تتوجه الأنظار إلى تنمية المناطق الخاضعة للمعارضة السورية اقتصاديا عبر إقامة مشاريع استثمارية، لا سيما في قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، في ظل توقف تام للأعمال العسكرية وتعثر الحل السياسي نتيجة تعنت النظام السوري ومماطلته في تنفيذ بنود القرار 2254 وكل ما يتعلق به.
ونتيجة عدة زيارات خارجية للمعارضة السورية، كان أهمها لقاء بين الحكومة السورية المؤقتة والجالية السورية التي تضم عددا من رجال الأعمال في الولايات المتحدة الأميركية، زار وفد من المستثمرين السوريين في الولايات المتحدة الأميركية على مدى اليومين الماضيين عدة مناطق في الشمال السوري منها
اعزاز والباب وجرابلس وعفرين، بهدف دراسة طبيعة المنطقة لإقامة مجموعة من المشاريع الاستثمارية.
دراسة واقع المنطقة
لابد قبل إقامة أي مشروع استثماري من دراسة واقع المنطقة بما في ذلك احتياجاتها الأساسية والعقبات التي من الممكن أن تواجه أي مشروع سيتم تنفيذه.
يقول وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، عبد الحكيم المصري لموقع تلفزيون سوريا، إنّ وفدي رجال أعمال سوريين في أميركا وبعض الدول العربية، جاء للاطلاع على الواقع في المناطق المحررة ومنها الواقع الزراعي والصناعي والتجاري، فضلا عن وضع الإدارة المحلية في تلك المناطق.
ويضيف أنه تم تكليفه برئاسة الوفد الحكومي للقيام بجولات مشتركة مع وفد المستثمرين، حيث جرت عدة لقاءات في اعزاز وعفرين والباب والراعي، كما زار الوفد جامعة حلب الحرة.
وبناء على تلك الزيارات وبعد لقاءات مع غرف التجارة والصناعة وتكوين فكرة واضحة عن المنطقة من قبل المستثمرين، يمكن الحديث عن المشاريع التي سيتم إقامتها في تلك المناطق.
أهداف الزيارة
تحتاج مناطق الشمال السورية الخاضعة لنفوذ المعارضة السورية إلى دراسة واقعها بما تحمله من عقبات ومقومات لإقامة مشاريع فوق مستوى التعافي المبكر، يمكن أن تزج بالشباب إلى سوق العمل وبالتالي تشغيل يد عاملة أكبر، ومن هنا تأتي أهمية وفد رجال الأعمال الذي بدأ بدراسة تلك المنطقة.
يقول رئيس وفد رجال الأعمال الدكتور زيد كيالي لموقع تلفزيون سوريا إنّهم قدموا إلى المنطقة لهدفين، الأول هو تخديم البنية التحتية للمناطق المحررة من أجل إقامة مشاريع قصيرة الأمد وبعيدة الأمد، والثاني إيجاد حلول استراتيجية للمنطقة بحيث تكون التنمية مستدامة، إضافة لاستكشاف أفكار لمشاريع صناعية سريعة من أجل حل مشكلة البطالة.
ويضيف أنّ الوفد لاحظ وجود أيد عاملة كبيرة غير مرتفعة الأجور فضلا عن وجود كفاءات وناتج زراعي بالإضافة إلى عدم وجود تشريعات ضريبية صارمة، وبالتالي تصبح كلفة الإنتاج جدا منخفضة، ويصبح للتاجر مجال كبير لأن تكون سلعته ذات إنتاج منخفض تمكنه زيادة الأرباح عن طريق زيادة التصريف.
ويلفت رئيس وفد رجال الأعمال إلى أنّ البيئة في الداخل السوري مناسبة جدا لإقامة مشاريع اقتصادية، وإن استطاعوا حل ثلاث عقبات فقط، يمكنهم البدء بتنفيذ أي مشروع، وعلى رأس تلك العقبات مشكلة المياه والأمان وحرية الأموال.
عقبات أمام الاستثمار
يكشف الدكتور كيالي لموقع تلفزيون سوريا أنّهم توصلوا إلى عدة نقاط تشكل عائقا أمام إقامة أي مشروع في المناطق المحررة، وسيتم العمل على حل معظمها ليتسنى لهم البدء بتنفيذ أي مشروع.
أولا مشكلة المياه، فهناك خطر استراتيجي بسبب المياه، فالمنطقة قادمة على عطش خلال سنتين إذا لم يتم جر قناة للمياه من الفرات إلى منطقة الباب واعزاز وقد تؤدي إلى هجرة جماعية من المنطقة لأن معظم مصادر المياه الحالية تعتمد على آبار عمقها 60 مترا وهذا أمر جنوني، وإذا استمر الأمر هكذا فالمنطقة قادمة على كارثة بيئية واجتماعية وإنتاجية، ويأتي على رأس أولويات وفدنا إيجاد حل لتلك المشكلة والعمل مع الحكومة المؤقتة لوضع حلول سريعة للمياه وجر قناة من جرابلس إلى الباب.
ثانيا المواضيع الأمنية، إذ يجب أن تخرج الفصائل من المدن، فلا داعي لوجود عدة فصائل داخل المدن تتحكم بأرواح وأرزاق الناس، فمثلا لا داعي لوجود أربعة حواجز قبل الدخول إلى اعزاز، وخروج تلك الفصائل من المدن سيقود إلى الاستتباب الأمني.
ثالثا مشكلة تحرك السيولة المالية، ومن الضروري التشجيع على فتح البنوك سواء العربية أو التركية أو الأجنبية في المناطق المحررة وتلك ضرورة ملحة.
رابعا مشكلة السلطة الإدارية إذ يجب لتلك السلطة أن تتوحد.
خامسا مشكلة الطاقة والنفط ويجب أن يفتح سوق النفط أمام المنافسة بحيث تهبط أسعاره في المناطق المحررة.
سادسا يجب السماح بتصريف المنتجات الزراعية في المناطق المحررة وتصديرها إلى الخارج، فلدينا 1.2 مليون نسمة بين اعزاز وعفرين والباب 80 بالمئة منهم مزارعون، إنتاجهم المحلي ومردودهم محجّم بسبب عدم وجود قوانين تسمح لهم بتصدير منتجاتهم الزراعية إلى الأسواق الخارجية وهذه ضرورة جدا ملحة لأن هذا هو الناتج المحلي للسوق.
سابعا مشكلة التعليم وخروج الطلاب من المدرسة بنسبة 50 بالمئة مع تدني أجور المعلمين وتلك مشكلة يجب حلها وقدمت مقترحات لذلك.
ويضيف “كانت الحكومة المؤقتة حاضرة في جميع اللقاءات وتم الاتفاق على السعي لتذليل كل العقبات التي تعيق القيام بأي مشاريع اقتصادية لتنمية المناطق المحررة”، مردفا أنه يتم العمل على ذلك بالتعاون مع الحكومة التركية والحكومة السورية المؤقتة.
يذكر خلال لقاء سابق أجراه تلفزيون سوريا مع المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جويل رايبرون، تحدث عن رجال أعمال يستطيعون دعم الناس، لكنهم على الهامش أو فقدوا الأمل لأنهم لا يجدون طريقة للمساهمة، وأنّ هناك كثيرا من هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون المشاركة لأسباب كثيرة ويوجد كثير من الأشياء التي سارت على نحو خاطئ، ولكن لم يفت الأوان بعد، فالفرصة ما زالت موجودة.
يبدو أنّ أخطاء الماضي بدأت تدخل في حسابات المعارضة السورية وعلى رأسها التنمية الاقتصادية وتحقيق ناتج محلي من شأنه المساهمة في استقرار المنطقة اقتصاديا وتشغيل أكبر قدر من الأيدي العاملة.
سامر العاني _ تلفزيون سوريا