قالت صحيفة فايننشال تايمز، إن زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لأوكرانيا كانت فرصة مثالية لتعبر تركيا عن غضبها، نتيجة مقتل ثمانية جنود اتراك في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى كلمات أردوغان والتي اختارها بعناية حيث قال: “المجد لأوكرانيا” خلال زيارته للقصر الرئاسي في كييف، وهو شعار وطني يرتبط بشكل وثيق مع المشاعر المعادية لروسيا وبمعركة أوكرانيا للاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. كانت كلمات أردوغان توبيخاً واضحاً للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يدعم القوات الانفصالية في شرق أوكرانيا.
ويتعرض التحالف بين أنقرة وموسكو لاختبار فعلي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بعدما قتل جنود أتراك على يد القوات الموالية لنظام الأسد بالقرب من إدلب بدعم من الجيش الروسي.
وانعكست نتائج الهجوم على المنطقة كلها بما في ذلك سعر واردات الغاز في الوقت نفسه الذي يشعر فيه حلفاء تركيا في الناتو بتبعات التقارب المتزايد مع موسكو.
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى: “يمكننا القول إنها علاقة لا تتصف بالسهولة.. من السهل لبعض المسؤولين الغربيين أو المعلقين السياسيين القول إن تركيا أدارت ظهرها للغرب، وكأننا بتنا تماماً في محور الروس. القصة ليست كذلك”.
تنويع العلاقات الدولية
أعلنت تركيا إلغاء دورية عسكرية مشتركة، كان مخطط لها مع القوات الروسية في سوريا، في الوقت الذي قالت فيه موسكو، إن أنقرة هي التي تتحمل المسؤولية لأنها لم تكشف عن موقع القوات التركية.
وقال قسطنطين كوساتشيف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي: “هذا مقلق للغاية.. ويعد اختبار جاد لمدى قوة الاتفاقيات الروسية التركية الحالية”.
وتمثل سوريا أهم نقطة خلاف بين الطرفين. قبل خمس سنوات، أسقط الجيش التركي طائرة روسية من طراز سو-24 بعدما تجاوزت المجال الجوي السوري. وبعد سبعة أشهر فقط من الحادثة، زادت حدة الخلافات بين تركيا وحلفائها الغربيين التقليديين، وزادت الصلة الوثيقة التي تجمع بين أردوغان وبوتين.
تطورت العلاقة لتشمل تعاون في إمدادات الطاقة والتجارة والصراعات في المنطقة، على الرغم من دعم كل بلد أطراف متصارعة. قرر أردوغان شراء منظومة صواريخ إس-400، متخلياً عن برنامج طائرات إف-35 والتي تعمل عليه دول الناتو.
وقال يوسف إريم، المحلل السياسي التركي، إن تركيا تسعى “لتنويع علاقاتها مع الدول العظمى” في ظل نظام عالمي متغير.
علاقات متداخلة وشائكة
وأشار كريم حاس، محلل العلاقات الروسية التركية في موسكو، إلى أنه وعلى الرغم من موافقة تركيا على استضافة خط أنابيب الغاز تورك ستريم والذي تم افتتاحه مؤخراً ويمكّن روسيا من تجاوز أوكرانيا؛ إلا أن أنقرة تدفع سعراً أعلى للغاز الروسي من ألمانيا. وقال: “تركيا لم تتمكن من الحصول على خصم”.
وتشعر أنقرة بالقلق من أخطر أزمة إنسانية تشهدها إدلب والتي تحتوي على حوالي 3.5 مليون شخص محاصرين. وحذر أردوغان الذي تستضيف بلادها 3.6 مليون سوري، من أن تركيا ليست قادرة على استضافة المزيد من اللاجئين السوريين.
ويقول المسؤولون الأتراك في أنقرة، إن الوقوف بوجه روسيا في سوريا أصبح أكثر صعوبة، وذلك بسبب نقص الدعم المقدم من الحلفاء الغربيين.
وتمتلك تركيا بعض أوراق الضغط على روسيا في سوريا، بسبب علاقتها بالفصائل؛ إلا أنها تعتمد على روسيا لمنع توجه موجة كبيرة من اللاجئين نحو الحدود التركية، وللحد من دور المليشيات الكردية في صوغ مستقبل سوريا، وكذلك بسبب اعتمادها على الغاز الروسي.
وقالت أسلي أيدينتاسباس، الزميل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن أنقرة “لا يمكنها تحمل تبعات عزل روسيا” وتوقعت أن تنجو العلاقة بين البلدين حتى مع التوتر الحاصل في إدلب.
المصدر : أورينت نت