ينتفض نظام الأسد، إعلاما ومخابرات وما يليهم من عائلاتهم، لهمس يتهامس به سوريون، فتقاصصهم الدولة، لأن في القصاص حياة يا أولي الألباب، وتزجّ بهم في السجون بزعم الحفاظ على هيبة الدولة التي يحرص عليها هؤلاء حرصهم على مقدّس، بل ويشهد بعضنا ردّ النظام بكتائب عسكرية مدججة بالأسلحة، غاضبة تدهم مساكن عشوائية أو قرى نائية من أجل وشاية أو تغريدة، لكن النظام يعتذر بعذره الشهير، كلما صفعته إسرائيل قال: سيأتي الرد في الزمان والمكان المناسبين. ومعلوم عقلا أن الغضب والفرح وقطف الفواكه يكون في مواعده.
قُصف بالأمس مطار دمشق، وقد ردّ عليه النظام بالخطة باء، وهو نظام حكيم يتصف بالأناة والحلم، فأمر بالانتقال إلى مطار حلب، وقد انتشر مناصروه وداعموه وعناصره، يدعون لمطار حلب، ويصفونه بأحسن الأوصاف، مَثَله كمن قلعت عينه اليمنى، فانطلق يباهي بعينه اليسرى، واشتكى إلى الأمم المتحدة كالعادة، وإلى روسيا، وهدد بالردّ في الزمان والمكان المناسبين، بل إنه تجاهل الأمر لعدة أيام، فهو يتصف بالأناة والحلم مع إسرائيل، وبالحمق والغضب مع شعبه، ريثما يؤجل الردّ لإشعار إسرائيل بالقلق والخوف الدائم من ردّ الأسد في الزمان والمكان المناسبين، ولا يُعرف لم لا يردّ، فالنظام لديه مقومات الردّ بعد أن حصل على أركان التوازن الاستراتيجي، التي توفرت به في خمس نقاط:
– فهو حليف أول لأقوى دولة في العالم بعد أميركا هي روسيا، وشقيق لأقوى دولة إقليمية هي إيران، ويضاف إلى ذلك أن روسيا غاضبة من إسرائيل التي تحاربها في أوكرانيا سرًا.
-وهو مزود بسلاح صاروخي جديد هو إس 300، ولديه من الجند البواسل والميامين آلاف مؤلفة، سوى العصائب والكتائب الشيعية الانتحارية.
-ولا خوف من إسرائيل على تدمير سوريا كما قبل الثورة، فهي مدمّرة، ولا عذر للنظام، فقد انتصر على 83 دولة، فهو يستطيع أن يردّ، ويضيف دولة أخرى هي العدو الأول له في أدبيات السياسية ومحاضرات التوجيه المعنوي، وينتصر عليها، أو يوجعها، وهي دولة هشّة كما نقرأ في صحفه، شعبها أمشاج ومزق، وخائفة، وفيها ما فيها من الأدواء الاجتماعية، بينما شعبنا صفُّ واحد وراء قيادته الحكيمة.
-اكتساب النظام خبرة كبيرة في الحرب على الإرهاب وحرب المدن والعصابات، وهو جاهز “جواهز” للحرب. فإن لم يستطع الرد بالمثل بقصف مطار تل أبيب، فيمكنه قصف أرضه في ذرا الجولان الثلجية.
قُصف بالأمس مطار دمشق، وقد ردّ عليه النظام بالخطة باء، وهو نظام حكيم يتصف بالأناة والحلم، فأمر بالانتقال إلى مطار حلب
ولا نعرف لم لا يبث النظام صور الدمار في مطار دمشق، التي تبثها إسرائيل من الأقمار الصناعية للشماتة، ولن نسأل لمَ ليس لدى القائد الملهم بشار الأسد أقمار صناعية، وكان حافظ الأسد بحكمته وسداد رأيه وعقله قد رأى أن يحافظ على القنيطرة المحررة مهدّمة، حتى تكون عبرة للأجيال، وشاهدا دائما على همجية العدو، ولا نعرف لمَ حرم على شعبه زيارتها، فلم لا يبثّ ابنه بشار الملهم مثل أبيه صور الدمار في مطار دمشق، التي تنشرها إسرائيل للنكاية والتشفي، حتى يرينا حقدها وغيرتها من مطار دمشق الدولي رائع الترتيب، الذي ليس مثله في تل إسرائيل.
وقيل إن النظام لن يستطيع ترميمه في عشر سنين، ليس لقلة همّة النظام، وإنما بسبب الحصار، فعسى أن نتزود من تلك الصور بالغضب والحماس ويزيد من تصميم الجيش الباسل على الرد كما يفعل ببث صور دمار حلب وحمص التي دمرها الإرهابيون بالبراميل.
قد يجد النظام فوائد لقصف مطار دمشق في التحليلات الفضائية يعزّي بها شعبه، كما كان يجد فوائد من فقدان المازوت بالثناء على وقود “الجفت”، وهي مخلفات عصر الزيتون، والدعوة لاستخدامه، فهو أفضل من المازوت وأدوم، وأعطر، وسوى ذلك هو مثير للذكريات والمواجد والأنس، وكما كان يجد فوائد من غلاء اللحم بالدعوة إلى أكل البطاطا، فهي طعام رخيص ومفيد ولا يسبب داء الملوك، وكما كان يجد فوائد للوقوف على طوابير الانتظار للحصول على عشرين ليترا من البنزين، بإشاعة الطوابير للألفة وقراءة روايات الفرسان الثلاثة، والحصول على فيتنامين دال مجانا من الشمس، والتأمل في أحوال العالم، وكما كان يجد فوائد استخدام الدراجات في التنقل في حواري دمشق، فهي آلات رياضية، صحية، غير ضارة بالبيئة، وكما كان يجد إعلامه فوائد لانقطاع الكهرباء بالتأمل في السماء وزيادة الإيمان والانصراف إلى الذكريات القديمة وشد الأواصر العائلية بدلًا من مشاهدة المسلسلات التافهة.
أما أول فوائد قصف المطار، فهي الانتقال إلى المطار الوزير في حلب في وسط البلاد ، أو السفر برا، والسفر البري ممتع وآمن، ويزود القلوب بصور سهول الوطن المعطاء وجباله الشمطاء، ورؤية صور السيد الرئيس باسما، بينما مسافر الجو لا يرى سوى الغيوم.
أحمد عمر _ تلفزيون سوريا