حالة من التفاؤل بسقوط نظام الأسد سادت أوساط السوريين، بعضها استند إلى ما أشاعه المدون الاسرائيلي “ايدي كوهين” عن قرار روسي بتنحية الأسد، وأخرى تداولتها مواقع إخبارية على طريقة “خبرني العصفور الأمني” أشارت إلى وجود تحركات استثنائية في القصر الجمهوري، فيما أوجدت الانفعالية على الفيسبوك حالة “استبشار” افتراضية.
أما في عالم الواقع، فمن المفارقات أن التفاؤل ناتج عن قانون قيصر الذي بدأت مفاعيله بالظهور قبل أن يدخل حيز التنفيذ الفعلي المفترض منتصف الشهر الجاري.
مفاعيل تشير قبل كل شيء إلى شبح مجاعة، إذا تم تطبيق القانون بشكل فعال وهو ما طالب به نواب في الكونغرس الأمريكي.
أما السويداء، التي أعادت شيئا من الروح إلى الحالة السورية، فوجد بعض شبابها في تداعيات “قيصر” التي بدأت مبكرة وانعكست بسرعة على سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار، وجدوا فرصة للتعبير عن مواقفهم، وهم يعلمون أن الذين منعوا المحافظة من الانخراط بالثورة بشكل كامل طيلة السنوات الماضية، ليسوا قادرين على منعهم هذه المرة، فالجميع تحت مقصلة الجوع.
أيا يكن الحال، سأنضم لقائمة المتفائلين بسقوط النظام، رغم أن هذا السقوط، إن تم وفق ما يشاع، فسيتم ضمن صفقة دولية ربما تتضمن ملفات عديدة ليس أولها النووي الإيراني وربما لن يكون آخرها صفقة القرن أو سلاح حزب الله، ناهيك عن المسالة الكردية وغيره الكثير الكثير، أما السوريون فلا يبدو أن لهم في هذا الأمر ناقة أو جملا، إلا اللهم إن قدر لنا أن نرى عشرات الآلف من المتظاهرين السوريين في شوارع دمشق وحلب وحماة.
ومثلهم في دول اللجوء، وهذا لا يبدو أنه سيحدث. لكن، ماذا لو سقط الأسد “فجأة” كما نمني النفس؟ ماذا عن اليوم التالي للسقوط؟ وما هي أشكال الفوضى التي ستعصف بالسوريين من قبل خلايا نائمة تمتد حبالها السرية من كهوف أفغانستان إلى ضاحية بيروت مرورا بحسينيات قم وحوزات ومقرات ميليشيات العراق، وما هو كم الأرواح التي ستزهق باسم الله وباسم الوطن وربما باسم الثورة؟.. اسئلة تبدو سابقة لأوانها، وربما يجاب عليها بالقول: فليسقط أولا ومن ثم لكل حادث حديث.
نعم ليسقط أولا فكل شيء أقل سوء من استمرار نظام لم يجلب سوى الدمار والخراب، ولكن هذا لا يعني عدم التحرك والتحضير لـ”اليوم التالي لليلة السقوط”، إلا إذا كان قدرنا أن نكون دائما بين خيارين: الأسوأ والأقل سوءا. الجميع معني بالاستعداد لما هو مقبل، ولكن التشكيلات السياسية والقطاعات الاقتصادية المحسوبة على المعارضة يقع على عاتقها مسؤولية كبرى في المبادرة للفعل وتقديم طروحات سياسية ومجتمعية تجنب سوريا مزيدا من الدماء وتمنعها من الدخول في دوامة جديدة مظلمة.