فر ملايين السوريين من بلادهم في السنوات الـ11 الماضية، هرباً من عنف النظام وسياسات النهب والتشبيح، وأغلب الذين هربوا من البلاد، تركوا أموالهم وأملاكهم وبيوتهم، وآمل الذين غادروا أن يستأنفوا حياتهم الجديدة في البلدان، التي لجأوا إليها أو أقاموا فيها بعيداً عن عمليات النهب، التي اعتاد على ممارستها ضدهم مباشرة أو بصورة غير مباشرة، ومنها سرقة أموالهم بما يفرضه عليهم من رسوم وتكاليف، أو عبر آليات عمله، التي تولد مرتشين وسماسرة، يشاركون في سرقة أموال السوريين، وقد جدد النظام كل ذلك في بلدان الشتات.
كان بين الأسباب الرئيسية لاستعادة النظام تأثيره على السوريين الذين غادروا بلدهم، بما في ذلك نهب أموالهم، إطالة الصراع في سوريا، وعدم الوصول إلى حل، الأمر الذي فتح باب مشاكل على السوريين من لاجئين ومقيمين، حيث أغلبهم يحتاج إلى تجديد أو إخراج جوازات سفر، والأغلبية تحتاج إلى معاملات الشؤون المدنية من ولادات ووفيات وزواج وطلاق ووكالات قانونية، وكله بعض من احتياجات لا نهاية لها، فرضت على السوريين في الخارج العودة للتعامل مع مؤسسات النظام.
والسبب الثاني، أن الدول التي لجأ السوريون إليها أو أقاموا فيها، لم تتخذ إجراءات تراعي حالة السوريين من حيث إنهم هاربون من قلب كارثة متعددة الأخطار، وأن أعدادهم كبيرة وتتزايد، وحسب الأرقام فقد شكلوا أكبر عدد من اللاجئين في العالم، ويقترب عددهم في أربعة من البلدان من سبع ملايين نسمة، هي تركيا وألمانيا والأردن ولبنان، وهذه كما غيرها لديها سياسات متقلبة ومتناقضة في موضوع اللاجئين السوريين، والأمر نفسه ينطبق على بلدان أوروبية متقدمة ومنظمة مثل ألمانيا والدنمارك، التي يفترض أنها تلتزم بأعلى معايير احترام حقوق الإنسان ومنها حقوق اللاجئين إخراج جوازات سفر، والأغلبية تحتاج إلى معاملات الشؤون المدنية من ولادات ووفيات وزواج وطلاق ووكالات قانونية، وكله بعض من احتياجات لا نهاية لها، فرضت على السوريين في الخارج العودة للتعامل مع مؤسسات النظام.
والسبب الثاني، أن الدول التي لجأ السوريون إليها أو أقاموا فيها، لم تتخذ إجراءات تراعي حالة السوريين من حيث إنهم هاربون من قلب كارثة متعددة الأخطار، وأن أعدادهم كبيرة وتتزايد، وحسب الأرقام فقد شكلوا أكبر عدد من اللاجئين في العالم، ويقترب عددهم في أربعة من البلدان من سبع ملايين نسمة، هي تركيا وألمانيا والأردن ولبنان، وهذه كما غيرها لديها سياسات متقلبة ومتناقضة في موضوع اللاجئين السوريين، والأمر نفسه ينطبق على بلدان أوروبية متقدمة ومنظمة مثل ألمانيا والدنمارك، التي يفترض أنها تلتزم بأعلى معايير احترام حقوق الإنسان ومنها حقوق اللاجئين.
والسبب الثالث، إجبار بعض البلدان السوريين فيها على إبقاء روابطهم مع النظام الذي فروا منه، والإشارة لا تتصل بالمقيمين بل باللاجئين أيضاً، حيث لا يفترض بالأولين أن يكونوا ضحايا للنظام أو مطلوبين من قبل أجهزته، بخلاف أن الأخيرين حصلوا على اللجوء بعد أن دققت السلطات الأمنية والقانونية فيما أصابهم، والأخطار التي تهدد حياتهم، فقررت الدولة المعنية حمايتهم، وأغلب الدول التي استقبلت اللاجئين تشاركهم في إدانة نظام الأسد وسياساته من النواحي السياسية والقانونية والأخلاقية.
لقد استغل نظام الأسد حاجات السوريين في الخارج، وظروفهم في بلدان إقامتهم، وقام بأكبر عملية هدفها نهب مواردهم وقدراتهم المادية حتى المتواضعة منها، بل وإذلالهم، حيث حوّل سفاراته وقنصلياته إلى أداة لتوفير واحد من أكبر مصادر دخل النظام من العملات الصعبة في بعض البلدان العربية والأجنبية، وبين الأمثلة الأهم في ذلك القنصلية السورية في إسطنبول ومثيلتها في برلين والسفارة السورية في بيروت.
لقد تحولت سفارات وقنصليات النظام إلى مراكز جباية مالية عالية الموارد، حيث إن استخراج جواز سفر يكلف 800 دولار بصورة عاجلة في عملية تستغرق حوالي الشهر، وهو الأغلى كلفة بين جوازات السفر في العالم، ويكلف الجواز وفق نظام الدور الذي تصل مدته إلى ثلاثة أشهر على الأقل نحو 350 دولاراً، وغالباً ما يلحق بالمبلغ 75 دولاراً ما بين غرامة فقدان أو تلف جواز سفر، ورسم منح تذكرة مرور.
ولا يرسم ما يتم دفعه رسمياً سوى بعض تكاليف جواز السفر، إذ تضاف إليها، تكلفة أخذ الموعد، الذي يتم عن طريق السماسرة في ضوء تعطيل الروابط الإلكترونية، أو إنكار المواعيد المأخوذة عن طريقها، إذا قيض لأحد ما ذلك، فيأخذ السمسار 200 دولار مقابل كل موعد، ويتقاسم المبلغ مع موظفي القنصلية في إسطنبول مثلاً، وفي السفارة السورية في لبنان، وغالباً ما يلحق هذه التكاليف، تكاليف غير منظورة، تشمل السفر والإقامة في حالات السفر في بلدين كبيرين مثل تركيا وألمانيا، أو سفر بين الدول كما هو حال السوريين في الخليج المضطرين للسفر إلى دولة الإمارات العربية لإتمام معاملاتهم في السفارة السورية في دبي أو في قنصلية أبوظبي.
إن التكلفة العالية يتم دفعها لاستخراج جواز سفر يصلح فقط لمدة عامين، هي ثلث مدة الجواز الأساسي البالغة ست سنوات، مما يعني مضاعفة التكلفة ثلاث مرات، وتحميلها للاجئين يعيش أغلبهم على المساعدات الاجتماعية، مما يضاعف جريمة السرقة التي يرتكبها النظام للسوريين في الخارج، وهي تمتد في موضوعات أخرى منها تسجيل الوقائع المدنية وتصديق الوثائق والوكالات، وموضوع البدل النقدي للإعفاء من الخدمة الإلزامية وخدمة الاحتياط، ويتراوح البدل في الأولى ما بين 7 آلاف و10 آلاف دولار طبقاً لظروف الأشخاص، فيما يدفع المطلوبون لخدمة الاحتياط لإعفائهم 3 آلاف دولار.
سوق المعطيات السابقة مذكراً بها السلطات الألمانية، التي تعرفها وتتابعها، سواء بحكم موقعها في الملف السوري، وهي بين القوى المهتمة فيه، وبصفتها الدولة الأوروبية الأولى في عدد اللاجئين السوريين، وهي الأولى بين الأوروبيين من مقدمي المساعدات في الملف السوري، وهي الدولة الوحيدة، التي تجبر السوريين فيها على الذهاب إلى قنصلية النظام، واستخراج جوازات سفر لتجديد الإقامات والتقديم على الجنسية، ودفع رسوم لا يشك أحد في أنها تذهب لتمويل نظام الأسد.
لقد كرر السوريون في ألمانيا على مدار سنوات، رفضهم طلب السلطات الألمانية الحصول على جوازات سفر سورية جديدة من أجل تجديد إقاماتهم والتقديم على الجنسية، فيما قبل البعض على مضض ومسايرة للدولة الألمانية، التي يرون أنها فتحت أبواب ألمانيا لاستقبالهم بينما أغلقتها دول أخرى، لكن هذا الموقف النبيل والوفي، لا يعزز صورة الدولة الألمانية التي استقبلت مئات آلاف اللاجئين، بل يعزز فرص الخطأ الألماني، وهو خطأ يتجاوز فكرة إجبار اللاجئين على دفع رسوم لنظام قتلهم وشردهم وسرق أملاكهم من أجل وثيقة لا قيمة حقيقية، ولا حاجة استعمالية لها، سوى أن تكلفتها تذهب لتمويل النظام، بل إن الموقف الألماني يكلف اللاجئين أن يدفعوا مالاً يأخذونه من دافع الضرائب الألماني، وبدل أن يصرف على اللاجئين من أجل تحسين حياتهم وظروفهم، يتم دفعه لمجرمين ينبغي أن يجلبوا أمام القضاء للمحاكمة.
لقد آن الأوان للسوريين في ألمانيا، ومعهم غالبية الألمان، لمواجهة سياسات الحكومة في الموضوع، ليس فقط من خلال اعتراضات ورفض فردي ومحدود، بل الذهاب إلى تنظيم حملات اعتراض واسعة، وأن تتضمن في مرحلة منها اللجوء إلى القضاء الألماني ليقول حكمه في تلك السياسة، ولجم أصحابها، ولا شك أن القضاء سوف يحق الحق، ويوقف هذه المهزلة.
فايز سارة _ الشرق الأوسط