أهم ما في الكتاب عشرون سنة تشغل معظم صفحاته، وهي التي نعرضها هنا. إذ تضم أربعة عشر عاماً شغل فيها حمادة مواقع قضائية معتبرة في مدينة حلب، بدءاً من قاضي تحقيق ثم قاضي صلح مدني فرئيس نيابة عامة ثم مستشار في محكمة الجنايات وأخيراً رئيساً لاستئناف الجنح. وذلك بين أعوام 1986 و1999. ثم ست سنوات قضاها عضو قيادة فرع حزب البعث في المدينة منذ بداية 2000 حتى نهاية 2005.
من خلال عمله في القضاء يرى المؤلف أن أبرز مظاهر تلك المرحلة كانت:
* عدم كفاية الجهاز القضائي وفساده، وزيادة هجرة أهل الريف إلى المدينة، وظهور جامعي الأموال،زيادة نسبة المعلّمات الغائبات من خارج المحافظة، وظاهرة إلقاء القبض على صغار الفاسدين والمهربين، وكثرة الجرائم بين الصائمين قبل الإفطار بنصف ساعة.
ويتطرق حمادة في كتابه للسنوات التي قضاها في عضوية قيادة فرع الحزب، حيث تحمل مشاهدات ثمينة للغاية توضح آلية عمل النظام من الداخل، ولا سيما في المحافظات، مما يشكك في صحة وصفه بأنه «نظام».
من الناحية الشكلية يعدّ أمين فرع الحزب في أي محافظة أعلى سلطة فيها، بالاستناد إلى قيادة البعث السياسية للدولة بموجب المادة الثامنة من الدستور. فهو يرأس المحافظ الذي يعيّن كعضو قيادة فرع بحكم منصبه، كما يترأس اللجنة الأمنية المحلية التي تضم المحافظ ورؤساء فروع الأجهزة الأمنية الأربعة (المخابرات العامة، المخابرات العسكرية، الأمن السياسي، المخابرات الجوية) وقائد الشرطة، وآخرين.
يقول المؤلف إنه التقى بشار الأسد أكثر من مرة. وكان في الأولى «مبهراً بحديثه المتماسك الشامل»، وفي الثانية أعاد الحديث نفسه بحروفه وفواصله ونقاطه. ولقطع الشك باليقين سأله محاوره عن موضوع من خارج السياق فأجاب بشيء لا علاقة له بالسؤال، وصار يؤشر بيديه ويحرك فمه مصدراً أصواتاً غريبة دفعت المؤلف إلى اليقين بأنه مجنون.
وأشار إلى أنه عندما أراد الاستقالة من عضوية قيادة الفرع ورفع طلبه إلى القيادة القطرية، تم رفض طلبه من بشار الأسد، بل اقترح عليه منصب محافظ درعا أو دير الزور، ووجه له كلمات غير أخلاقية.
يتناول الكتاب 130 قصة منفصلة، ويُطلب من دار “نون 4” للنشر والتوزيع في تركيا والداخل السوري.