تناول تقرير للمركز دراسات سياسية، دلالات عدم حضور النظام السوري قمة بغداد، وتأثير ذلك على محاولات إعادة تعويمه مجددا إقليميا ودوليا من قبل روسيا ودول أخرى.
وعرض مركز “جسور للدراسات” تقريراً قال فيه إن قمة دول جوار العراق، التي عقدت في بغداد مؤخراً، شكّلت اختراقاً دبلوماسياً وسياسياً للحكومة العراقية، لكنهاولت أيضاً إخفاقاً وعمقت عزلة النظام السوري على الرغم من النفوذ الإيراني في العراق.
القمة إخفاق للنظام السوري
وقال التقرير إنه “مثلما كانت القمة إنجازاً لبغداد، كانت إخفاقاً للنظام السوري، باعتباره أبرز الغائبين عنها”، مشيراً إلى أن سوريا “هي دولة الجوار الوحيدة التي لم تدع إلى القمة، رغم كلِّ المحاولات التي بذلتها إيران وحلفاؤها في العراق من أجل دعوة النظام، أو حتِّى فبركة الدعوة”.
وأضاف أن “غياب أو تغييب النظام السوري، يُظهر أن الطريق إلى فك الحصار الدبلوماسي المفروض عليه ما زال طويلاً، فالقمة عُقدت في بلد يصنّف حليفاً لمحور إيران، حيث رفض العراق أو امتنع عن التصويتِ على كل القرارات العربية التي تدين النظام خلال السنوات العشر الماضية”.
وبيّن التقرير أن إيران “تتمتع بنفوذ كبير في بغداد، لا يفوقه إلا نفوذها في بيروت، ومع ذلك فإنّ هذا النفوذ لم يُمكن حلفاء النظام من تأمين دعوة له، أو حتى منحه شرف الغياب عن القمة باعتذار رسمي”.
وبحسب “جسور للدراسات”، فإن القمة “عكست أن النظام السوري معزول عن محيطه، وأن جهود فاعلين عرب وغير عرب في السنوات الأخيرة لإعادة تعويمه لم تنجح، ولن تنجح، من دون التوصل إلى حل سياسي دولي، بما يعني تقديم النظام وحلفائه لتنازلات فعلية، وتعديل التوازنات الحالية التي تم فرضها بالحديد والنار والغازات السامة”.
ولفت التقرير إلى أن “هذا التغييب يظهر أن النفوذ الإيراني الذي بنته في العراق على مدار السنوات الثماني عشرة الماضية لم يمكنها من السيطرة على قراره، ولم يمكنها من فرض وقائعها على الفاعلين الإقليميين والدوليين، فصناعة الميليشيات يمكن أن تغير من موازين المعارك الصغيرة، لكن لا يمكن بها وحدها الانتصار في الحرب”.
وختم “جسور للدراسات” تقريره بالقول إن ذلك “درس ينبغي أن تدركه إيران في سوريا، وتدرك معه أن عزلة حليفها الذي قاتلت إلى جانبه في مواجهة شعبه هي عزلة لسياساتها ومشروعها، وأن الخروج من العزلة يستدعي منها هي الأخرى إعادة التفكير في مشروعها التوسعي الطائفي في المنطقة”.
عدم دعوة بشار للقمة
وبالنسبة لعدم دعوة بشار الأسد لحضور القمة، يرى عضو البرلمان العراقي السابق، الدكتور عمر عبد الستار، أن عدم دعوته يعني عدم الاعتراف بالمحور الإيراني.
وأشار عبد الستار في حديث إلى “أورينت نيوز”، إلى أن الدول الغربية تدفع باتجاه ابتعاد بغداد عن إيران، بوسائل دبلوماسية.
كان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بعد وصوله إلى بغداد السبت الماضي، إنه كان من الضروري دعوة سوريا إلى مؤتمر “قمة بغداد”، باعتبارها “جارة مهمة للعراق”.
وصرح وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في 24 من آب الحالي، بشأن عدم دعوة سوريا أن “لدى العراق علاقات جيدة مع النظام السوري، والعلاقات الدبلوماسية مع سوريا لم تنقطع أبدًا”، و”مسألة سوريا مسألة خلافية، وليست معنا”.
ونقل موقع “روسيا اليوم” عن مصادر لم يسمها، في 17 من آب، أن “أحد شروط ماكرون لإنجاح المؤتمر، كان عدم دعوة الأسد إلى بغداد، فهو يرفض الجلوس معه”، كما اتفقت الحكومة العراقية مع ماكرون في رأيه لعدم إحراج بقية القادة.
وحضر القمة السبت الماضي، كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد.
وترأس وفد الإمارات الشيخ محمد بن راشد، ومثّل الشيخ صباح خالد الحمد الصباح الكويت، كما مثّل السعودية وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، و إيران وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، بالإضافة إلى وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو.