وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية الانتهاكات الناجمة عن تعميم وزارة العدل في حكومة النظام السوري رقم “3” لعام 2022، والذي يتناول التوقيف الاحتياطي في حالة انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية في سوريا.
وذكرت المنظمة في تقرير أمس الخميس، أن التعميم يكشف عن نية حكومة النظام الإصرار على إصدار قانون جديد للجريمة الإلكترونية بنسخة مشددة في العقوبات والغرامات، مما لا يدع مكانًا للشك أن السلطات السورية استقبت صدور القانون الجديد بالتمهيد له إعلاميًا وتسريبه، وذلك من أجل التخفيف من حدته وآثاره المتوقعة لتخفيف احتقان الشارع السوري.
ووفق تقرير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، سيكرس هذا التعميم تعطيل حرية الرأي والتعبير والتي هي في الأصل منقوصة بشكل كبير في سوريا وشبه معدومة، على الرغم أنها مصانة نظريًا بالمادة رقم “42\2” من الدستور السوري الصادر عام 2012.
وبحسب التقرير، فإن تمرير قانون “الجرائم الإلكترونية” في سوريا، سوف يشكّل غالبًا خطرًا على أي شخص يعبر عن رأيه في جملة يكتبها، أو رسالة يرسلها، أو حتى طرفة (دعابة) يتداولها مع أصدقائه.
وبذلك فإن حكومة النظام توجه رسالة واضحة، وفق التقرير، إلى السوريين مفادها، أن الملاحقة القضائية ستطال كل من ينتقد السلطة والأشخاص المسؤولين فيها.
ويأتي هذا، مع تصاعد حدة النقد في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المواطنين لأداء الحكومة وعجزها عن تأمين المواد الأساسية، واجتياح موجة غلاء الاسعار وانتشار الفقر بين السوريين وصعوبة تأمين الكهرباء والمحروقات التدفئة في للأهالي في مناطق سيطرتها.
ماهو تعميم وزارة العدل؟
وصدر من وزارة العدل في حكومة النظام السوري، في 23 من كانون الثاني الماضي، تعميم يتضمن التوقيف الاحتياطي في حالة انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية.
وشدد التعميم على أنه وقبل اتخاذ القرار بالتوقيف الاحتياطي، فإنه من واجب القاضي الجزائي أن ينظر في ظروف وملابسات كل قضية، ليكوّن قناعة موضوعية وواقعية، ويستخدمه بحذر “لمراعاة” الحد الفاصل بين حرية التعبير عن الرأي، وحقوق المواطنين والإدارة العامة والموظف العام”.
واعتبر المحامي العام الأول بدمشق، أديب مهايني، أن التوقيف الاحتياطي هو تدبير “احترازي وليس عقوبة”، إذ تُدرس كل قضية على حدى لتقدير إمكانية إطلاق سراح الشخص، ومتابعة محاكمته وهو طليق، أو إيقافه احتياطيًا لحين صدور القرار النهائي الذي يحدد البراءة أو الإدانة.
التعميم عزز المجال للقضاة من أجل محاكمة بعض الأشخاص المتهمين بارتكاب “جرائم إلكترونية” وهم طلقاء (غير محتجزين)، أو حجز حريتهم بشكل احترازي في حال استدعت القضية ذلك، بحسب قناعة القاضي.
التوقيف الاحتياطي
هو سلب حرية المتهم وإيداعه في السجن خلال فترة تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته إلى أن ينتهي وفق ضوابط قررها القانون، حتى ينتقل التحقيق إلى مرحلة المحاكمة.
يمس “التوقيف الاحتياطي” حرية المتهم، ولذلك فقد اشترط القانون إصدار مذكرة التوقيف من قبل قاضي التحقيق حين تكون الجريمة خطيرة، واستجواب المتهم، وأخذ رأي النيابة العامة.
وكان مجلس الشعب السوري، قد أقر القانون بشكل رسمي يوم 17 آذار الماضي.
ويطبّق القانون على كل ما يُنشر عبر الشبكة إلكترونيًا، سواء كان ذلك عبر وسائل إعلام مرخصة أو مواقع إلكترونية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبإقرار مشروع القانون والذي أعدته “وزارة الاتصالات”، تم إلغاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم 17، لعام 2012، والذي كان ساريا قبل صدور القانون الجديد.