سيريا برس _ أنباء سوريا
توثّق عدة مجموعات حقوقية سورية الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السوري ضد حقوق الإنسان، وخروقات القانون الإنساني الدولي في سوريا.
وفي كانون الأول عام 2016، شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة آلية مُكلفة بتحليل وجمع أدلة على الجرائم الخطيرة المرتكبة في سوريا، تكون مناسبة للاستخدام في أي إجراءات قضائية في المستقبل أمام أي محكمة قد تكون لها ولاية النظر في تلك الجرائم.
وشهد العام الحالي تقديم هولندا مذكرة لحكومة النظام السوري، تدعوها من خلالها إلى أداء مسؤولياتها الدولية بسبب التعذيب في مراكز الاعتقال التابعة لها، واستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا (غاز السارين في الغوطة الشرقية وخان شيخون بإدلب).
وجاء التحرك القضائي بعد إعلان هولندا أنها ستقدم ملف مرتكبي الجرائم والانتهاكات في سوريا إلى محكمة العدل الدولية، بالتزامن مع وجود عدة دعاوى في السويد وفرنسا والعديد من الدول.
برنامج “صدى الشارع” المذاع عبر راديو “روزنة” طرح تساؤلًا حول محاسبة الجناة في سوريا، واستضاف عددًا من الاختصاصيين للإحاطة بالموضوع.
كما استطلع آراء السوريين حول مدى متابعتهم للتحركات في المحاكم الأوروبية المتعلقة بالملف القانوني السوري.
جهود المنظمات الحقوقية
الحقوقي وعضو “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” معتصم الكيلاني، قال إن “هناك حالة إحباط في الشارع السوري في ظل استمرار حكومة النظام بارتكابها الانتهاكات حتى اليوم”.
وأضاف أن التسوية السياسية لا يصح أن تطرح دون محاسبة مجرمي الحرب لبناء العدالة اجتماعية في سوريا، وبناء عقد اجتماعي قائم على محاسبة مرتكبي الجرائم.
وأوضح الكيلاني أن محكمة الجنايات الدولية مختصة بالانتهاكات الجنائية المرتبكة من قبل أفراد متهمين بجرائم حرب وإبادة ضد البشرية، مضيفًا أن هناك استحالة لتقديم ملف سوريا لمحكمة الجنايات بسبب عدم توقيع سوريا على نظام روما الأساسي، المنظم للمحكمة الجنائية الدولية والمعتمد في روما في 17 من تموز عام 1998
وأضاف أن ما عرقل محاكمة النظام وجود 13 “فيتو” روسيًا- صينيًا عرقلت نقل الملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية، لذا كان لا بد من خطوات من مؤسسات سورية حقوقية لكسر حالة الإفلات من العقاب.
وتحدث الكيلاني عن سعي الحقوقيين والمنظمات لاستخدام الولاية القضائية العالمية ضمن القوانين الجنائية لدول الاتحاد الأوروبي، موضحًا أنها تختلف من دولة إلى أخرى.
تعاطي الإعلام مع المحاكمات
الصحفية لونا وطفة تحدثت عن حضورها المحكمة في كوبلنز، موضحة أن حضور الإعلام الألماني كان كبيرًا، وأن الألمان يرون وجود تشابه بين محاكمات النازيين في بلادهم وما حدث في سوريا.
وترى وطفة أن حضور الإعلام العربي والسوري لا يتناسب مع حجم الحدث، وأنه كان ضئيلًا، مضيفة أن هذا يعود لفقدان أمل السوريين بتحقيق العدالة، وتكرار حوادث الاعتقال والانتهاكات من قبل النظام السوري.
وتعتبر محاكمة “كوبلنز” في ألمانيا، التي تستمر جلساتها منذ نيسان الماضي، سندًا قضائيًا للاجئين السوريين هناك ضد أي قرار يقضي بإعادتهم إلى سوريا.
جهود أسهمت في تحديد المتورطين
أسهمت جهود ضحايا قبلوا بالادعاء لمكتب الادعاء العام وتقديم دعاوى ضد النظام في توجيه أصابع الاتهام للنظام السوري، إضافة إلى جهود المحامية رزان زيتونة التي قدمت أدلة على ضلوع النظام بالمجازر، والتي كانت موجودة بالغوطة الشرقية في أثناء الضربة، بحسب ما قاله الكيلاني.
وتحدث الكيلاني عن ضلوع “الحرس الثوري الإيراني” وسلاح القوة الجوية السورية و”الوحدة 450″ و”الوحدة 100″ التابعة للبحوث العلمية السورية في القصف بالسلاح الكيماوي.
ولفت إلى أن سوريا أكثر دولة وثّقت انتهاكاتها على مر التاريخ.
تقديم الشهادات في المحاكم
تحدثت الصحفية لونا وطفة عن “رهبة” في أثناء أداء الشهود شهاداتهم أمام القضاة، وأن فرحة عارمة تغمر من يدلي بشهادته باعتبار أنهم تحملوا مسؤوليتهم في الإدلاء بما شهدوه.
وقالت إن ردود فعل المتهم إياد الغريب كانت انفعالية، بينما حاول المتهم أنور رسلان أن تكون ردود فعله مضبوطة ومدروسة، بحسب ما ذكرته وطفة.
وتعتبر محاكمة المسؤولَين السابقَين في المخابرات السورية أنور رسلان وإياد الغريب مثالًا على إسهام الملاحقة القضائية في تحديد المشتبه بارتكابهم “جرائم حرب” من بين طالبي اللجوء الحقيقيين.
وترحّب خمسة بلدان أوروبية بطلبات السوريين برفع الدعاوى أمام محاكمها، حتى لو كان المجرم خارج حدودها، وهي ألمانيا، والسويد، وإسبانيا، وهولندا، والنرويج.
إنكار الحكومة السورية للتعذيب
قال الحقوقي معتصم الكيلاني إن سوريا وقّعت في عام 2004 اتفاقية التعذيب، وتنص المادة “30” على إعطاء محكمة العدل الدولية الحق في الفصل بحال إخلال الدول بالتزاماتها، ويحق بموجب الاتفاقية أن تشتكي أي دولة على دولة أخرى غير مُلتزمة ببنود الاتفاقية المُلزمة.
وتحدث الكيلاني عن مذكرة قُدّمت من الحكومة الهولندية للحكومة السورية عن طريق مندوبها بالأمم المتحدة، في حين رفضت الحكومة السورية المذكرة وأنكرت وجود تعذيب في سوريا.
وأوضح الحقوقي وجود فرق بين محكمة العدل الدولية التي أُنشئت لحل النزاعات بين الدول، في حين أن محكمة الجنايات الدولية خُصصت لملاحقة الأفراد مرتكبي الجرائم.
المصدر: عنب بلدي _ روزانا