استعرضت مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية في تقرير، اليوم الأربعاء، جانباً من يوميات مهمةٍ سرية قامت بها ضابطة مخابرات فرنسية تحت اسم (إنورا شام) في سوريا ضمن إطار بعثة المراقبين الدوليين التابعة للأمم المتحدة في سوريا عام 2012.
ونقلت الصحيفة عن رئيس الاستخبارات العسكرية الفرنسية الجنرال كريستوف غومار قوله إنه الضابطة الفرنسية، قد عادت إلى سوريا في مهمات أخرى لم يعرف أحد عنها شيئا بعد ذلك.
طبيعة المهمة
وبحسب “لوبوان”، فقد زارت الضابطة الفرنسية كلا من حماة وحلب وحمص في إطار بعثة المراقبين الدوليين عام 2012، وكانت تعمل مراقبة لجمع الأدلة نيابة عن الأمم المتحدة حول انتهاكات النظام والمعارضة.
كما زارت السجون والمستشفيات، وجمعت بشكل سري بعض الشهادات، وطورت علاقات مع قادة الجيش السوري الحر ومع ممثلين عن النظام السوري.
وروت إنورا شام، في كتاب يومياتها في سوريا، كيف يرتكب النظام وبشكل علني، القمع داخل المستشفيات والثكنات والسجون، وكيف كانت آلته تهدف إلى ترويع المدنيين.
وكشفت إنورا شام في يوميات زيارتها إلى سوريا، عن أنها شاهدت ازدراءا واضحا من قادة الجيش الحر للمجلس الوطني السوري الذي يريد المجتمع الدولي منه تشكيل حكومة انتقالية.
وتنطلق حجة قادة الجيش السوري الحر، والذين التقت بهم إنورا شام، في أن أعضاء المجلس الوطني السوري، فروا من سوريا ويسعون للحصول على سلطات لا يستحقونها، كما أنهم يعتقدون أنه لا يمكن التفاوض على أي شيء ما دام بشار الأسد في السلطة.
واستعرض التقرير زيارة الضابطة الفرنسية إلى القرى الواقعة على طول نهر الفرات في ريف حلب، والتي كانت تتعرض لقصف بالبراميل المتفجرة من الطائرات المروحية، في وقت كان فيه المدنيون مستاءون ومنزعجون من تعاطي المجتمع الدولي مع هذه الهجمات من قوات النظام.
خطط النظام للسيطرة
جيش النظام، لا يستهدف المدن بشكل عشوائي -كما تقول يوميات إنورا شام- بل يعمل بشكل مدروس ودقيق وهادف، وهو يستخدم نفس التكتيك في كل مكان.
ورأت أن تقنيات القتال لدى قوات النظام، تقوم أولاً على محاصرة منطقة كبيرة نسبيا بصورة قابلة للاختراق، وفي الوقت نفسه يتم إدخال المخبرين إلى المنطقة، وبمجرد تحديد جيوب المقاومة أو المقاتلين يُطلب من السكان الخروج من المنطقة، ويتم التدقيق في الخارجين ليعتقل الرجال والشبان المشتبه في تعاطفهم مع الجيش السوري الحر أو المصابين بطلقات نارية.
وفي الوقت نفسه، يخرج المخبرون، ثم تقوم قوات النظام بالهجوم مستخدمة أسلحة ثقيلة مدعومة بالمروحيات، وحالما يتم احتلال المنطقة عسكريا، تفسح قوات النظام الطريق للمليشيات للدخول الى المنطقة التي تمت السيطرة عليها.
وتقوم هذه الميليشيات بدورها في دخول في كل منزل وتقوم بطعن وذبح السكان باعتبارهم مقاتلين، ثم تقوم بنهب المكان وفي بعض الأحيان يتم إحراق المنزل أو تدميره بالمتفجرات، وهذه الأساليب تطبق في الريف وكذلك في المدن.
الدعاية
وبعد سيطرة قوات النظام على المنطقة التي استهدفتها عسكرياً، تظهر جثث مقاتلي الجيش السوري الحر مكدسة في شاحنات صغيرة بعد أن تم تشويهها، وتركز على مشاهد غاية في البشاعة، بعضها يشي بأن الشخص تعرض للتعذيب قبل القتل وبعضها يوضح أنه أعدم، كما تقدم مشاهد لمعتقلين ووجوههم إلى الحائط وخلفهم جنود يتلاعبون بأسلحتهم أمام الكاميرا.
وترجح “إنورا شام”، أن النظام يريد من خلال هذه الصور التي تثبت وحشيته، توجيه رسالة مطمئنة لمن يدعمه، ورسالة مرعبة للمناوئين له، وكل هذا يحدث على بعد مبان قليلة من الأمم المتحدة.
وفي الجانب الآخر، تروي الضابطة الفرنسية، أن قيادياً في الجيش السوري الحر، جلب عددا من الشباب، قائلا إنهم كانوا سجناء لدى قوات النظام، وتم تعذيبهم، مع أنهم لا يحملون أي علامات ظاهرة وهم صامتون ينتظرون إشارة منه، ليتحدثوا عما يريده منهم من انتهاكات فظيعة يقوم بها النظام.
الأسرى عند الجيش الحر
وفي موضوع الأسرى، ترى “شام”، أن عدد الأشخاص المحتجزين من قبل الجيش السوري الحر ضئيل، وغالبا ما يكون من المجرمين العاديين أو من مقاتليه الذين “تصرفوا بشكل سيئ”، لكنه تعتبرها في الوقت نفسه، لا تختلف عن السمعة السيئة لسجون قوات النظام.
هذا ولم، تستغرق مهمة إسورا شام في سوريا، سوى بضعة أشهر، بعد تعرضها لضغوط ومضايقات من جميع الأطراف على الأرض.
كما ولمست بحزن، كيف أن تقاريرها الميدانية لم تحرز أي تقدم لدى النظام والمعارضة لوقف الأعمال القتالية.
