة درعا _ المصدر الانترنت

الحرب الثانية في درعا.. الجفاف ونزيف البشر

على كتف بحيرة، أضحت أثرًا بعد عين، ترامت مراكب صغيرة حملت ذكريات المصطافين لسنوات طويلة غير معلومة، واضمحلت المياه إلى أن تلاشت، ثم تحول...
مستشفى تشرين العسكري

مستشفى تشرين .. مصنع شهادات الموت المزورة لآلاف المفقودين السوريين

الصور الصادمة التي شاهدها العالم لآلاف السوريين وهم يبحثون عن ذويهم المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا، بعد سقوط حكم الرئيس السوري المخلوع بشار...

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...

الأكثر قراءة