حذرت الأمم المتحدة من تضرر خمسة ملايين شخص من أزمة مياه الشرب المستمرة في شمالي وشمال شرقي سوريا، معربة عن توقعها تراجع إنتاج القمح هذا العام في عموم البلاد.
استجابة موحدة لأزمة مياه الشرب
وبحسب تقرير نشرته أمس الثلاثاء، دعت المنظمة إلى “استجابة متعددة القطاعات”، بقيمة 251 مليون دولار لمساعدة 3.4 مليون من الأشخاص الأكثر تأثرًا خلال الأشهر الستة المقبلة.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، “لم يتمكن الناس عبر الأجزاء الشمالية من سوريا من الوصول إلى مياه آمنة وكافية على نحو موثوق به بسبب انخفاض مستويات المياه وتعطل أنظمتها، والقدرة التشغيلية المنخفضة أصلًا لمحطات المياه”.
ولفت دوجاريك إلى أن نقص مياه الشرب الآمنة سيؤدي إلى زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، ويقلل من خط الدفاع الأول الحاسم لوقف جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، كما أنه سيؤدي إلى نقص الكهرباء.
كذلك فإن نقص المياه سيزيد من إجهاد الصحة العامة ونظام التعليم، ويؤثر بشكل غير متناسب على الصحة العامة والإنجابية للنساء والفتيات، وفق دوجاريك.
انخفاض 40% في مياه الشرب
وأصدرت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر“، في 1 من تشرين الأول الحالي، تقريرًا حول وصول المياه الصالحة للشرب إلى السكان في سوريا، إذ أدى النزاع المستمر منذ أكثر من عشر سنوات إلى إضعاف الوصول إلى الخدمات الأساسية في سوريا، بما في ذلك الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.
ووفق التقرير، يمثل الوصول إلى مياه الشرب الآمنة تحديًا يؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا، التي أصبحت الآن تعاني من مياه شرب أقل بنسبة تصل إلى 40% عما كانت عليه قبل عشر سنوات.
وأشار التقرير إلى أن مسببات أزمة المياه عديدة ومعقدة، إلا أن الأمر الوحيد الواضح هو أنها من النتائج المباشرة وغير المباشرة للصراع المستمر.
كما تضررت أنظمة المياه بسبب أعمال العنف، وعدم إجراء الصيانة المناسبة، إضافة إلى فقد المرافق ما بين 30 و40% من الموظفين الفنيين والمهندسين اللازمين للحفاظ على عمل الأنظمة، إلى جانب مغادرة الكثير من الخبراء سوريا، بينما تقاعد آخرون.
اقرأ أيضاً تقرير: 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي
القمح وتوقعات بانخفاض إنتاجه
إلى ذلك، وفي شأن ذي صلة، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، عن توقع انخفاض إنتاج القمح في سوريا للموسم الحالي إلى النصف، مقارنة مع الموسم الماضي، وارتفاع معدل الجوع وانعدام الأمن الغذائي.
وبيّن ممثل المنظمة في دمشق، مايك روبسون، أن موسم الأمطار الذي انتهى في آذار الماضي، شكّل السبب الأكبر لمشكلة تراجع المحصول في سوريا، ولكنه لم يكن السبب الوحيد، إذ كان لارتفاع درجات الحرارة في الشهر اللاحق تداعيات لناحية عدم اكتمال نمو الحبوب، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المسؤول الأممي أنه “شهدنا ارتفاعاً لناحية انعدام الأمن الغذائي العام الفائت، ونتوقع ازدياداً إضافياً هذا العام، إنّه أمر مقلق للغاية”.
ونوه إلى أنه من شأن تراجع إنتاج القمح وزراعات كثيرة أخرى أن يزيد من معاناة شعب استنزفه نزاع دام مستمر منذ عقد، وانهيار اقتصادي حاد، حيث سينعكس ذلك على ارتفاع في أسعار الخبز والسلع الرئيسية، في بلد يشكو فيه 60 % من السكان، أي نحو 12.4 مليون شخص، من انعدام الأمن الغذائي.
وفي وقت سابق، كشف رئيس “مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين”، التابع للنظام السوري، محمد الخليف، أن إنتاج القمح للعام الحالي انخفض عن الإنتاج في العام الماضي، مبيناً أن إنتاج سوريا في العام الحالي كان بحدود 400 ألف طن بالكامل في حين تتجاوز حاجة البلاد مليون طن من القمح سنوياً.
ويأتي انخفاض المحاصيل في الوقت الذي يحذّر فيه خبراء ومنظمات إنسانية، منذ أشهر، من كارثة في شمال وشمال شرقي سوريا، من جراء تراجع منسوب نهر الفرات، ما يهدد أيضاً بانقطاع المياه والكهرباء عن ملايين السكان والحقول الزراعية.