كان يجب أن نتغيّر معاً، ليس من أجل أن نبقى بجانب بعضنا، بل كي نُكْمِلَ الطريق معاً، أيتها السيدة السورية! شريكتي في قيم الثورة ومراماتها. لا يمكن لي أن أتغيّر وحدي، وأفتح فمي لأعبِّر، وأنفض عن لساني صدأ الخرس الذي أصابني سنوات طويلة، لأكتشف أنه لم يلغني، وأن ثمة صوتاً مخنوقاً يمكن أن يتحول إلى صوت طبيعي ويصرخ!
وهل ستبقين ثابتة، وأنا وحدي أتغيّر؟ هذا يخالف نواميس الحياة وطبيعة البشر، ومعطيات الثورة، التي هبت ريحها على الرجال والنساء السوريين معاً، وحرك سفينها الرُّبّانات والربابنة.
كنتُ في حيرة من أمري، أول عمر ثورتنا، قبل أن تبلغ العقد بكثير: إلى أي طريق نحن سائرون يا امرأة؟ وهل لدينا القدرة على أن نراك متغيرة بيننا؟ بكلمة أدق: هل نحن قدر حمل تغيرك؟
الثورات لا تنتظر الأجوبة، الثورات تجرف، وتهدم وتبني وتصرخ، لا وقت لترتيب الأجوبة المتعبة.
ونحن الذين كنا لا نراك إلا من خلال عيوننا الرجولية، وجدنا فجأة في عيونك المتوثبة تغيراً كبيراً، أقل من طوفان، وأكثر من فيضان نهر، أكثر مما حسبنا وأقل مما تستحقين!
حبيبتي، أختي، أمي، ابنتي، صديقتي:
حين اهتزتْ الطاولة، طاولة علاقتنا، لأن حواملها المجتمعية والأبوية قد تكسرت أو تركناها خلفنا هناك، اهتززتُ أنا الآخر معك، في لحظة أمسكتِ بيدي، أمسكتُ بيديك، نريد أن نتغير معاً، كي نحافظ على ثورتنا التي عرّفتنا إلى بعضنا أكثر، بل حركتْ الكامن فينا، وكشفتْ لنا عن قدرات لم نكن نعيها في أنفسنا.
لكن لا نريد للطاولة أن تقع! تقتضي الأمانة أنني شعرتُ في لحظات الاهتزاز في السنوات الأخيرة، وما أكثرها، أنكِ الأقرب إلي، الذي أستند إليه في لحظة اهتزاز، أقرب من كثير من الرجال والثوابت الاجتماعية وشركاء الطائفة والشريحة الاجتماعية والعائلة والمهنة والحزب، كانت يداك أدفأ وأحنّ في تلك اللحظات التغييرية مما توقعت، بل أثبت كذلك!
كنتُ مرتاباً بدايةً، إذا سمحتِ لي أن أكون صريحاً، من أن التوثّب التغييري في عينيك سيتجاوزني، ربما سيحاول أن يلغيني، ولا يمكن لقلبي أو عقلي أو روحي أن تتقبل أن أمرَّ بجانبك كأنني لم أمرْ، في لحظات كثيرة، كنتِ أهمّ الأحزاب التي انتميتُ إليها، الأحزاب الأخرى انتساب وظيفي يذهب ويعود، أما علاقتنا فكانت انتماء!
ليس من الضروري أن تكون أيدينا قد التقت بالمعنى الفيزيولوجي للقاء، بل ربما حملتِ ما أؤمن به، أو حملتُ أنا ما دار في خلدك، عبّرتِ عما يغلي في صدري، أو عبّرتُ أنا، المهم ها هنا أننا شعرنا أننا الأقرب إلى كلّ منا في هذه الثورة، إن كانت النديّةُ والمساواة هدفنا، وكم نحن قريبون من بعضنا! إنْ كانت قيم الأخلاق المتفق عليها، بل قيم الدولة الحديثة هي ديدننا!
لمتُ نفسي في لحظة ما، كيف لي أن أتغافل عن هذه اليد الثابتة، الناعمة، الواثقة، وهي كانت بجانبي منذ آلاف السنين، يا إلهي! هذه اليد أقوى من الأسلحة التي طورتُها أنا الرجل، وأهم من كثير من الانتصارات الوهمية ،هذه اليد التي تبدّت مرةً: نظرةُ عين، وأخرى: تربيتةُ كتف، وثالثة إشارةٌ في ملامح الوجه!
هكذا نحن الرجال، (لنقل الكثير من الرجال كي لا يحتج علينا أنصار حزب “الزّلم والرجولة”، وفي هذا الحزب زلميّون راديكاليون أكثر من كثير من الراديكاليات النسويات) ماهرون في النظرات العامة، وفي النظر إلى الخارج، أما هذا الدفء الذي يحيط بنا فنتغافل عنه طوراً، أو لا نلتفت إليه تارة!
قلتُ لنفسي مرة: هذه اليد القوية، الحانية، الدافئة تستحق مني كل تشجيع، غداً سأعقد خطة وأقوم بعصف أفكار كي أشجعها، لكن تلك اليد النبيلة لم تنتظر قراري لأشجعها، أخذت ناصيتها بيدها ومشت، ركضتُ خلفها، دون أن أنبس ببنت شفة، خفتُ عليها مرة، وخفت منها مرة، وخفت مما حولها مرات، غير أنني بقيتُ، ولا أزال أحبها وأحترم إرادتها!
هكذا نحن الرجال، (لنقل الكثير من الرجال كي لا يحتج علينا أنصار حزب “الزّلم والرجولة”، وفي هذا الحزب زلميّون راديكاليون أكثر من كثير من الراديكاليات النسويات)
كنتِ أنت أيتها المرأة السورية ثورة التغيير، وكان كثير من الرجال السوريين معارضة التفاوض، في الوقت الذي نفكر فيه بالحلول، تكونين أنت قد مشيت خطوات، تضيع هاهنا لعبة الصح والخطأ…لأن المقياس الذي نقيس عليه لعبة الخطأ والصح صار مطاطاً، ولا يحتمل كثيرا من الضغط كي لا ينقطع!
كيف تمكنتِ من جعل الطاولة تتوازن على قدمين اثنتين فترة طويلة، وأنت المشغولة بإنتاج أقدام جديدة لها يا امرأة! ارتبتُ أنا الرجل من الأرجل الجديدة بداية، والرجال يرتابون مما لا يعرفون إن كان قادماً منكِ دون أن يشاركوا في الخطوات كلها!
لأكن صريحاً معك، لستُ من حيث المبدأ ضد أن تتغيري، وأن تأخذي قراراتك، أو خياراتك بنفسك، لأن أحمالي أنا الآخر كثيرة، ومرات عدة أرغب بالتخفف من دور حارس الفضيلة، أو الرقيب، لكنني لم أعتد على هذا، فلتساعديني أيتها المرأة السورية على أن أعتاد عليه، أو أتقبله، والطلب عادة لا يكون إلا ممن نُحْسن الظن بهم!
ربما يزعجني في لحظات ضعف، أو من حديث رجال سوريين (من حزب الزلم) عن زمن مضى أنَّ تغيُّرَك وخطواتك التي أخذتها لم تكن من خلالي، ربما يستفزني أنها لم تمر بي، أو لم تكن بإذني، لأقلها بصراحة، كنت أريدك – بحسب ما سمعت على الأقل- أن تتغيري من خلالي، نحن الرجال في جزء من تفكيرنا ضحايا كذلك، ضحايا وعينا الاجتماعي و الفكري، نعيش في الأوهام منذ ألف عام بأن كل القطارات في هذا العالم يجب أن تمر عبر سكّتنا! لم نعتدْ القطارات التي لا تعبر من حاراتنا، أو الورود التي تنزرع في حدائق غير حدائق بيوتنا، تلك حكاية طويلة حول مفهوم الملكية وما تتضمنه وعلاقتها بالسلطة والوجود الذكوري!
أرجو منك أن تتفهمي مقاومة كثيرين للتغيير، وأنت كذلك تغيرت كثيراً، يا سيدتي، كأنني لم أعرفك من قبل، بالـتأكيد وأنا الذي أحبك، أريدك أن تتغيري كي لا تموت علاقتنا، كي نبقى مستمرين، لأن التغيير إن طال جهة واحدة فحسب ستموت الجهات الأخرى.، لا بد من أن نواكب بعضنا.
لا ألومُك فأنت ابنة الثورة وصديقتها، وكيف لثورة تدعو إلى قيم الحرية والديمقراطية والعدل والمواطنة أن لا تنجب نساء يحملن هذا الحمل الثقيل، تلك مصطلحات كبيرة علينا نحن معاشر الرجال العنيدين، وقد اعتاد نفر منا أن يدير تفاصيل الحياة بقوة رجولته، أكثر من قوة عدالته، قوة المساواة والعدالة حملُها ثقيل وتحتاج إلى وقت طويل!
الدولةُ الحديثة في ألوانها الكبرى امرأة ورجل، الرجال بنوا الإمبراطوريات والدولة الاستعمارية، أما الدولة الحديثة فشراكةُ رجل وامرأة، لا يساعدني قلبي على القول: إنها امرأة!
دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات والعدل والمساواة، هي مثلك ناعمة، هي مثلك ترعاني، هي مثلك تتخذ من القانون مساراً، وهي مثلك صبورة على مواطنيها، أتذكرين كم صبرتِ علي يا امرأة؟ كم احتملت نزواتي و مشاغباتي وعيوني التي لا تملّ الالتفات يمنة ويسرة؟ كان من المفيد أن تصبري علي قليلاً، فأنا الآخر لم أغرم بعد بهذه الدولة الحديثة، حيث الرجال والنساء “يجلون” الصحون معاً، ويعملون ويتسوقون معاً، ويذهبون إلى دوامهم ويعودون، دولة لا زمامير لسياراتها ولا انقطاع للكهرباء فيها، دولة سبقت السوشيال ميديا، لكن الغزو السوشيالي لم يؤرقها أو يزعجها أو يظهر مخفياتها، كما في دول تفكيرها إمبراطوري وتسمي نفسها الجمهورية…
صحيحٌ أنني أنا الرجل من دعا إليها وتحدث عن فلسفتها ومفاهيمها ونظرياتها، لكن من الصعب على كل الرجال أن يقبلوا دفعة واحدة ما، ما تفرزه تلك النظريات من تغيرات نحتاج إلى أجيال كي نهضمها.
دولة الرعاية الاجتماعية والخدمات والعدل والمساواة، هي مثلك ناعمة، هي مثلك ترعاني، هي مثلك تتخذ من القانون مساراً
عندي من الثقة بك الكثير، لا أخاف من نسويتك، ولا أحذرُ من جندريّتك، ولا أخشى نسويتك الإنسانية خاصة، ليس لأنني لا أخاف، بل لأنك ولأن الحياة لم تعد تقبل الظلم كثيراً، مثلما كان في عصور سابقة، على الأقل صارت كخطوة أولى في تاريخ البشرية مساحة للتعبير عن المظلومين والمقهورين من خلال السوشيال ميديا وفضاء الإنترنت، قد لا تكون الحلول موجودة دائماً، لكن بالتأكيد ثمة مساحة للإضاءة على الوجع الإنساني الذي نتشاركه أكثر من قبل!
أقول لك يا امرأة أحببتها، أو ترافقت معها، أوترغل قلبي لها، أو جئتُ منها أو جاءت مني: ها نحن نكتشف اليوم كم امرأة في داخلنا، كم من أمومة اكتشفناها بأنفسنا نحن الرجال، حين خرجنا من ذلك الصندوق المعلب، حين أتاحت لنا البلاد الجديدة أن لا نكون محاربين أشداء خارج المنزل من أجل لقمة العيش، فاكتشفت أنني أحب أن ألعب مع أطفالي، أحب أن أنام صباحاً إلى وقت غير محدود، أحب ألا أغير لمبة البيت بانتظام، بل أن أقضي يوماً متقلبا في السرير أمارس لعبة البطء بتعبير ميلان كونديرا!
اكتشفتُ أنه صار من الممكن أن أحبك على مهل، خطوة بطيئة تليها خطوة أخرى، فلا تشغلني قفزات القلوب السريعة، أو الارتباط السريع أو الإنجاب السريع، اكتشفتُ أنني شريك لك بالجنون والانفعالات، وأنه لو أتيح لي التعبير عن نفسي، لديَ كذلك دورة نفسية شهرية أو يومية، كذلك، فلستُ الصخر الأصم، ولست المضحي دائماً، لدي أنانية وانكسارات وفرح وسعادة، ولدي أشخاص عرفتهم، ولا أريد أن أتابع معهم، ليس لدي ما يفرض علي خياراتي السياسية أو المجتمعية بعد أن خرجتُ من الصندوق الفاسد الذي أسسه حافظ الأسد ووضعنا به، ها أنا أملك لأول مرة أن أختار من متطلبات المجتمع ما يلائمني، وأكتشف لأول مرة أن ديني الذي أؤمن به فضاؤه واسع، فقد جعلتني الثورة أشاهد تمثلات كبيرة له في أرض الله الواسعة.
أيتها السورية النسوية، سواء أكنت راديكالية أو وسطية، إسلامية أم سوى ذلك، محجبة أو سوى ذلك، تشاطريني القناعات أو سوى ذلك، تعالي لنضع أيدينا ببعضها ونصبر على بعضنا بعضا، نحاول أن نتغير معاً.
أعلم أن من احتقن بالظلم سنوات، لديه رغبة عالية بالركض والهرولة، بينما أنا أكتفي بالمشي البطيء، يمكننا أن نجد حلاً ليصبح مشيي سريعاً، وليغدو ركضك وهرولتك مشياً سريعاً، لعلنا إبان مرحلة المشي السريع نناقش الكثير من التفاصيل كي لا يصل أحد منا في زمن أسرع من الآخر، ونضيّع أنفسنا على الطريق، ويغدو اللقاء بيننا صعباً؟
يمكننا أن نتحدث معاً في فكرة أنكِ صرت صاحبة قرار في اختيار الشريك مثلاً، ربما العمل، ربما التواصل مع من تريدين، آن لكِ أن تشاهدي العالم أو من ترغبين بمشاركته الحياة بعيونك أنت وحدكِ، وليس بعيون الأب أو الأخ.
بالـتأكيد كذلك لباسك موضوع مغر للنقاش، خاصة أن جسدك كله من أعقد الإشكاليات بيني وبينك في مختلف أنماط العلاقة بيننا، فقد اعتاد كثيرٌ من الرجال، فترة طويلة، أنه كما يقول المثل “حاميه وحراميه” معاً! حاميه لمن ارتبط معه بدم أو زواج أو حب، وحراميه إن كان الجسد لآخر!
منذ آلاف السنين دخل جسدك في المقدس عندي، ليست القضية اليوم أنه في المقدس الديني أو الاجتماعي أو الشخصي الذي له علاقة بالملكية، ذلك أنني اعتدتُ أنك مملوكة لي، ولستُ مملوكاً لكِ، هذا ما تقره سلطات الأمر الواقع المتحكمة بخياراتنا على الأقل!
لنقولها لك بالفم الملآن، يجب أن أتغير في هذا الجانب؟ ما الذي يغيرني أكثر من ثورة؟ وهل أملك أن أتغير في اللحظة النفسية التي تعتقدين أنها يجب أن تحدث؟ هل لك أن يكون تغيرُك درجة درجة، مرحلة مرحلة، ليس من الضروري أن تكثفي العالم وتتغيري في جيل واحد، اتركي شيئا للجيل القادم، شيئا لما بعد لقائنا وعلاقة حبنا، ربما لأولادنا الذين قد يأتون أو لا يأتون!
أنا على ثقة بأنه خطر ببالك مرات ومرات كيف لي أن أتغير دون أن أتشابك مع هذا الكائن الذي أحبه ويسعدني وجوده بالقرب مني؟
أنا مثلك خطر ببالي هذا السؤال مرات ومرات، كيف لهذه الإنسانة أن تتغير دون أن نجرح بعضنا، لنقلها بصراحة أنَّ هذا لا يمكن أن يحدث، لسبب بسيط أن تداخل المنطقة الحدودية بيننا كبير، ومتنوع ومعقد، بل قد تدخل فيه استعمارات، وسيطرة، وعدم وضوح، ومتاجرة أحياناً، ربما قد يدخل في باب المليكة والأبوية بالمعنى الفيزيولوجي والزوجي والأخوي.
كي أكون صادقاً معك لا يمكن أن تتغيري التغير المأمول، دون أن تصطدمي بي، ذلك أنني أحسب أن الكثير من مناطق التغير أو مما تعتقدين أنها مساحتك في ظل قيم الثورة (وأحسب إنْ كنت موضوعيا أنها مساحتك)، حسبتُ أنها طوّبَتْ باسمي منذ زمان طويل، أو لنقل في أسوأ الأحوال: أنا المستثمر الوحيد فيها، والمرجعية، وبما أن التغيير يعني الاصطدام بالقيود التقليدية، فإن ما آمله لك ولي أن يكون التغيير لطيفاً، وعلى خطوات، فأنا الآخر أنظر إلى محطات الحياة نظرات ونظرات ومن زوايا مختلفة! ليس لدي الإجابة الأدق حول الطريقة أو المسار أو الأولوية، يا شريكة أسئلتي وإجاباتي، يا شريكة حيرتي وضياعي وخيباتي وانكساراتي، لكن لتتغيري وتصطدمي بي، دون أن أغدو عدوك أو خصمك!
ربما ستسألين: لم استعملتَ الخطاب الوجداني مع الخطاب الحجاجي في حديثك معي أو عني؟
السبب بسيط جداً: نحن في مرحلة ثورة، ولو كانت الثورات نظرت إلى الأسباب الموضوعية لما قامت أساساً، ومن جهة أخرى نحن حبيبان، زوجان، صديقان، أب وابنة كذلك، ومرات كثيرة يكون الخطاب الوجداني أكثر أثراً وأقرب إلى النفوس.
لكن لنتمهل في الحكم، لم نستعمل الخطاب الوجداني لنميّع وجعك أو نضيع القضية، بل لأن اكتشاف حدود التغيير ومساحاته والمشاركين فيه وجدواه وملاءمته غير واضحة المعالم بعد.
أخيراً سأقول لك: في المراحل التاريخية الثورية، حيث تكون الفرصة مهيأة للتغيير، عليك أن تغتنمي تلك اللحظة، لا تفوتيها، تغيّري، وخففي من لحظة التعقل، وأطلقي قدميك للحظة جميلة، ربما مجنونة تنتظرك هناك حيث الحرية، والخيارات، والقدرة على التعبير، عما يجول في أنفسنا!
ربما ستجدينني إن شئتِ قد سبقتك هناك، فأنا أفرّ منكِ إليكِ يا سيدتي!
أحمد جاسم الحسين _ تلفزيون سوريا