حقق حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن ورائه النظام، هدفين من أهدافه في مرمى المصائر. ويُوصف الحزب، بالحاكم في سورية، وصاحب المادة الثامنة الشهيرة، والهدفان هما الوحدة والاشتراكية، فحقق الوحدة العربية مع روسيا السلافية الأرثوذكسية، وإيران الفارسية الشيعية الصفوية! وننتظر وحدة مع كوريا الشمالية.
وروسيا بعيدة تفصل بيننا أنهار وبحار، وإيران نائية تفصل بيننا أقطار وأوعار وبوادٍ وأشجار. كما أن لحزب البعث العربي الاشتراكي جوارا مع أمريكا التي تحتل أغنى محافظة سورية، وفي بطنها الذهبان الأصفر والأسود، فهي وحدة أيضاً، أو أدنى منها قليلاً، مع بعض العتاب لأمريكا بين الفنية والأخرى، لأنها تأبى التنسيق معنا كما قال وليد المعلم وزير خارجيتها. وربما حقق الحزب هدف الحرية، فقد تحررت من نير شعبها المتخلف الأموي البدوي الوهابي، فطوبى لسوريا، وكووووول لسوريا الأسد.
أما الاشتراكية فلنا فيها كلام..
يبدي الإعلام السوري الرسمي سعادته باحتفالات روسيا في سورية بعيد النصر في أكتوبر في نوفمبر، ليس علينا، بل على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، بمشاركة بعض الضباط السوريين في حميم، الذين وضعوا على أكتافهم بعض الشرائط الطلائعية الملونة، وأبدوا سعادتهم بالنصر، فنحن وروسيا منتصران في أكتوبر، الذي اسمه تشرين عندنا، وفي مصر اسمه نصر رمضان، وكانت سوريا البعث تبخل بإطلاق اسم شهر رمضان على حرب تشرين أو أكتوبر، التي حدثت في رمضان، لأنه شهر ديني بدوي ووهابي وأموي، وهي دولة علمانية عربية!
ولعلم القارئ سبب اضطراب المواعيد الروسي، واحتفال الروس بأكتوبر في يوليو، هو تغيير لينين للتقويم الغريغوي باليولياني مرة، و أجلّته الكورونا مرة ثانية، الاحتفالات ضرورية في الدكتاتوريات، فأمس احتفل النظام السوري بعيد اليوغا في دمشق!
ونعلم أن النظام تؤجر موانئ مفروشة سورية لروسيا لمدة أبدية هي نصف قرن! وأنها باعت عقيدتها الدينية والثقافية لإيران، مقابل تمديد استئجار قصر المهاجرين للرئيس السوري، وهي أهم من الموانئ والمطارات، فرأينا تلاميذ في دير الزور يشتمون عمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما، وليس ترامب ونتنياهو، وكأنَّ الشتائم نشيد وطني!
لكن الأسد الذي يتوقع كثيرون أنه استوى على النار ونضج من أكل الكاجو، وشفَّ من غرام لونا الشبل، وحان قطاف رأسه، لا يزال يظنُّ أن هناك كنوز كثيرة يمكنها رفع الليرة التي نزلت إلى الحضيض، وتمديد الأبد إلى أبد ثان، فقد ذكرت صحف ووكالات إعلامية أنَّ تسعين بالمائة من الشعب السوري صاروا تحت خط الفقر والرقعة، وأنه سُجلت حالات كثيرة لبيع الأعضاء، وأن عملة اسمها الأعضاء البشرية حلّتْ محل الليرة السورية، والتعامل بالدولار محرّم في سوريا باللغة الدينية، أو ممنوع باللغة المدنية، ويظن الأسد أن سوريا غنية، وكنوزها لا تنتهي، فالسوري لا يزال منجماً ذهبياً، فعنده ما يلي من الكنوز التي تنوء بها العصبة أولي القوة:
– عينان درّتان، واحدة زائدة وتكفيه عين واحدة يرى بها إنجازات الحركة التصحيحية الثانية التي قادها بشار الأسد، وانتصاراته، ونصر أكتوبر الروسي، وبقعة ضوء، وضيعة ضايعة.
– والكلية الثانية هي أصلاً كلية احتياطية.
– ويمكنه بيع المعدة أو نصفها أو ربعها، ما دامت خالية عاطلة عن العمل.
– والقلب ميت شوقاً إلى الحرية.
– وهناك كنوز أخرى مثل الدم، وهو رخيص، فقد كان السوري مجبراً دوماً على الهتاف بالروح والدم نفديك يا حافظ، ثم بالروح والدم نفديك يا بشار.
– وهناك البلازما ونخاع العظم، وهي بلازما مقاومة وممانعة، ويمكن تعويضها في يوم أو يومين مع صلاة اليوغا.
– وهناك أعضاء أخرى للزينة مثل الشعر، لكن الطلب على الشعر قليل، ومصدره خارجي غالباً، وهو ينمو بمعدل بطيء أقل من نمو البلد اقتصادياً، وهو 15 سم سنوياً، ثم إن الشعر السوري ساء ت جودته في السنوات الأخيرة بسبب الجوع والخوف، فالخوف نصب الشعر مثل الشوك حتى تصلّب.
– وهناك خلايا جذعية تحتاج إلى تجار وأطباء بارعين لبيعها وعصرها من العظام
– وحيوانات منوية وبويضات، وحليب الأمهات، وقد جف لبن الأمهات من اليأس.
– ولا أظن أن للأرحام السورية سوقاً، وهي محرمة بيعاً، فالسورية تباع مع رحمها، تحت اسم عقد زواج.
ويرى بعضهم أن سبب إقبال بعض السوريين على بيع أعضائهم هو رئيسهم الذي باع بلدهم، ونرى نحن أن سبب رواج هذه العملة هو زهد السوري القديم في صوته الانتخابي، الذي كان يرميه في صندوق الانتخاب كل سبع سنوات رئاسية، أو كل أربع سنوات برلمانية، وكأنها صندوق قمامة.
لقد عاش السوري منذوراً، شهيداً، ليس له حتى صوته. فمن كنا نفديه بالروح والدم، صار سعره دولار واحد.
الكاتب : أحمد عمر /زمان الوصل