قالت مجلة “فورين بوليسي” في تقرير لها، إن الشرطة الإيطالية ألقت اللائمة في الاتجار في الكبتاغون من سوريا إلى دول أخرى حول العالم على تنظيم داعش، لكنها أوضحت أن النظام السوري قد يكون المتاجر الحقيقي بها.
وسبق للشرطة في إيطاليا أن اعترضت في ميناء ساليرنو شحنات مؤلفة من 84 مليون حبة كبتاغون مقلدة، قيمتها مليار يورو، وهو ما يعتبر “أكبر مصادرة لأمفيتامينات في العالم”.
ووصلت الحبوب المصادرة إلى ساليرنو على متن ثلاث سفن قادمة من مرفأ اللاذقية السوري، وسارعت الشرطة الإيطالية إلى الإعلان بأن تنظيم “داعش” هو المسؤول عن الإنتاج والشحن، بزعم تمويل التنظيم وعملياته الإرهابية في أنحاء العالم، وتظهر هذه الحادثة مدى سوء فهم العلاقات بين الاتجار بالمخدرات والحرب، وفقا للمجلة.
وبحسب المجلة، نشرت وسائل الإعلام العالمية المعلومات التي وفرتها الشرطة الإيطالية، دون أي تساؤلات، مكررين المعلومات الخاطئة، دون التفكير في مدى تمكن تنظيم أعضاؤه مشتتون القيام بعملية كبيرة كهذه – ولكن الحقيقة هي أنه ربما لا علاقة له بالأمر.
وأفادت بأنه “في الواقع، فإن الاحتمال الأكبر هو أن يكون نظام بشار الأسد له يد بإنتاج الكبتاغون، للحصول على الأرباح التي يمكنه أن يستثمرها في حملته المسلحة ضد المدنيين، وتؤذي صحة الكثير من السوريين، الذين أصبحوا الآن مدمنين على الأمفيتامينات بعد سنوات من الحرب”. حيث لعبت حكومة النظام دورا في تهريب المخدرات منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي.
وازدهر إنتاج الكبتاغون في سوريا بعد 2013، عندما اضطرت الحملة في الجارة لبنان حزب الله بنقل إنتاج المخدرات إلى سوريا. وجاء هذا في الوقت المناسب بالنسبة للنظام السوري، حيث يحتاج إلى تمويل حملاته العسكرية ضد المعارضة.
ونقلت المجلة أن اقتصاد المخدرات غير الرسمي يعتبر “شريان حياة لنظام الأسد”، بحسب كارولاين روز، المؤلفة المشاركة لتقرير حول الكبتاغون، الذي أنتجته وحدة سياسات المخدرات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد.
ومعظم مواقع إنتاج الكبتاغون في سوريا هي في المناطق التي يسيطر عليها النظام، بحسب أبو جعفر، سائق الشاحنة السابق الذي كان يعمل بين حمص وريف دمشق وحلب.
وقال أبو جعفر، الذي طلب أن يذكر باسمه المستعار فقط بسبب مخاوف على سلامته “كل ما تحتاجه هو بعض البيوت المهجورة وعدد صغير من العمال يشرف عليهم شخص له علاقات قوية”. وأضاف أن مواقع الإنتاج منتشرة بين ضواحي حلب ودمشق واللاذقية وحمص والقصير وتل كلخ.
ولأن المؤسسات الدولية غير قادرة على إجراء تفتيش على الأرض، فمن الصعب إنتاج أدلة أكيدة تربط نظام الأسد بتجارة الكبتاغون.
وقال لورانت لانيال، المحلل لدى المرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان عليها، “إنه من المحتمل دائما في بلد تعيش حالة حرب أن الناس الذين يتمتعون بوضع أفضل للقيام بتصنيع مخدر بأمان وبكميات كبيرة هم الأشخاص التابعون للنظام.. أو في المناطق التي يضمن فيها النظام الأمن”.
وما كانت عمليات إنتاج المخدرات السورية لتكون ممكنة دون الخبرة الفنية لميليشيا حزب الله، المرتبة بإنتاج الكبتاغون في حمص وتل كلخ والقصير بالقرب من الحدود اللبنانية.
وبمناطق أخرى في سوريا، يقوم البدو بلعب دور رئيس في بيع ونقل الكبتاغون، بحسب أبو جعفر، الذي أضاف أنهم كانوا من بين أول من اشترى شحنات الأمفيتامينات القادمة من بلغاريا من خلال تركيا؛ للبيع في سوريا والأردن ودول الخليج، ويلعبون الآن دورا في تصنيعها.
رغم ذلك فإن الكثيرين خارج الشرق الأوسط ربطوا الكبتاغون بشكل خاطئ بتنظيم “داعش” بعد هجمات باريس عام 2015 إلى أن مرتكبي الهجمات كانوا يستخدمون الكبتاغون الذي وصفوه بأنه مخدر الجهاديين. وأظهرت تقارير السموم بعد ذلك بأن المهاجمين كانوا خالين من آثار المخدرات.
وفي ذروة سيطرته على الأراضي، كان لتنظيم “داعش” نشاط في السوق السوداء، حيث كان يتاجر بالآثار المنهوبة والسلاح والنفط. ولكن ليس هناك أدلة بأن التنظيم أنتج أي كابتاغون، حتى لو استخدم بعض مقاتليه هذا المخدر في ساحات المعارك، وفقا للمجلة.
ولم يكن من الممكن أن يكون سمح بذلك على المستوى المؤسساتي للتنظيم، حيث هو تنظيم سلفي: وكان زعماء تنظيم الدولة يعاقبون أي شخص قبض عليه وهو يدخن أو يبيع الدخان، ما يجعل من الصعب تخيل أن التنظيم يقبل تصنيع الأمفيتامينات.
ويتطلب القيام بفعل جاد لوقف هذه التجارة إلى تعاون المجتمع الدولي، وزيادة في الوعي العام للآثار السيئة لتجارة الكبتاغون على المدنيين السوريين. كما يجب كشف الأسطورة بأن الجماعات الإرهابية تقوم بإنتاج واستخدام هذا المخدر، وإظهار عدم مصداقيتها
المصدر: عربي 21