في 13 أيار/ مايو 2022، أي بعد يومين من انعقاد مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية والمنطقة، أعلن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأمريكية عن إجازة أعمال الشركات والأفراد الراغبين بالعمل خارج مناطق سيطرة النظام السوري في شمال شرق وشمال غرب سورية، باستثناء إدلب وعفرين، بما يضمن لهم الحصول على كافة التسهيلات اللازمة لتنفيذ أعمالهم في قطاعات البناء، والصناعة والتجارة، والصحة والتعليم، والطاقة والنفايات، والتمويل والاتصالات، حتى لو كانت هذه التسهيلات محظورة بموجب قوانين العقوبات السابقة.
ورغم أنّ العمل في هذه القطاعات لم يكن ممنوعاً في وقت سابق، على مستوى الأفراد والمؤسسات، إلّا أنّ الجديد هو ضمان القدرة على تحويل الأموال واستيراد مستلزمات الإنتاج اللازمة لتنفيذ أعمالهم، حتى لو كانت تقنيات ومعدّات عالية التقنيّة، وأيّ معدات أو معاملات ضرورية لتنفيذ الأعمال في تلك القطاعات، التي تم تقييدها سابقاً بموجب قوانين العقوبات الأمريكية.
وبموجب هذه اللائحة تستطيع الشركات الأمريكية والمؤسسات المرتبطة بها الدخول للعمل في مناطق شرق وشمال سورية ضِمن القطاعات المحدّدة. علماً، أنّ الجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد طالبت بمثل هذه اللوائح منذ عدّة سنوات في سبيل افتتاح مؤسسات اتصال والمساهمة بأعمال البناء والإسكان وضمان تحويل الأموال بطرق شرعية ومُرخَّصة.
ويُمكن القول: إنّ القرار يأتي في سياق التعافي المبكِّر، فالدول الغربية كانت قد توافقت على ضرورة الدفع بهذه العجلة من خلال مشاريع متوسطة الأمد في سورية بعيداً عن إعادة الإعمار الذي ترفضه ما لم يكن هناك حلّ سياسي. وبالأصل، تهدف عملية التعافي المبكر إلى دعم قدرة المجتمعات المحلية على الاعتماد على نفسها وتحريك عجلة الإنتاج بما يضمن تقليل الاعتماد على الأعمال الإغاثية والمعونات الإنسانية؛ الأمر الذي سيؤدي بالتالي إلى تخفيفِ العبء عن كاهل المانحين من جهة، وإضعافِ قدرة التنظيمات المتطرِّفة على تجنيد الشباب لأسباب مالية من جهة أخرى.
ومن المتوقَّع أن تُفضي اللوائح المُعلَن عنها إلى تعزيز دخول مؤسسات غير ربحية بشكل أكبر لدعم برامج التعافي المبكر وإقامة مشاريع صغيرة تطور من بِنْية القطاع العامّ وتساهم في تطوير البِنَى التحتية. كذلك يُتوقَّع أن تدخل بعض الشركات والأفراد في سبيل دعم عملية الإسكان وإنشاء مشاريع أكبر حجماً من الماضي، كما قد تشهد المنطقة تدفُّق تقنيات اتصال ومَيْكَنَة زراعية وصناعية متطوِّرة نسبياً، وافتتاح مكاتب حوالات رسمية مرخَّصة.
من جانب آخر، ومع أنّ اللائحة المُعلَن عنها تستبعد مناطق النظام السوري والأفراد المُعاقَبين والمحظورين وكذلك الأنشطة النفطية من أيّ استثناء من العقوبات، إلّا أنّ الشكوك ما تزال قائمة حول إمكانيّة استفادة النظام من هذه الاستثناءات من خلال التشابُكات الكبيرة بين مناطقه والمناطق الخارجة عن سيطرته؛ خاصة في مجال العملات الأجنبية، والموادّ الأولية.
المصدر: مركز جسور للدراسات