منذ نهاية 2019 بدأ النظام السوري البحث عن آليات لتنويع مصادر الحكومة في سبيل ردّ الدَّيْن المتراكم لحلفائه وتعزيز قدرة الحكومة على الاستمرار في تقديم أعمالها، ممّا جعله يُطبّق عدّة خُطوات تمثّلت ببَدْء تحصيل الضرائب ورفع الدعم تدريجياً عن بعض السلع الأساسية وحصر موارد بعض السلع بيد الحكومة، ومنح حق إدارة بعض الأصول العامة لشركات إيرانية كما هو الحال مع شركة آرد ماشين التي بدأت إدارة مواقع حكومية تتمثل بصوامع وأفران.
ومؤخراً عمل النظام على إنشاء هيئة عامة لمشفى جامعة البعث في المنطقة الوسطى، كما تم وضع مشروع لإنشاء هيئة عامة للثروة السمكية مقرّها اللاذقية، وحوّل مديرية الجمارك إلى هيئة عامّة منفصلة عن وزارة المالية، وفي 4 تموز/ يوليو 2022، أصدر قانوناً لتحويل المدن الجامعية إلى هيئات عامة.
وقد شهدت مرحلة إنشاء الهيئات العامة في سورية انقطاعاً ملحوظاً فصل بين مرحلتين الأولى كانت تتعلق بتحسين كفاءة مؤسسات الحكومة وتحسين قدرتها على الإدارة، والثانية تمثلت بتحسين موارد الدولة.
ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال:
• طبيعة الهيئات المنشأة قبل 2011 والتي حملت طبيعة إدارية لتحسين واقع القطاع، كما هو الحال في هيئة التمويل العقاري وهيئة تنمية البادية السورية، وطبيعة الهيئات المُنشأة مؤخراً كهيئة لإدارة كل مدينة جامعية، وهيئة لإدارة مشفى بحد ذاته وهيئة لإدارة الثروات السمكية على مستوى فرعي في كل منطقة.
• السياق العامّ الذي حمله تأسيس الهيئات العامة مؤخراً والذي يأتي وسط حملة إصلاح مالي وتنويع مصادر الحكومة من خلال تخفيض الدعم ورفع الضرائب واستحداث رسوم عامة.
علماً أنّ الهيئة العامة تُعَدّ وكالة منشأة من قِبل الحكومة في سبيل تعزيز الاقتصاد لتحقيق أغراض عامّة، ووفقاً لهذا المبدأ تعمل الهيئة العامة خارج الإطار الحكومي المُعقّد في سبيل تحقيق موارد وخدمات جيدة وذات كفاءة تنعكس على المستفيدين خدمياً وعلى الحكومة مالياً وعلى الاقتصاد من ناحية استحداث قطاعات جديدة.
ورغم أن الهيئات العامة معروفة في سورية منذ وقت بعيد، إلّا أنّ النظام كان قد اتخذ من إنشاء الهيئات العامة في سورية بين 2008 و2009 نهجاً إصلاحياً لتحسين كفاءة القطاع العامّ في إدارة الاقتصاد السوري، كما هو الحال في الهيئة العامة للتمويل العقاري وهيئة تنمية البادية السورية، والهيئة العامة للثروة السمكية وغيرها من الهيئات.
المصدر: مركز جسور للدراسات