syria press_ أنباء سوريا
تُخرجك عبارة “لم يجد العالم بديلاً عن الأسد” عن طورك ولو كنت بحلم الأحنف، لذا تركوه بالسلطة، بل ويحاولون إعادة تدويره اليوم أو غض الطرف عن إعادة التعويم والإنتاج، أيضاً للسبب ذاته، لا يوجد بديل.
ولكن قلما شرح لنا العالم الديمقراطي أو دول الجوار التي بلعت الطعم، بديل عن ماذا.
هل نظام بشار الأسد نظام ديمقراطي، وكل البدائل المعروضة، منذ الثورة السورية عام 2011 على الأقل، هي مشروعات ديكتاتورية وبدائل ثيوقراطية وحالات استبدادية، يخشى الشمال المتحضر على سوريا، الوقوع بها؟
أم أن نظام الأسد الابن، الممتد لنظام الوارث، هو نظام حريات فتح المجال للمعارضة، بدليل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، وخلو المعتقلات من سجناء الرأي، في حين البدائل جميعها، أحادية وإقصائية وستلغي الصوت الآخر بسوريا.
أو لعل النظام السوري من التقدم والحضارة، ما يريح شريك شطر المتوسط الشمالي، وتخشى دول أوروبا من مجاورة متخلفين، لا تأمن على بيتها الزجاجي، من رميه بحجارة من سيأتي بعد آل الأسد.
بالفعل بديل عن ماذا؟ هل استغل النظام السوري، عبر الأسدين، ثروات البلاد وإمكانات السوريين، فعاشوا رخاء ونعماء، ويخشى من بعده على جوع السوريين وتشردهم لدول الجوار وأوروبا، فيقاسموها مقدراتها ويزيدون نسبة بطالة أهليها.
علماً أن ثروة الجغرافيا، أو بصيغة أدق، نعمة الجغرافيا وحدها، تضمن دخلا للسوريين ليناموا إلى ما بعد الظهر، من عائدات “الترانزيت” فقط، إن لم نتكلم عن الزراعة والتجارة والثروات الباطنية.
هل القصد أن نظام ما بعد الأسد سيقتص من “الأقليات”، في حين وصلت السويداء بحكم الأسدين مرتبة هونغ كونغ، وبلغت سلمية مرتبة سيليكون فالي، ونال الأكراد إدارتهم الذاتية ولم يمسسهم سوء منذ عام 1918، وما كانت جرائم نزع المواطنة ومجازر 2004 وما نالوه من عقاب جماعي بعد عام 2011، إلا تجارب على اللامركزية.
بديل عن ماذا، عن تحقيق الاستقرار لدول الجوار، والأسد منذ أيام الأب، لم يترك ضالاً أو متطرفاً من دول الجوار، إلا وآواهم بسوريا الأسد، فخصص لهم منازل وسط العاصمة وأهّلهم بمعسكرات ودورات داخلية وخارجية، وكان يلوّح بهم كلما أراد ابتزاز دول الجوار.
بل حتى ما يقال عن أمن إسرائيل وحراسة الأسدين لحدودها وعدم إطلاق طلقة -عدا الصاروخ الطائش أخيراً- باتجاه دولة الاحتلال منذ حرب تشرين 1973، فهذه الذريعة سقطت هي الأخرى، بعد أن ذهب معارضون أو محسوبون على المعارضة، إلى إسرائيل وطمأنوها وقدموا لها الولاء وضمان حسن الجوار.
فأي شيء بالأسد لم يجده العالم ببدلائه المنتشرين على 45 دولة حول العالم؟
هل كانت لحية جورج صبرا وميشيل كيلو إلى ما تحت ركبتيهما فأخافت العالم المتحضر من حكم الشريعة والقصاص بالسيف؟
وهل كفاءة العسكريين والسياسيين ورجال الدولة الذين انشقوا عن النظام منذ البداية، تشكك الدول الراعية بعدم إمكانية إقامة دولة وتحويل سوريا إلى دولة فاشلة؟
أم عشرات المشروعات المتكاملة، التي قدمت للعالم بأسره، حول سوريا ما بعد الأسد ومنذ “اليوم التالي” كانت دون خطط وبرامج الأسد التنموية والحضارية.
قصارى القول: حينما أراد أصحاب القوة والشأن والمصلحة الإطاحة بنظام القذافي، الذي لم يقصف شعبه بالكيماوي ولم يهجر نصف السكان ويأتي بأربعة محتلين إلى ليبيا، قدموه على “بيك أب” مكشوف للمعارضة ليخوزقوه، رغم عدم وجود البديل حتى اليوم.
ولما رأى الأقوياء، وواشنطن على وجه التحديد، خطراً على مصر من بقاء مبارك، أمرته بالتنحي، كما رعت تدخل إيران وتقوية الحوثيين، ليقتلوا علي عبد الله صالح.
وحينما توفرت المشيئة الدولية لإسقاط نظام صدام حسين، لملموا المعارضة العراقية من أصقاع أوروبا، وعرفوهم على بعضهم بمؤتمر عاجل، وأرسلوهم على ظهور الدبابات ليحكموا العراق.
نهاية القول: الأرجح، ليس من توافق ومشيئة لإزالة وتد زرعته بريطانيا منذ الستينات بسوريا، وأما حكاية البديل، فهي أسخف من أن تمر على أبله، وواهية لدرجة إثارة الضحك أيضاً.
وربما المدهش بالأمر، أن ذريعة لا يوجد بديل عن الأسد، يستخدمها معارضون سوريون حينما يريدون جلد أنفسهم أو التهرب من مسؤولية فشلهم بعد تقديمهم أنموذجاً سخيفاً للعالم ما دعاه يتشدق بعدم وجود بديل…
عدنان عبد الرزاق – زمان الوصل