توجهت مجموعة من الوزراء اللبنانيين قبل بضعة أيام إلى سوريا للتفاوض على خطة لنقل الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا. وفي حين يعاني اللبنانيون من نقص الغاز والكهرباء، إلا أن المردودات المالية للصفقة المرتقبة ستؤدي لتأجيج الحرب في سوريا وإلى المزيد من الموت والدمار والتشريد.
أقر الكونغرس الأميركي، ولاحقاً البيت الأبيض عام 2019، قانون حماية المدنيين السوريين. سعى القانون لوقف تمويل جرائم الحرب في سوريا لكنه استثنى العمليات الإنسانية حيث لاتزال الولايات المتحدة أكبر ممول للإغاثة الأممية في كل المناطق السورية. أدت الحرب إلى نقص الوقود والغاز في سوريا، إلا أن هذا النقص لم يؤثر على العمليات العسكرية للنظام التي لا تزال تجري حتى الآن في شمال وجنوب سوريا.
في لبنان، اشتكت أطراف لبنانية كثيرة بإستمرار من تهريب الوقود والغاز إلى سوريا، لكن لم تناقش أو تنفذ أي طريقة لوقف عمليات التهريب لمدة عشر سنوات.لا تزال تدابيرالكونغرس ضرورية لحماية المدنيين خاصة مع تبني وسائل تدميرية قليلة التكلفة كالبراميل المتفجرة. نترات الأمونيوم هي المكون الأساسي لهذه البراميل، يكفي استخدام اثنين أو ثلاثة براميل لتدمير مبنى من 4 طوابق.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 82,000 برميل متفجر استُخدم في سوريا منذ عام 2012، بكلفة لاتزيد عن 100 دولار للبرميل.شهد ميناء بيروت العام الماضي سادس أقوى تفجير غير نووي في التاريخ. نتج الانفجار عن تخزين كمية كبيرة من نترات الأمونيوم بشكل سيئ في الميناء لمدة 7 سنوات. لم تتمكن السلطات منذ عام 2013 من حل الجدل حول ملكية المتفجرات أو سبب عدم تخزينها بأمان.
بعد الانفجار، قدرت العديد من الهيئات الأكاديمية والتحقيقية بما في ذلك مكتب التحقيقات الفدرالي، FBI، أن الانفجار ناجم عن اشتعال 550 طناً من نترات الأمونيوم، أي أقل بكثير من ال 2700 طن التي وصلت إلى بيروت في عام 2013. لا أحد حتى الآن يعرف مصير مئات الأطنان المختفية، ربما ينبغي أن يسألوا الشعب السوري عنها.للأسف فإن الشعب اللبناني نفسه يعاني أيضاً، فبينما كان الناس يعانون من نقص الغاز والوقود، واصل قادتهم التركيز على المكاسب السياسية.
فبقي لبنان بدون رئيس في الفترة من 2014 إلى 2016، وشُكلت حكومة بعد سنة من الفراغ منذ أيلول 2020. في الوقت نفسه تواجه المؤسسات المالية اتهامات تتعلق بسوء الإدارة النقدية، حيث فقدت الليرة اللبنانية 90٪ من قيمتها، ولا يتوقف الحديث عن التحويلات المالية غير الموثقة من وإلى سوريا. ورغم ذلك لم يتمكن المجتمع الدولي من التأثير على القادة اللبنانيين للتعاون لإرساء النظام أو وضع خطط لإنقاذ المدنيين.وفي هذا الوضع الكارثي، عرضت إيران تزويد لبنان باحتياجاته من النفط. ولمواجهة هذه الخطوة، يبدو أن الدبلوماسية الأميركية قد أشارت إلى أنها قد تدعم طريقا بديلاً، لتوفير الغاز عبر سوريا ، بينما سوريا نفسها تعاني من النفوذ الإيراني.
ستتطلب هذه الخطوة أن تصدر إدارة بايدن إستثناءً رئاسياً من قانون حماية المدنيين حتى تتمكن المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي من تمويل إعادة تأهيل وتشغيل خطوط الأنابيب عبر سوريا. وستكون هناك حاجة إلى إستثناء أخر لتمكين لبنان من دفع رسوم العبور لسوريا إما على شكل أموال، غاز، أو كهرباء.
وعلى الرغم من أن العديد من شبكات الطاقة في سوريا بحاجة إلى إعادة تأهيل بما في ذلك المناطق الأقل تضرراً من الحرب، إلا أن المفارقة أن بعض المسؤولين السوريين ذكروا أن خط الأنابيب القادم من الأردن قد تم الحفاظ عليه بشكل معقول عبر السنين رغم من الحرب والعقوبات.
اللبنانيون في ورطة، فغياب سلطات لبنانية مسؤولة أمام شعبها سيؤدي لأستمرار سوء إدارة الغاز والوقود واستخدامهم لتسجيل نقاط سياسية.والسوريون في أزمة، فالموارد الإضافية ستُحول لمعارك يدفع الشعب السوري وحده فاتورتها النهائية بمزيد من الدمار، و إراقة الدماء، والمزيد من التهجير. لا ينبغي على الإدارة الأميركية تقويض موقف الكونغرس لكسب معارك دبلوماسية، ولا ينبغي أن تكون دماء السوريين ثمناً لمعاناة أشقائهم اللبنانيين.
المصدر: المدن