جاء الهجوم الدبلوماسي السعودي على النظام السوري ليؤكد مجدداً ثبات موقف الرياض من مسألة التطبيع مع دمشق، في ظل المؤشرات على توجه عربي “واسع” نحو تعويم نظام الأسد، من بوابة الجامعة العربية.
ورغم أن تصريحات المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، حول تكذيب رواية النظام السوري عن انتهاء الحرب و”انتصار النظام”، لا تشكل موقفاً سعودياً مفاجئاً، إلا أن أهميتها تكمن في توقيتها المتزامن مع تكثيف أطراف عربية ودولية لمحاولات إعادة النظام إلى الجامعة العربية من بوابة القمة العربية المقبلة في الجزائر، وكذلك مع المباحثات السعودية- الإيرانية.
ويبدو أن عوامل سياسية عديدة تضافرت حتى جعلت الموقف السعودي من النظام السوري حاداً، من بينها المعطيات عن فشل في المفاوضات السعودية-الإيرانية، إلى جانب الاستياء السعودي من محاولات أطراف عربية الدفع إلى إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، من دون تقديم أي تنازلات حقيقية من جانب الأسد.
ويقول العميد أسعد الزعبي في حديث لـ”المدن” من الرياض، إن الموقف السعودي الأخير والمواقف السابقة، يؤكد رفض الرياض القاطع للتطبيع مع الأسد، حيث تقود الجزائر ومصر المحور الداعم لإعادة النظام السوري إلى الحضن العربي.
ويضيف أن الرياض بموقفها الذي عبر عنه المعلمي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الموقف السعودي من الأسد لم يتغير، ويدحض كل ما تشيعه بعض وسائل الإعلام عن توجه يخالف ذلك.
ويتفق مع الزعبي، الصحافي في “الهيئة العربية للبث الفضائي” العاملة تحت مظلة الجامعة العربية زياد الريّس الذي يقول لـ”المدن”، إن “الموقف السعودي من سوريا لم يتبدل، حيث تشترط الرياض ومجموعة من الدول العربية الالتزام بقرارات مجلس الأمن، ومقررات جنيف، قبل إعادة العلاقات مع النظام السوري، وإعادته إلى الجامعة العربية”.
ويضيف أنه حتى الدول العربية التي طرحت إعادة النظام إلى الحضن العربي، ربطته بإحداث تغيير سياسي في سوريا، ما يعني وفق الريّس أن “هناك حالة من التوافق العربي على استحالة إعادة النظام إلى الحضن العربي، من دون أن يكون هناك التزام حقيقي من النظام السوري”.
وبذلك، يؤكد الريّس أن عودة النظام لن تتحقق، ما لم يُقدم النظام على تنفيذ المطالب، التي لا زالت محصورة في إطار الوعود الكاذبة، ويقول: “في المقابل لم يُظهر النظام أي مؤشر على تغيير سلوكه، وحتى اللجنة الدستورية التي لا تعتبر ركناً مهماً من الحل السياسي، هي معرقلة الآن بالتشارك مع إيران وروسيا”.
وعلى النسق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة أن الموقف السعودي الأخير قطع الطريق على كل التأويلات حول وجود تغيير في موقف المملكة من النظام السوري، ويوضح ل”المدن”، أن قوة الموقف السعودي تؤشر إلى مدى استياء الرياض من التجاهل الدولي للملف الإنساني في سوريا.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن بلاده لا تفكر في التعامل مع رئيس النظام السوري في الوقت الحالي، مضيفاً في لقاء مع شبكة “سي أن بي سي” الأميركية، أن “الرياض تدعم العملية السياسية في جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة بين النظام السوري والمعارضة”.
المعارضة ترحب
من جهتها، رحبت المعارضة السورية بما جاء على لسان عبد الله المعلمي، وعبّر رئيس الائتلاف الشيخ سالم المسلط عن شكره وتقديره لموقف السعودية الداعم للشعب السوري.
ونقل المسلط عن المعلمي أن “موقف بلاده الداعم للشعب السوري، لن يتغير”، وذلك خلال الاتصال الذي أجراه المسلط مع المندوب السعودي الجمعة.
مصطفى محمد _ المدن