منذ بداية شهر نيسان/ أبريل 2022، بدأت الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري بحصار حيّ الشيخ مقصود والأشرفية التي تُسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية في مدينة حلب، حيث منع حاجز الجزيرة والسكّة مرور الشاحنات التي تحمل مواد الطحين والمحروقات إلى الحيّين المذكورين؛ مما أدّى لاستهلاك المخازن الاحتياطية داخلهما ونفادها تماماً في 5 من الشهر ذاته.
بدورها، قامت “قسد” بالردّ بالمثل، لكن في شرق الفرات وتحديداً في مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث بدأت حواجز قوات الأسايش التابعة لها بمنع وصول إمدادات الطحين إلى فرن “المساكن” في مدينة الحسكة، و”البعث” في مدينة القامشلي اللذين يتبعان للنظام. كما قامت بإغلاق عدّة طرق تصل إلى مطار القامشلي والمربع الأمني في مدينة القامشلي، إضافةً لتحشيد قواتها في المناطق المذكورة.
ومع عدم وضوح السبب الحقيقي لمباشرة النظام بهذا الحصار المتبادل بين الطرفين يُمكن وضع عدد من الأسباب المتوقّعة لهذا التصعيد بعد العودة إلى حالات التصعيد المتبادل المشابهة:
• تراكم الخلافات وتضارب المصالح بين الطرفين كالخلاف الناجم عن استمرار رفض “قسد” لإخلاء المباني التعليميّة لجامعة الفرات التابعة لحكومة النظام في محيط سجن الصناعة في مدينة الحسكة منذ سيطرتها عليها بعد حملة التمشيط التي قامت عقب هجوم تنظيم “داعش” على السجن، والذي يُهدّد استمرار قدرة النظام على إدارة ملف خدميّ آخر في المحافظة وهو ملف التعليم العالي الذي يحتكره ويستخدمه كأداة لإظهار استمرار سيادته وقدرته على تقديم الخدمات.
• افتعال التصعيد من قبل “قسد” وتأجيجه لاحقاً كردّ على تزايد نشاط وتهديد الميليشيات التابعة لإيران لمصالح وقوات التحالف الدولي في محافظتي الحسكة ودير الزور من خلال استهداف القواعد العسكريّة التابعة لها من قبل هذه الميليشيات إضافةً لعمليات الاعتراض المتزايدة بشكل واضح للدوريات العسكريّة البريّة لهذه القوات من قبل قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني خاصةً في محيط مدينة القامشلي.
بناءً على ما سبق، وبالنظر لمجريات التصعيد بين الطرفين والوساطة الروسيّة بينهما للحلّ؛ يمكن توقّع السيناريوهين الأكثر احتمالاً، وهما:
1. نجاح الوساطة الروسيّة في التهدئة والعودة للوضع الطبيعي بين الطرفين مع فكّ الحصار المتبادل بين الطرفين وحلّ المشاكل العالقة بينهما، خاصةً تلك المتعلقة بالمباني التعليميّة والأفران والمنشآت الخدميّة الأخرى.
استمرار التصعيد بين الطرفين وتطوّره وتكرار سيناريو اتفاق حيّ “طيّ” الذي رعته روسيا؛ عبر قيام “قسد” بإخراج ميليشيا الدفاع الوطني التابعة لإيران من حيّ “زنود” وبقيّة المناطق التي ما زالت تنتشر فيها داخل مدينة القامشلي ومحيطها القريب.
على أيّ حال، إنّ نجاح الوساطة الروسيّة وقدرتها على ضبط المشهد، وإعادة ترتيبه لن يكون بالسهولة المعهودة في حوادث سابقة مشابهة؛ نظراً للانخفاض المتوقّع لثقة “قسد” بها كطرف ضامن أمام النظام وانتهاكاته وتركيا التي لم تتوقف عن تنفيذ عمليات الاستهداف الجوي والبرّي لكوادر وقيادات “قسد” و”حزب العمال الكردستاني” دون أي ردّ فعل من روسيا.
المصدر : مركز جسور للدراسات