بعد تصنيفه كواحد من أسوأ وأغلى جوازات السفر في العالم، يعاني السوريون في كل مكان يعيشون فيه من مشكلة تجديد جواز السفر أو استخراج واحد جديد، بسبب الصعوبات التي يفرضها نظام الأسد على هذه الوثيقة، والتكاليف الضخمة المترتبة على من يود الحصول عليه.
وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري توقفاً في إصدار جوازات السفر منذ مدة ليست بالقليلة بحجة الضغط الكبير على إصدار وثائق السفر، إضافة إلى رفع كلفة الجواز لأسعار ضخمة مقارنة بدخل المواطن.
ويعد إيقاف إصدار الجوازات واحداً من أبواب الفساد الأساسية التي يعتمد عليها العاملون في فروع الهجرة والجوازات والمسؤولون ذوو اليد الطولى، حيث وصلت حجوزات دور على المنصة الإلكترونية التي صممتها حكومة نظام الأسد إلى أكثر من 5 ملايين ليرة للجواز المستعجل، وبما لا يقل عن مليونين للجواز العادي.
وتصل مدة إصدار الجواز العادي في هذه الأيام بين 90 يوماً إلى 100 يوم بسبب الضغط الكبير على المنصة التي لا يتمكن السوريون من الولوج إليها.
ويحتاج من يريد استخراج جواز سفر في سوريا إلى صورة عن هويته، وصورتين شخصيتين، وحجز موعد في المنصة، وتثبيت عبر كود يأتي عبر الهاتف المحمول.
كيف يستخرج السوريون جواز سفر؟
ومن خلال رصد موقع “تلفزيون سوريا” لإمكانية استخراج جواز سفر أو تجديده في مناطق سيطرة النظام، لا يمكن حالياً إلا عبر وسيط بمبالغ ضخمة جداً، والمواعيد معظمها بعد أكثر من 6 أشهر في عام 2023.
وقال غسان أبو هاشم، (45 عاماً) إن استخراج جواز سفر جديد في سوريا اليوم ضرب من الخيال، حيث لا يمكن لأحد الدخول إلى المنصة الإلكترونية التي أعلنت عنها الهجرة والجوزات.
وأَضاف أبو هاشم في حديث مع موقع “تلفزيون سوريا” أن هناك وسطاء ومكاتب يتمكنون من حجز موعد لك لاستخراج جواز سفر، لكن السعر مرتفع جداً، أحياناً يصل إلى 5 ملايين ليرة للجواز الفوري أو المستعجل.
ولفت إلى أن الوسطاء أو السماسرة في العاصمة دمشق لديهم علاقات ضمن فروع الهجرة والجوازات سواء في دمشق أو ريفها حيث الأسعار أعلى أو محافظات أخرى مثل القنيطرة ودرعا لصعوبة المواصلات إلى تلك المحافظات.
وبحسب أبو هاشم الذي يعاني منذ 5 أسابيع محاولاً استخراج جواز سفر بسبب حاجته للسفر إلى تركيا لرؤية أبنائه، فإن أحد السماسرة أكّد له أن حجز الموعد للجواز العادي قد يأخذ عدة أشهر، ولذلك اضطر للدفع واستخراج المستعجل.
ويحتاج من يريد استخراج جواز سفر في سوريا إلى صورة عن هويته، وصورتين شخصيتين، وحجز موعد في المنصة، وتثبيت عبر كود يأتي عبر الهاتف المحمول.
كم كلفة الجوازات في سوريا؟
ولا تتوقف المشكلة على الفساد المرافق لاستخراج جواز السفر والأموال التي ستدفعها كرُشاً وسمسرة، إنما أيضاً ارتفاع كلفة استخراج جواز السفر الذي رفعته حكومة نظام الأسد إلى مبالغ ضخمة بالنسبة لمتوسط دخل الموظفين.
ولا يتجاوز راتب الموظف الحكومي في مناطق سيطرة النظام السوري الـ 110 آلاف ليرة سورية (نحو 25 دولاراً أميركياً)، بينما كلفة استخراج جواز سفر دون رشوة حجز موعد وأجرة طريق 125 ألف ليرة للجواز العادي، والذي قد تستمر مدة إخراجه في حال وجود موعد من عدة أشهر إلى سنة كاملة.
وحددت حكومة نظام الأسد سعر جواز السفر المستعجل بـ 325 ألف ليرة سورية، أيضاً دون سمسرة الموعد وأجرة الطريق في حال كان استخراجه سيكون من فرع هجرة القنيطرة.
وإن أراد أحد الشباب السوريين استخراج جواز سفر إن كان طالباً جامعياً أو لم يخدم عسكرية فهو بحاجة لإذن سفر من شعبة التجنيد بقيمة 300 دولار أميركي.
أما كلفة استخراج جواز سفر لمن يقيم خارج (القطر) سوريا، المستعجل بـ 860 دولاراً أميركياً، والعادي بـ 350 دولاراً.
ويحتاج من يستخرج جواز سفره من داخل سوريا وهو خارجها إلى أحد أقاربه ليوقع نيابة عنه، ولكن بعض الحكومات مثل تركيا تطلب تصديقه من القنصلية السورية (التابعة للنظام)، وهناك سلسلة أخرى من الفساد ودفع الرشا لحجز موعد وتصديق الجواز، أو إن سافر به إلى بلد أخرى وعاد الدخول إلى البلد مجدداً فلا يحتاج إلى تصديقه من القنصلية.
كم بلغ عدد الحجوزات في المنصة الإلكترونية؟
ويبدو أن عدد من يريد السفر إلى خارج مناطق سيطرة النظام السوري يزداد يومياً بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية المتردية بشكل كبير.
وقال مدير تقانة خدمة المواطن في الشركة السورية للاتصالات، سامر اليماني في تموز الماضي، إن عدد الحجوزات المثبتة على المنصة وصل إلى 54298 حجزاً داخلياً وخارجياً.
وأشار في تصريحات لصحيفة الوطن المقربة من النظام السوري إلى أن عدد الحسابات المنشأة على المنصة لاستخراج جواز السفر، بلغ 48050 حساباً إلكترونياً.
المطلوب داخل سوريا ليس له جواز سفر
ويعاني الكثير من السوريين من منعهم من السفر بحجة المراجعة الأمنية لأفرع مخابرات نظام الأسد، حيث لا يتمكن من استخراج جواز سفر دون مراجعة فرع الأمن الذي يطلبه ثم إن أجريت معه التحقيقات وخرج من فرع الأمن أو (المعتقل) فيمكنه استخراج الجواز.
وقال أحد العاملين في فرع الهجرة والجوزات بدمشق لموقع “تلفزيون سوريا” (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، إن تجديد جواز السفر في سوريا اليوم من أصعب الأمور ويحتاج إلى واسطات كبيرة أو دفع رشاً.
وأضاف أن هناك عمليات نصب كثيرة بخصوص الحجز على المنصة الإلكترونية التي لا يمكن الولوج إليها والكثير منها وهمي، مؤكداً أن ضباط الهجرة والجوازات يستطيعون الدخول عبر روابط أخرى تعمل بالاتفاق مع المبرمجين العاملين في وزارة الداخلية.
ولفت إلى أن من يعيش خارج سوريا وإن خرج تهريباً من البلاد يحق له استخراج جواز سفر من داخل سوريا أو من إحدى القنصليات في الخارج بشرط الدفع بالدولار سواء للمستعجل أو العادي، ولا يحتاج موافقة أمنية مثل من يقيم في داخل سوريا.
وأشار إلى أن مدة جواز السفر السوري في معظم الحالات تكون عامين، خصوصاً لمن يقيم خارج سوريا، أما الجواز الذي تصل مدته لست سنوات فلا يمنح إلا للنساء والأطفال وكبار السن ومن ليس لديه خدمة عسكرية.
ثالث أسوأ جواز في العالم
ويصنف جواز السفر السوري في قائمة جوازات السفر الأسوأ عالمياً، حيث حل ثالثاً بعد الجواز العراقي الذي حل ثانياً ثم الجواز الأفغاني في المرتبة الأولى، وفق قائمة أصدرتها شركة الاستشارات العالمية “هينلي وشركاؤها”.
واحتل الجواز السوري المرتبة 114 في 2021، ويعتبر الأعلى كلفة بين جوازات السفر في العالم، حيث يعاني السوريون بسببه الكثير من الصعوبات فيما يتعلق بالسفر ورفض الفيزا لمعظم دول العالم.
ويمكنك جواز السفر السوري من السفر إلى أقل من 29 وجهة عالمية، يليه كل من باكستان واليمن والصومال ونيبال والسلطة الفلسطينية وكوريا الشمالية.
سارة هاشم _ تلفزيون سوريا