يستمر المرضى في مستشفيات النظام العامة (الحكومية) بإطلاق نداءات استغاثة للتجار والصناعيين في مدينة حلب، من أجل مساعدتهم في دفع الفواتير، أو دفع مبلغ تأميني من أجل إدخال المريض إلى غرفة العمليات، لإجراء عمليات جراحية مكلفة في كثير من الحالات.
وأفاد مراسل عنب بلدي في حلب، أن تدهور الأوضاع المعيشية، واستمرار ارتفاع الأسعار، بما فيها أجور المستشفيات، ومعظم ما يشمل القطاع الطبي، دفع المدنيين لإطلاق نداءات مستمرة، وسط استجابات من بعض التجار الذين يتدخلون في بعض الأحيان لإنقاذ المرضى، أو مساعدة الأشخاص المحتاجين لإجراء عمليات جراحية.
عفيفة الأحمد (47 عامًا) قالت لعنب بلدي، إن ابنها عانى من حالة طبية احتاجت إلى عملية جراحية في القلب، وكونها تعاني من وضع معيشي صعب كسائر سكان المحافظة، لم تملك أجور العملية أو ما يمكن بيعه لتوفير تكاليف العملية الجراحية.
ظروف عفيفة دفعتها للجوء إلى التجار والصناعيين طلبًا للمساعدة، ما مكّنها من تأمين تكاليف العملية الجراحية إضافة إلى تكاليف الأدوية، مشيرة إلى أنها كانت محظوظة بعض الشيء لأن إدارة المستشفى كانت تطرد من لا يملكون أجور العلاج.
وتتزامن الحالة المعيشية المتردية وارتفاع تكاليف الطبابة، مع غياب شبه تام للجمعيات والمنظمات الخيرية المعنية بتأمين احتياجات السوريين في الداخل من طبابة وغيرها.
محمد نوري (49 عامًا) قال لعنب بلدي، إنه واصل الذهاب إلى الجمعيات “الخيرية” ومراجعتها للحصول على مساعدة في حالة طبية تعاني منها ابنته، لكن دون نتيجة تُذكر.
وأضاف محمد الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أنه حاول الحصول على تمويل من أجل تغطية مصاريف المستشفى حيث تجري ابنته البالغة من العمر خمس سنوات، عمليات تبديل للدم بشكل دوري.
أزمة مستفحلة
وفي مطلع نيسان الماضي، ألغى مستشفى “الجامعة” بحلب جلسات غسيل الكلى للمراجعين من المرضى، الأمر الذي تكرر في مستشفى “ابن رشد”.
وقال أحد الممرضين، إن عدد أجهزة غسيل الكلى في مستشفى “ابن رشد” 45 جهازًا، وبسبب خروج 31 جهازًا عن الخدمة، وبقاء 14 جهازًا فاعلًا لغسيل الكلى، تبلّغ معظم المرضى بتأجيل جلساتهم بداية، قبل أن يتلقى أكثر من 38 مريضًا قرار إيقاف الجلسات بشكل نهائي، حسبما قال حمادة، الممرض في المستشفى، لعنب بلدي.
ومع أن بعض المرضى راجعوا الإدارة عدة مرات، فإن المبرر الذي تلقوه لإيقاف الجلسات هو “أسباب تقنية”، وطُلب منهم البحث عن مستشفى بديل لإجراء جلسات غسيل الكلى، وأضاف حمادة أن أجهزة غسيل الكلى تخضع للصيانة المتكررة، إلا أن جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) سببت إهمال قسم الكلى في المستشفى.
غياب تام للجمعيات الخيرية
بعد توقف محمد عن زيارة الجمعيات “الخيرية” دون تحقيق نتيجة، وضيق الحال الذي عانى منه بسبب ظروف ابنته الصحية الصعبة، فكر بالتوجه إلى التجار للحصول على مساعدة مالية، أو طريقة لتغطية احتياجات ابنته في عمليات تغيير الدم، وبعد عناء تكفّل أحد التجار بتغطية مصاريف الجلسات الشهرية.
وحاولت عنب بلدي التواصل مع الجمعيات الخيرية في مدينة حلب للحصول على تصريح رسمي حول الأسباب التي تدفعها لتجاهل طلبات تغطية تكاليف الطبابة، وخصوصًا العمليات الجراحية، أو مصاريف مبيت المرضى في المستشفيات أو جلسات غسيل الكلى وجلسات تغيير الدم، دون أن تلقى محاولات التواصل أي استجابة.
موظف في إحدى الجمعيات الخيرية رفض الكشف عن اسمه، قال لعنب بلدي، إن هناك شروطًا للمساعدة، ومن جرى قبولهم سابقًا في منح الجمعيات، قُبلوا عبر الوساطات، وحتى عائلات قتلى النظام تطبق عليهم الآلية ذاتها.
المستشفيات الحكومية لم تعد بالمجان
أصبحت مستشفيات النظام العامة تفرض مبالغ كبيرة على المرضى الذين يراجعونها، كونها تقدم خدماتها بشكل شبه مجاني، غير أنها أصبحت تعتمد على الفواتير، وإجبار المرضى على دفع مبالغ مقابل الحصول على الخدمات الطبية.
وكانت وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام السوري ألغت، في آب الماضي، مجانية عمليات غسيل الكلى في مستشفياتها الحكومية، حيث تكلّف جلسات غسيل الكلى في المستشفيات الخاصة نحو 275 إلى 350 ألف ليرة سورية.
ويعاني القطاع الطبي في سوريا من نقص المستلزمات الطبية، وانخفاض في الأجور في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، عدا عن استهداف مباشر للكوادر الطبية في مختلف المناطق السورية.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في مدينة حلب صابر الحلبي
المصدر: عنب بلدي