تعيش رغد السّعيد (15عاماً) وهو اسم مُستعار لنازحة في مخيمات كفرلوسين شمالي إدلب، أسوأ أيام حياتها، بانتظار زواجٍ أجبرها الخوف من الموت على قبوله عنوةً.
وتنتشر عادة “الحيار” بكثرة في إدلب، إذ يتم إجبار الفتاة على الزّواج من أحد أقاربها، كما يحدث في حالة “السعيد” التي ستتزوج ابن عمها.
وفي حال لم تنفذ ذلك، فإما ستقتل بذريعة الشّرف أو تجلس في بيتها من دون زواج في حال لم يفك عنها “الحيار”، إذ لا تخفي الفتاة، رفضها لخطيبها، وخوفها من تبعات مخالفة أوامر والدها، “لن يتردد في إيذائي للحظة”.
وتقول: “طلبني عمي ووافق والدي بسرعة”، وكل ذلك ليطبق الأعراف التي تصفها بـ “البالية”.
وفي نهاية 2021، انتحرت صفاء نوار (17 عاماً) النّازحة من بلدة حران جنوب شرقي إدلب، قبل زفافها بثلاثة أيام، بحبة غاز سامة “فوستوكسين”، بعد إجبارها على الزّواج من ابن عمها.
وذكرت مصادر مُقربة من العائلة لنورث برس، أنّ والد صفاء المدعو “صالح نوار” أجبرها على الموافقة بالضَّرب والتّعنيف، بعد رفضها للفكرة.
ورغم أنّ الفتاة حاولت إقناع والدها بالعدول عن رأيه، إلا أنّ جهودها باءت بالفشك، الأمر الذي دفعها لهذا الفعل، حسب المصادر.
وأضافت المصادر: “روجت عائلة صفاء لانتحارها المقصود، على أنّ سبب وفاتها تناولها للحبة بالخطأ”.
ولا تدوم علاقات الزّواج في مثل هذه الحالات كثيراً، لأن نهايتها تكون الطّلاق غالباً، كما قالت عدد من النّساء.
ولم تكن إباء الصّدير (19 عاماَ)، وهو اسم مُستعار لنازحة في مخيمات دير حسان الحدودية، أفضل حالاً من سابقاتها، إذ تطلقت بعد أقل من سنة من ابن عمها الذي يكبرها بخمسة عشر عاماً بعد زواجها بالإجبار.
وعن سبب طلاقها تقول: “كان يعنفني جسدياً ولفظياً بشكل مُستمر”.
ونظراً للأوضاع المادية المُتردية للنازحين وسكان المُخيمات، يُجبر العديدون على تزويج بناتهم في أعمار صغيرة لتخفيف العبء عنهم، حسب سكان محليين.
وتحت عرف “قص الرّدان” الذي يقضي بتجهيز الفتاة منذ ولادتها للزواج من ابن عمها أو “حجزها”، فلا يجرؤ أحد على التّقدم لها، كما شرحت “الصّدير”.
وتقول: “لم ترحمني النّظرة المُجتمعية الدّونية التي تحتقر المطلقة أو الأرملة”.
وبدورها، تحذر نور مرسال وهي مرشدة اجتماعية ونّفسية من خطر هذه الظّاهرة، التي توصل في نهاية الأمر إلى الموت أو الضّياع أو الطّلاق.
واعتبرت “مرسال”، هذا النّوع من الزّيجات “شاذ”، إذ يفتقر إلى أهم شرط وهو قبول الفتاة.
ولا يخلو الأمر من العديد من المشاكل النَّفسية والجسدية، ويعد “الاكتئاب المُزمن” أحد الأمراض التي تتعرض لها “ضحايا هذا الزّواج”، حسب المرشدة النّفسية.
وتعتبر المُرشدة الاجتماعية الحد من هذه الظّاهرة “ضرورة”، يتم العمل عليها عبر تكثيف الحملات التّوعوية، التي تستهدف المجمعات التي ما تزال تطبق الأعراف، إضافة لوضع شروط قانونية صارمة من شأنها الحد من هذه الزيجات.
سمير عوض وهيلين محمد _ نورث برس