يواصل النظام السوري خطته المتعلقة بإلغاء الدعم الحكومي من خلال مشروع الاستعاضة عن الدعم عبر البطاقة الذكية بمبلغ مالي محدد، وهو ما يرى فيه مراقبون تمهيداً لاستبعاد فئات واسعة من المواطنين، لا سيما في ظل حالة الإفلاس التي تعاني منها الخزينة.
وتشير التصريحات الرسمية إلى أن الحكومة تدرس مشروع التعويض المالي لشريحة محددة من المواطنين، وذلك في ظل ارتفاع الأسعار العالمية واختلاف سعر صرف الدولار في البلاد.
وقال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم في حديث لوسائل إعلام موالية إن “موضوع الدعم النقدي مطروح حالياً للنقاش مع الفريق الاقتصادي ومجلس الوزراء، وهو اقتراح تم سابقاً كبديل لآلية الدعم الحالية”.
وتابع سالم أن “الأعباء كبيرة على خزينة الدولة وخسائر المشتقات النفطية كبيرة، ولا أحد ينكر الهموم المعيشية التي تواجه المواطن”، مضيفاً أنه “إذا بقيت سياسة الدعم ثابتة من دون رفع بعض الشرائح من الدعم، سنصل إلى عجز عن تقديم الدعم وهذا كلام مرفوض”.
%50 محرومون
تقوم فكرة الدعم النقدي على بيع السلع والخدمات من قبل الحكومة بسعرها الحقيقي، ثم حصر الوفر الناتج عن إلغاء الدعم عن السلع والخدمات، وتقسيمه على الأسر، على شكل مبالغ نقدية شهرية.
ويرى مدير موقع “كلنا شركاء” المعارض أيمن عبد النور أن مقترح التعويض النقدي بدلاً من دعم السلعة “يأتي ضمن خطة ينتهجها النظام السوري أخيراً بدأت باستبعاد نسبة من السكان لا تقل عن 25 في المئة من الدعم”.
ويضيف عبد النور لـ”المدن”، أن “التعويض النقدي يأتي كجزء من الخطة، تتبعه خطوة ثالثة وهي استبعاد نسبة جديدة من المحرومين لتصل نسبة الشرائح المستبعدة إلى 50 في المئة”.
ويأتي الإعلان الرسمي عن مقترح التعويض النقدي، حسب عبد النور، بالتوازي مع “حالة كاملة من الإفلاس بلغها النظام بحيث لن يتمكن من تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين في ظل شح القطع الأجنبي والاعتماد على التبرعات وخطوط الاقتراض طويلة المدى من إيران وروسيا. كما يبدو خيار طباعة العملة المحلية خياراً قاسياً نظراً لتأثيره الكارثي على قيمة الليرة”.
ويتابع عبد النور أن النظام لجأ إلى إجراءات عديدة لتلافي الآثار الناجمة عن حالة الإفلاس، منها إيقاف القروض، ورفع نسبة الفائدة، موضحاً أن “الخطة الجديدة تتمثل بإلغاء كل الدعم الحكومي عبر البطاقة الذكية واستبداله بدفعة نقدية (كاش)، بالتزامن مع رفع عدد كبير من السوريين من الدعم قد يصل إلى 3 مليون شخص”.
عوائق
ويقرأ الباحث الاقتصادي يونس الكريم مشروع التعويض النقدي، بأنه الخطوة الأخيرة من خطة رفع الدعم التي يعمل عليها النظام السوري تنفيذاً لمشروع قديم تم إطلاقه تحت إشراف عبد الله الدردري بين عامي 2008-2009.
ويضيف الكريم لـ”المدن”، أن مشروع الدعم النقدي طرح على طاولة الحكومة من حينها، ويعاود النظام طرحه مجدداً بسبب ضعف السيولة النقدية وانتشار البطالة وضعف القدرة الشرائية، وهو تقدم ملموس في محاولة دمشق تشجيع صندوق النقد الدولي على المشاركة في إعادة الإعمار والحصول على قروض مالية.
بينما يوضح الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن قضية استبدال الدعم العيني بدعم نقدي “تعدّ في جوهرها فكرة إيجابية”، لكنه يقول إن تطبيقها “يحتاج لبنى تحتية غير متوفرة حالياً”.
ويضيف لـ”المدن” أن حكومة النظام ستحتاج “لآلاف المحاسبين، أو توفير آلاف أجهزة الصراف ATM، وكلا الأمرين يعد صعباً بالنسبة لها، فالمقترح من الناحية النظرية جيد، ولكن من الناحية التطبيقية يعد صعباً للغاية”.
في المقابل، يؤكد السيد عمر وجود “جهات شبه رسمية في حكومة النظام تستفيد من نظام الدعم العيني الحالي، كشركة تكامل التي تتبنى البطاقة الذكية، فهي تشكل مورد مالي لجهات عدة، وبالتالي لن تقبل هذه الجهات بتمرير هكذا مقترح”.
محمد كساح _ المدن