تتواصل معاناة النازحين ؛ بسبب قصف نظام الأسد وروسيا بأقسى صورها في المخيمات العشوائية المليئة بالأسى وقصص الألم والحرمان , فالبرد الشديد وعدم توفر الاحتياجات الأساسية ؛ جعل المنطقة التي تضم تلك المخيمات شمالي سورية ، الأكثر بؤسا في العالم تكاد لا تنافسها منطقة أخرى , حكايات كثيرة تدمي القلب عن أحوال النازحين في المخيمات ، فالمحظوظ منهم من يمتلك خيمة ، ويكتفي بنيل صفة نازح ، ففي تلك الأراضي التي غمرتها مياه الأمطار فاستحالت طينا وأحاط بها البرد من كل جانب , نازح بلا خيمة ويتيم وأرملة وعاجز ومسن.
“أم صبح” ، أم لطفلين فقدت زوجها في قصف للنظام وحلفائه ، بعد أن خرج من سجون الأسد التي قضى فيها أكثر من 6 سنوات , لجأت أم صبح ، إلى المخيمات العشوائية في مدينة سرمدا بالقرب من الحدود السورية التركية ، التي تدفق مئات آلاف النازحين على امتدادها خلال الأسابيع القليلة الماضية مع تكثيف النظام وحلفائه قصفهم لمنطقة “خفض التصعيد” , تشتكي أم صبح ، من البرد الذي ينخر عظام أطفالها، وتعبر بحزن عن عجزها في تأمين التدفئة لهم ، فيما يطمح أبنها البالغ 5 سنوات في الحصول على دراجة ، للتجول فيها داخل الخيمة حيث لا يمكن قيادتها في خارجها بسبب الطين والمياه والبرد.
وأفادت أم صبح أن قصف روسيا ، أودى العام الماضي بحياة زوجها ، بعد أن خرج من معتقلات نظام الأسد ، مشيرة إلى أنها نزحت بعد مقتله مع ابنها صبح وابنتها مها البالغة من العمرعام ونصف , تعيش أم صبح حاليا مع طفليها في خيمة مهترئة ، لذا فهي تضطر للبقاء معهما طيلة النهار في خيمة أقرباء لهم لكي يتقوا البرد و يشعروا بشيء من الدفء ، وأضافت : “الحياة هنا صعبة جدا حيث تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير، وفي الليل يشتكي أبنائي من شدة البرد ويطلبوا مني تدفئتهم”
عائلة “أبو عبدالله” ، مثال آخر على التردي الشديد في الوضع الإنساني في المخيمات , نزح أبو عبدالله المصاب بشلل في يده اليسرى مع عائلته من ريف حماه إلى مدينة معرة النعمان شمالي سورية ، وبعدها اضطر للنزوح إلى المناطق الحدودية , وقال أبو عبدالله “أن الوسيلة الوحيدة التي يدرأ فيها بعض البرد عن خيامهم ، بإشعال الورق المقوى وأكياس النايلون في إناء واسع ، ما يغمر الخيمة بالدخان ، ما يضطرنا لترك بابها مفتوحا لتهوية المكان ، ومع ذلك فإن الأطفال يستقيظون كل صباح على السعال , وأضاف أبو عبدالله “أن طفلين أو ثلاثة، ينامون على فراش واحد فإن قمت بتغطية أحدهما سينكشف آخر، لقد باتت الحياة في جو دافئ حلما بعيد المنال”