أبعاد العملية التركية الجديدة في العراق وسورية

أطلقت تركيا في 1 شباط/ فبراير الجاري، عملية عسكرية جديدة في سورية والعراق تحت اسم “نسر الشتاء” ضدّ حزب العمال الكردستاني، تم فيها استهداف ما لا يقل عن 80 موقعاً ضِمن 3 مناطق رئيسية وهي “سنجار” في محافظة “نينوى” و”المالكية” و”كراتشوك” في محافظة الحسكة.

ويُلاحَظ أنّ العملية الجديدة تأتي بعد مرور عام على انتهاء عملية “مخلب النسر (2)” رغم عدم تحقيق الأهداف المنشودة منها، وبعد أقل من 6 أشهر من شنّ تركيا حملة جوية ضد “PKK” في العراق وسورية.

وهذه المرّة الأولى التي تُطلِق فيها تركيا عملية عسكرية في سورية والعراق معاً، فالعمليات السابقة كانت تقتصر على أحد البلدين. ويبدو أنّ الهدف الرئيسي من ذلك هو قطع خطوط الإمداد والاتصال بين قيادة حزب العمال الكردستاني في “قنديل” ووحدات الحماية الكردية وقوات سورية الديمقراطية في سورية؛ فمنذ السيطرة على قضاء “سنجار” شمال غرب العراق عام 2017 أصبح “PKK” يمتلك قدرة أكبر على تأسيس قواعد عمليات متقدمة قرب سورية يستخدمها لتعزيز قدراته فيها؛ حيث يقوم بنقل الأسلحة والذخائر والأموال والكوادر بالاتجاهين؛ عَبْر شبكة من الأنفاق والكهوف وخطوط التهريب على طول الجبال.

في الواقع، إنّ تنفيذ عملية “نسر الشتاء” وأي تحرُّك محتمل في سورية لا يُمكن أن يتم دون وجود تنسيق بين تركيا والولايات المتحدة أو على الأقل عدم اعتراض هذه الأخيرة. ويُلاحَظ أن التحالف الدولي قام بعملية إنزال في “أطمة” شمالي إدلب، واستخدم فيها الأجواء التركية، بعد يوم واحد من بَدْء عملية “نسر الشتاء”، بما يعكس التنسيق الأمني رفيع المستوى بين البلدين، والذي يندرج في الغالب ضِمن مبدأ المقايضة، أو سياسة خُطوة مقابل خُطوة، حيث يُقدّم كل طرف تنازُلات للآخر مقابل تحقيق مصالح الحد الأدنى للطرفين.

ومن غير المستبعَد أن تنتقل عملية “نسر الشتاء” لاحقاً من القصف الجوي إلى التوغّل البري على غرار العمليات السابقة، لكن لا يبدو أنّ أي تحرُّك في هذا الصدد قد يشمل محافظة الحسكة، بينما المتوقَّع بحال عزمت تركيا على تنفيذ هجمات بريّة في سورية أن تستهدف المنطقة الواصلة بين عمليتَيْ “نبع السلام” و”درع الفرات”.

ومع ذلك، تركيا لا بُدَّ أن تحرص على عدم التصادُم مع روسيا في سورية ودون أن تُفوِّت فرصة الضغط عليها لتنفيذ مذكرة “سوتشي” (2019) سواءً بشكل مشترك أو مستقل، الذي يعني قيام القوات التركية مع فصائل المعارضة بمهامّ إخراج “حزب العمال الكردستاني” من المنطقة الآمنة بعد ضمان انسحاب القوات الروسية من منطقة العمليات المحتملة على غرار ما فعلت قُبيل انطلاق عملية “غصن الزيتون” (2018).

المصدر: مركز جسور للدراسات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

صوت الحذر في زمن الانفتاح.. سوريا على مفترق طرق

سامر الطه_ سيريا برس يبدو أن شرفة جديدة بدأت تنفتح، ليطل منها الشعب السوري على محيطه العربي والاقليمي، ونتمنى أن تكون ممر لفتح بوابة كبيرة...

ابحث عن تقاطعك معي.. لا عن قطيعتي

سامر الطه_ سيريا برس  في رسالة الإسلام، تبدأ فكرة التغيير من الداخل، من الإنسان نفسه. فالتغيير ليس مجرد شعار يُرفع أو رسالة يُنادى بها،...

أفكار وآمال السوريين بين الاغتراب والداخل

اتسعت ابتسامة السوريين ذلك الفجر المفعم برائحة الياسمين وبعبق قلوب الأمهات تناجي أولادها "تحررنا هل من عودة"، دموع انهمرت لساعات حول العالم كغيمة صيف...
مدينة درعا _ المصدر الانترنت

الحرب الثانية في درعا.. الجفاف ونزيف البشر

على كتف بحيرة، أضحت أثرًا بعد عين، ترامت مراكب صغيرة حملت ذكريات المصطافين لسنوات طويلة غير معلومة، واضمحلت المياه إلى أن تلاشت، ثم تحول...
مستشفى تشرين العسكري

مستشفى تشرين .. مصنع شهادات الموت المزورة لآلاف المفقودين السوريين

الصور الصادمة التي شاهدها العالم لآلاف السوريين وهم يبحثون عن ذويهم المعتقلين والمختفين في سجن صيدنايا، بعد سقوط حكم الرئيس السوري المخلوع بشار...

الأكثر قراءة