تناولت تقارير صحفية بريطانية، موقف واشنطن من تطبيع دول عربية لعلاقاتها مجددا مع النظام السوري، وتأثير هذا التطبيع على الوصع السوري.
ووفق ماذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فإن واشنطن باتت غير قادرة، أو غير راغبة بمنع العودة المتسللة للدول الإقليمية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري الذي تتهمه الولايات المتحدة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وماعزَز تلك الرؤية بشأن الموقف الأمريكي، وفق الصحيفة، بأنه خلال الأسابيع الماضية، تحدث رأس النظام في سوريا وللمرة الأولى خلال عقد كامل، مع ملك الأردن عبد الله الثاني، في مكالمة أقلقت إدارة بايدن في الولايات المتحدة.
أما مصر، فقد التقى وزير خارجيتها بنظيره السوري خلال الشهر الماضي، وأيضاً للمرة الأولى منذ بداية الحرب في سوريا. كما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإعادة فتح سفارتها في سوريا منذ أواخر 2018، فضلاً عن إبراز اعتزازها بعلاقاتها مع النظام وذلك عندما استضافت سوريا في معرض إكسبو 2020 دبي للتجارة. كما أجرى ولي عهد الإمارات ثاني اتصال له مع الأسد خلال الأسبوع الفائت.
مسؤول أميركي يعلق
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع لدى إدارة بايدن قوله حول هذا الأمر: “أعتقد أن كثيرا من تلك الدول العربية…. اتخذت قرارها بالرغم من مساعي الإدارة الأميركية التي تصب في اتجاه عدم القيام بذلك”. وأضاف بأن بداية العلاقات الدافئة ظهرت في عهد إدارة ترامب.
وأضاف: “إنهم يفعلون ذلك سواء من وراء ظهرنا أم أمام أعيننا”، كما وصف مكالمة الملك عبد الله بأنها: “مفاجئة حقاً، إذ لم نتوقع حدوث مثل هذا الشيء، كما أننا لم نعط الضوء الأخضر للقيام بذلك”.
واستدرك بالقول: “لقد أوضحنا بأننا لن نطبع مع بشار الأسد”.
اقرأ أيضاً حقيقتا الهيمنة والتطبيع: وماذا بعد؟
مبررات التطبيع
ولكن بالنسبة لجيران سوريا، ثمة أسباب واضحة للتطبيع، فالأردن ولبنان يشتركان بالحدود مع سوريا ويستضيفان الآلاف من اللاجئين السوريين، كما أن الحرب قطعت طرق التجارة الأساسية وترغب تلك الدولتان اللتان تعانيان من ضائقة اقتصادية بإعادة فتح تلك الطرق.
فقد تحدث الملك عبد الله لقناة سي إن إن في مطلع هذا العام وقال: “إن النظام مايزال هناك ولهذا علينا أن نفكر بطريقة ناضجة، أي هل نريد تغيير النظام أم تغيير سلوكه؟ فإذا كان الأمر يتعلق بتغيير سلوكه، ما الذي يترتب علينا لنوحد خطابنا مع النظام، لأن الجميع غيرنا يقوم بذلك”.
يذكر أن البحرين أعادت فتح سفارتها في عام 2019، كما أعادت عُمان سفيرها في عام 2020، في حين عرض ولي عهد الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تقديم مساعدة مباشرة للأسد في مواجهة جائحة كورونا.
يرى بعض السياسيين في الخليج أن قطع العلاقات مع الأسد كان خطأ استراتيجياً، فقد تم تهميش القوى الخليجية والغربية منذ أن قطعت دعمها للثورات، في الوقت الذي قام فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع التمويل الأميركي عنهم في عام 2017. ومنذ ذلك الحين وإيران وروسيا توسعان من نفوذهما وذلك عبر تقديمهما الدعم العسكري والمالي للنظام.
أما دارين خليفة، وهي محللة سورية تعمل لدى مجموعة الأزمات الدولية، فتقول: “إن التطبيع مع بعض الدول العربية يعتبر لفتة سياسية” .
ولقد عزز الانسحاب الأميركي من أفغانستان هذه الفكرة بين الزعماء العرب لكونها أظهرت أميركا عازمة على إنهاء تدخلها بهذه المنطقة.
وتؤكد خليفة على ذلك بقولها: “إن هذه الإدارة ترسل رسائل عامة هشة ومتناقضة إلى حد ما تجاه مسألة التطبيع، الأمر الذي جعل الكثير من الدول العربية تفكر بأنها حصلت على موافقة ضمنية”.
آثار عودة العلاقات
ويرى محلل لشؤون الشرق الأوسط لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إيميل هوكايم، أنه من دون “توجيه أميركي واضح، ونظراً لتركيز الاتحاد الأوروبي على الهجرة والأمن بدلاً من نتائجهما السياسية، بات من الواضح أن المخاوف السياسية والأمنية والاقتصادية التي تظهر على المدى القريب هي التي تهيمن على تفكير الدول المجاورة لسوريا”.
ولكن برأي ذلك المحلل: “ثمة تفاهم بأن تلك العودة في هذه المرحلة للتعامل مع سوريا ستكون محدودة… أي إن ذلك لا يعني أن بوسعك أن تعيد اللاجئين وأن تفتح خطوط التجارة وأن تواصل التعاون الأمني مع النظام، لأن الأمر أصعب من ذلك بكثير”.
يذكر أن إدارة بايدن أطلقت عملية مراجعة لسياستها حيال سوريا، لكنها لم تفصح عن موقفها بعد.