واقع دعم المشاريع النسائية الصغيرة في مدينة شانلي أورفا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا

تدعم منظمات المجتمع المدني المتخصصة في التنمية وريادة الأعمال، المشاريع الاقتصادية للاجئات السوريات في مدينة شانلي أورفا، بهدف تمكين النساء اقتصادياً وتوفير فرص العمل لهن وموارد سبل العيش، ومساعدتهن على إدارة حياتهن وتنمية مهاراتهن لإتاحة الفرصة لهن لتحقيق الذات حرصاً على أن يَكُنَّ عناصر فاعلة ومنتجة غير اتكالية للنهوض بالمجتمع.

تقول نور سيد رباح، إحدى المستفيدات من المشاريع الصغيرة في مدينة شانلي أورفا، وصاحبة مركز اليمامة للتجميل والتصوير: ساهم هذا المشروع في تغيير حياتي وحياة عائلتي نحو الأفضل ولاسيما إني المعيلة الوحيدة للأسرة في ظل عطالة زوجي عن العمل، وكان عاملاً مهماً في تحسين دخلنا إلى ما فوق المتوسط، وساعدني على تسديد جميع الديون المتراكمة.

تشير نور إلى انها خضعت لدورة تدريب مهني مدتها عام كامل لتتعلم مهنة الحلاقة النسائية، وهذا ساعد في دعم مشروعها من منظمة INGEV، ودخلت إلى سوق العمل بعد التحاقها بتدريبات عديدة منها ريادة الأعمال، والمحاسبة، ودراسة المشاريع. وتوضح نور أن الدعم المادي لمشروعها كان عبارة عن أدوات ومواد للصالون بقيمة 117 ألف ليرة تركية، كما ساهمت المنظمة في استخراج التأمين وأذونات العمل، ودفع مستحقات المحاسب القانوني لمدة عام.

تدير منظمة INGEV وفق موقعها الإلكتروني، برامج اجتماعية متعددة المراحل، خاصة لمعالجة تحديات سبل العيش للفئات الاجتماعية الأكثر احتياجًا، مع التركيز بشكل أساسي على اللاجئين والنساء والشباب والأطفال والمعوقين والفئات ذات الدخل المنخفض.

تصف نور مشروعها وتجربتها في ريادة الأعمال بالرائعة والناجحة، وتنصح السيدات السوريات بخوض غمار التجربة وعدم الاعتماد على المساعدات، والعمل على تطوير مهاراتهن والعمل على مشاريعهن الخاصة لأنه حسب تعبيرها تؤمن دخلاً مادياً أفضل بكثير من العمل عند الآخرين، وتكون المستفيدةُ سيدة نفسها وقراراتها.  

المشاريع الريادية للنساء

تقدم منظمات عديدة في مدنية شانلي أورفا الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للاجئات السوريات، منها منظمة ملهم، وعطاء، والفرات، وهورايزن وغيرها، وتوفر كل منها حسب اختصاصها وبرامجها والإمكانيات المتاحة تدريبات مهنية (حلاقة نسائية، خياطة، كروشيه، شمع، ريزين..الخ)، لمساعدة النساء على تعلم مهنة والعمل بموارد بسيطة.

ومن هذه المنظمات أيضاً “منظمة وقف التنمية البشرية_ INGEV” التي تعمل في تطوير ودعم الأعمال، وفق مدير مركز تطوير الأعمال ومنسق فريق التواصل في المنظمة الأستاذ فراس رمضان الذي قال في حديث خاص إلى سيريا برس، تعمل المنظمة منذ سنوات في تطوير المشاريع والاستشارات، ولها أعمال كثيرة منها مشروع “جسور 4” الذي نفذت منه المنظمة المرحلتين الثانية والثالثة بنجاح، ويقدم تدريبات مهنية ودعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

يستفيد من مشروع جسور الحالي 60% رجال و40% نساء من المقيمين بمدينتي أورفا وكيليس، ويهدف المشروع إلى إنشاء أكثر من مئة شركة سنوياً، ويترتب على المستفيدين التقديم عبر رابط الكتروني تنشره المنظمة عبر معرفاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتم تقييم المشاريع من لجنة مختصة حسب الوضع الاجتماعي للمتقدم ومدى خبرته، وفكرة المشروع وإمكانية تحقيقه وفرص نجاحه.

يضيف رمضان في المرحلة التالية تتم دعوة الأشخاص الذين تم اختيارهم لمقابلة أولية بغاية تقديم شرح وافٍ عن مشاريعهم، وكذلك تقوم المنظمة بتقديم توضيحات عن شروط البرنامج، والمتأهل من هذه المرحلة يخضع لدورتين تدريبيتين في ريادة الأعمال أولية ومتقدمة لتطوير فكرة العمل المقترحة، الأولى مدتها 4 أيام بواقع 20 _25 ساعة تدريبية، والثانية مدتها 5 أيام بواقع 30 ساعة تدريبية، يتدربون فيها على أعداد خطط العمل والتسويق والمحاسبة وغيرها.

تقابل لجنة مختصة الناجحين بعد تعديل وتقديم مشاريعهم بشكل نهائي، وتفوز المشاريع المستحقة بالمنحة التي تتكون من شقين، شق يتعلق بتقديم معدات ومواد أولية قيمتها 125_135 ليرة تركية، والشق الثاني هو الترخيص للمشروع واستصدار أذن العمل، ودفع أجور المحاسب لمدة سنة كاملة، وبعض المستفيدين وفق أوضاع خاصة يتم دفع قيمة آجار المنشأة الخاصة بهم لمدة ثلاثة شهور.  

أهمية المشاريع الصغيرة للاجئات

تشير دراسة أجراها البنك الدولي إلى أن معدل توظيف النساء السوريات اللواتي تتراوح أعمارهن بين (30_ 44) هو 7٪ فقط.  وورد في الموقع الرسمي لجامعة “كوش_ KOÇ KAM” أن المرأة السورية غائبة إلى حد كبير عن سوق العمل الرسمي في تركيا.

كما أشار تقرير صادر عن مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية بجامعة بهجيشهر (BETAM) إلى أن ثلاثاً من كل أربع نساء سوريات يحصلن على الحد الأدنى للأجور، وفي المتوسط تكسب النساء السوريات أقل 20٪ من الرجال السوريين.

تنص المادة 23 من الميثاق الدولي لحقوق الإنسان على أن لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة. كما أكدت أن لجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجرٍ متساوٍ على العمل المتساوي. وحقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية.

ونصت المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكل فرد الحق في العمل ويعتبر هاذ الحق أساساً لإعمال حقوق الإنسان والتمتع بحياة كريمة. يشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لكل فرد لكسب رزقه عن طريق أداء عمل يختاره أو يرتضيه بحرية. 

 العمل بالنسبة للاجئات السوريات في تركيا ضرورة ملحة وفق الأستاذ سامر الطه مدير منتدى التطوير المجتمعي، خاصة للنساء اللواتي ليس لديهن معيل، والمساعدة على فتح مشاريع خاصة بهن يتيح تأمين دخل جيد لهن، ويجنبهن الاستغلال في سوق العمل فيما يتعلق بالرواتب وساعات العمل الطويلة التي لا تتناسب مع الجهد الجسدي المبذول، والعمل دون عقود تضمن حقوقهن وغير ذلك الكثير.

 ومن جانب آخر تتيح المشاريع الصغيرة للسيدات الاستقلالية التامة في العمل وتجنّبهن المضايقات والتحرشات التي نسمع عنها في كثير من أماكن العمل، وتفتح لهن نوافذ جديدة قد يستطعن من خلالها تطوير مشاريعهن وتوسعتها، وذلك بعد اكتسابهن خبرة جيدة تزيد فرصهن في رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لهن ولأفراد عوائلهن.

وقانونياً توفير التراخيص اللازمة للمشروع من قبل المنظمات الداعمة للمشاريع الصغيرة يشعر صاحبة المشروع بالحماية والأمان، ويمنحها ثقة بالنفس بأنها على الطريق الصحيح، ومن الناحية الاجتماعية تؤمن هذه المشاريع للمرأة حماية شخصية أفضل، وتمنحها فرصة للتواجد مع أطفالها بشكل أكبر، كونها المتحكمة بطبيعة عملها وعدد ساعاته، ويخلق داخل الأسرة روح المبادرة والإصرار والتعاون على إنجاح مشروعهن ودعمه، كونه يؤمن مساحة آمنة جيدة. بحسب الطه.

وفق دراسة صادرة عن جامعة “كوش”، لم يكن لدى النساء السوريات في تركيا خبرة عملية وتدريب متخصص ورأس مال اجتماعي عند وصولهن. وأكد اللاجئون أنفسهم أن المبدأ المعياري الذي يقضي بعدم وجوب عمل المرأة خارج المنزل يلعب دورًا مهمًا في تجارب النساء كلاجئات في البلد المضيف.

لذلك تلعب مشاريع سبل العيش ذات الطبيعة الاقتصادية التنموية دورًا مهماً في تمكين النساء وتأمين بيئة عمل آمنة تناسب احتياجاتهن، وتوفر لهن مساحة آمنة تراعي ظروفهن الاجتماعية والعادات والتقاليد، لذلك لابد من الدفع باتجاه دعم برامج وأنشطة التمكين الاقتصادي الهادفة إلى زيادة القدرة على امتلاك النساء لأعمالهن الخاصة، حرصاً على تفعيل دور المرأة في المجتمع ودعمها اقتصادياً لحمايتها من العوز والاستغلال.

غصون أبو الذهب

‘‘تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR“صحفيون من أجل حقوق الإنسان”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر الأخبار

سوريّات في فخ “تطبيقات البث المباشر”..بين دعارة إلكترونية واتجار بالبشر

يستقصي هذا التحقيق تفشي “تطبيقات البث المباشر” داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال “الدعارة...

ابتزاز واغتصابٌ وتعذيب.. سوريون محاصرون في مراكز الاحتجاز اللّيبية

يستقصي هذا التحقيق أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافاً للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم...
ماروتا سيتي دمشق

كعكةُ “ماروتا سيتي” بمليارات الدولارات

آلاف الأسر تتسوّل حقّها بـ"السكن البديل" على أبواب "محافظة دمشق" يستقصي التحقيق أحوال سكان منطقة المزة – بساتين الرازي في دمشق، بعد تهجيرهم من بيوتهم...
جمعية الأمل لمكافحة السرطان

معاناة اللاجئات السوريات المصابات بمرض السرطان في تركيا

تصطدم مريضات السرطان من اللاجئات السوريات في تركيا بحواجز تمنعهن من تلقي العلاج على الوجه الأمثل، بداية من أوضاعهن الاقتصادية الصعبة والاختلاف في أحقية...

خدمات المساعدة القانونية المجانية للاجئين السوريين في تركيا

غصون أبوالذهب _ syria press_ أنباء سوريا الجهل بالحقوق القانونية للاجئين السوريين في تركيا يقف حجر عثرة أمام ممارسة حقهم بالوصول إلى العدالة، ويمنعهم...

الأكثر قراءة