حذر مديرمنظمة الدفاع المدني السوري , رائد الصالح من كارثة إنسانية كبيرة تهدد محافظة إدلب بسبب استمرار هجمات قوات الأسد وحلفائه ، بهدف تفريغها من سكانها ؛ للسيطرة عليها , وأضاف الصالح، في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية للأنباء : “يبدو أن وقف إطلاق النار انهار” ، بعد أن بدأ في منطقة خفض التصعيد في إدلب باتفاق تركي روسي، في 10 يناير/ كانون ثانٍ الجاري , وتابع مدير “الخوذ البيضاء” : “هناك غارات مكثفة استهدفت المدن والأسواق، مع سقوط قتلى وجرحى، بينهم متطوع في الخوذ البيضاء قُتل بإدلب ، وهناك قصف على السوق الشعبي في أريحا، وغارات مكثفة على مدن وبلدات بالبراميل المتفجرة والقذائف الصاروخية”.
وأردف الصالح : وقف إطلاق النار كان جيدًا نسبيًا.. كان هناك اطمئنان في المنطقة ، وكان يمكن أن يبدأ الناس بالعودة بعد فترة الهدوء، لكن شهدنا عودة القصف ، وخلال السنوات الماضية لم يلتزم النظام وروسيا باتفاقيات وقف إطلاق النار , واستطرد : أن “النظام وروسيا قوى متحالفة ، ولهم سياسة واضحة بإخلاء المنطقة من سكانها للسيطرة عليها ، وكل حملة قصف تبدأ بالمنشآت الحيوية والمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء ، ثم الأسواق والأحياء السكنية، لإخلاء المنطقة من سكانها .. اليوم نتحدث عن معرة النعمان وريفها، أكثر من 350 ألف شخص أخلوا مناطقهم، وقبلها خان شيخون ومناطق أخرى وريف حماة الشمالي، فهناك أكثر من مليون نسمة تركوا منازلهم منذ نيسان أبريل الماضي”.
وشدد الصالح على أنه “كان هناك حملات تطهير وجرائم مرتكبة بحق الشعب ، بدأت من ريف دمشق، من داريا ومضايا الزبداني ووادي بردى والغوطة الشرقية ، وانتقلت إلى حمص وأحيائها القديمة ، والتي رغم أربع سنوات من سيطرة النظام لا أحد فيها ، ثم انتقل إلى ريف حمص الشمالي ، ومناطق كثيرة، وحاليًا يتبع السياسة نفسها في إدلب وريف حماة .. حاليًا لا نعلم ما هي أهداف روسيا والنظام في المنطقة، لكن يجب على المجتمع الدولي أن يكون حازمًا في حماية المدنيين من إرهاب النظام وروسيا .. إذا راجعنا عدد الضحايا الذين سقطوا خلال الفترة الماضية في ثمانية أشهر، سنجد أن أكثر من 60٪ منهم نساء وأطفال، فكل حديث روسيا عن محاربة الإرهاب هو محض إدعاءات”
ردًا على سؤال حول ما ينتظر إدلب في حال تواصل الخروقات، قال الصالح إن “استمر تقدم النظام بهذا السياق لا نتحدث هنا عن سيناريو محتمل، بل كارثة وحجمها كبير في ظل انخفاض الدعم الدولي وانعدام الاستجابة الدولية، وعدم سماع أصوات السوريين الذين يُقتلون تحت حمم الطائرات .. لا أستطيع تقدير حجم الكارثة، لكن نتحدث عن ملايين الأشخاص متواجدين في منطقة كانت قبل سنوات تتسع لحوالي 200 إلى 300 ألف نسمة، وهذا سيكون تهديدًا كبيرًا على تركيا وأوروبا، بمشاهدة موجات نزوج جديدة جماعية .. لا نعلم كيف ستسير الكارثة الإنسانية، وما هي الطرق التي سيسير عليها الناس؛ فهم فقدوا الأمل بكل شيء، فقدوا الأمل بالعودة لمنازلهم، فلا أحد يستطيع أن يتنبأ بما يحدث مستقبلًا”.
وحول الصعوبات التي تعرقل عمل منظمة “الخوذ البيضاء” في إدلب ، قال الصالح : “نحن كباقي المؤسسات نعاني من صعوبات كثيرة ، منها تحديات في التمويل ، والعدد الكبير من العائلات النازحة التي تتطلب جهدًا كبيرًا لإنشاء مخيمات وفتح طرقات وتعبيدها في الجبال، ونقص الإغاثة والسيارات .. عملنا بثلاث غرف عمليات لإجلاء المدنيين وإيوائهم في المخيمات، والعمل على بنية تحتية بسيطة، وأنشأنا، مع بقية المنظمات، حملة لاستجابة إنسانية للمدنيين، ووزعنا سلالًا إغاثية وبطانيات وجهزنا شققًا سكنية لعائلات” , وتابع : “مهما تحدثنا لا يمكن تقييم الاحتياجات .. الحاجة الأساسية للمدنيين تقدر بعشرات ملايين الدولارات يوميًا.. مثلًا 300 ألف مدني ، وإذا افترضنا سعر ربطة الخبز دولارًا واحدًا ، ونتحدث عن 60 ألف عائلة ، فنحتاج 200 ألف ربطة خبر يوميًا، ما يعني 200 ألف دولار للخبز فقط، ناهيك عن الخيام والبطانيات والفرش والأمور الأخرى، الاحتياجات الخاصة للنساء والأطفال”.
وزاد بقوله : كل ذلك “بحاجة لملايين الدولارات يوميًا، أكثر من 2 مليون دولار يوميًا على الأقل بالحملة الأخيرة، والمنظمات جميعها بحاجة لاستجابة سريعة .. هناك مشاريع سابقة ومنظمات إغاثية ودعم من تركيا وغياب للأمم المتحدة، والتمديد الأخير لإيصال المساعدات سيساعد، لكن كم سيغطي لا نعرف، قد يغطي 30 إلى 40٪، نحن بحاجة لخطوات جدية أكبر للاستجابة” , حول استهداف “الخوذ البيضاء” والتعاطف الشعبي معها، قال الصالح: “نتعامل مع الاستهداف كما الشعب السوري، لا توجد آليات لحماية المتطوعين، والآليات الأممية لا تُطبق في سوريا، في كل أنحاء العالم توضع علامات على سيارات الإسعاف لتعريفها لكي لا تُقصف، إلا في سوريا نحفر مستشفات تحت الجبال، ونعمل على تمويه سيارات الإسعاف .. لا نُستهدف بالقصف وحسب، بل إعلاميًا أيضًا، فروسيا تبذل جهدها لضرب مصداقية الخوذ البيضاء، لأنها الشاهد الأساسي والأول على جرائم النظام وروسيا، لذا تعمل بكل طاقتها لاستهدافنا إعلاميًا وعبر الطائرات”.
وأردف : “ما يدعونا للاستمرار هو محبة الشعب، ونحظى باحترام المجتمعات التي نخدمها، ولا أستطيع أن أعبر عن حجم الامتنان والمحبة التي نكنها لأهلنا الذين وقفوا معنا في كل المحن، وشاهدنا الجميع عندما حاولت روسيا إخراج الخوذ البيضاء من سوريا، كيف عمت التظاهرات دفاعًا عنها” , ونفي الصالح وجود أية محاولات للتواصل مع موسكو، مضيفًا: “إذا أوقفت روسيا قتل الشعب السوري يومًا ما، فنحن مستعدون للحوار بهذا الشأن” , وشدد على أن “روسيا ساهمت بالتغير الديموغرافي في عدة مناطق من سورية ، ودعمت النظام والميليشات للقيام بهذا، وأكثر ما يخشاه السوريون هو انهيار العقد الاجتماعي” , وختم بأن “ما مارسته روسيا من جرائم بهذا الاتجاه تصنف جرائم حرب، وتشجع النظام باتخاذ قرارات مثل القرار رقم 10 بمصادرة أملاك اللاجئين، حيث تساهم بالتغيير الديمغرافي وتؤثر على سوريا المستقبل”.