تطرّق الكاتب الأمريكي، توم روجان، في مقال نشرته صحيفة “واشنطن إكزامينار” إلى تداعيات الصدام الأخير بين القوات الروسية والأمريكية، والذي تسبب بإصابة عدد من الجنود الأمريكيين في ريف الحسكة السورية، داعيا إلى لجم بوتين بـ”خطوط حمر” أمريكية، حتى لا يقع ضحايا أمريكيين بهجوم آخر في سوريا.
ويرى روجان، أن روسيا ستقتل قريبا أمريكيين في سوريا، ما لم يصدر الرئيس، ترامب، “خطا أحمر” واضحا ونهائيا ضد مثل هذا الإجراء، ويضيف “يجب على الرئيس الأمريكي تحذير الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أنه حتى لو استخدمت موسكو وكيلا لتنفيذ هجوم ما، فإن روسيا ستتحمل المسؤولية المباشرة”.
وأصيب عدد من العسكريين الأمريكيين، يوم الثلاثاء الماضي، عندما صدمت قافلة تابعة للجيش الروسي مركبتهم، كما تحدثت تقارير خلال عطلة نهاية الأسبوع عن قيام وكلاء سوريين بقصف قاعدة أمريكية بقذائف الهاون شمال نهر الفرات. وفي منتصف آب، فتحت قوات الأسد الخاضعة للسيطرة الروسية النار على دورية أمريكية.
وبالعودة إلى شهر شباط، أجبرت مركبة تابعة للجيش الروسي دورية أمريكية أخرى على الخروج من الطريق عندما أعاقت خط سيرها.
وأكد هجوم القوات الروسية الفاشل على القوات الأمريكية في شباط / فبراير عام 2018، أن بوتين مستعد لقتل الأمريكيين في سوريا، إن كان يعتقد أنه يستطيع الإفلات من العقاب.
وتشعر موسكو بالإحباط الشديد، بسبب احتفاظ ترامب ببضع مئات من القوات البرية في سوريا، من أجل حماية تطوير حقول النفط وعرقلة إحياء “داعش” على الأرض.
ويمنع هذا الوجود روسيا من الانفراد بحل سياسي أحادي شمال نهر الفرات في شرق وشمال شرق سوريا.
ولم يتمكن بوتين بدوره من فعل ما يريد فعله حقا في سوريا، بإجبار جميع الأطراف على قبول الهيمنة السياسية الروسية التي ستسمح لبوتين بالقضاء على آخر معاقل الثورة السورية، وتأمين حكم بشار الأسد على المدى الطويل. كما أنه سيمنح بوتين سيطرة كاملة على إمدادات الأسلحة الإيرانية من العراق إلى سوريا وصولا إلى لبنان، وهذه طريقة رائعة لانتزاع التنازلات السياسية من إسرائيل التي تشكل تلك الأسلحة تهديدا لها.
ويرى بوتين أن هيمنته المحتملة على سوريا هي المفتاح لإقناع الممالك العربية السنية الثرية بأن روسيا، وليس الولايات المتحدة، هي الوسيط القوي الذي يجب التعامل معه والإذعان له في الشرق الأوسط.
ويأمل بوتين في إقناع نظيره الأمريكي بأن تكاليف الوجود الأمريكي في سوريا تفوق الفوائد المتراكمة من تطوير حقول النفط الأمريكية.
والحقيقة، إن أي هجوم على القوات الأمريكية، حتى لو قام به وكلاء روس لا يمكن إنكارهم، من شأنه أن يحمل خطرا على بوتين. تمنح الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة كلا من ترامب والمرشح الديمقراطي للرئاسة، جو بايدن، سببا خاصا لإظهار العزم على ردع العدوان الروسي.
وتعطي الانتخابات الأمريكية أيضا بوتين الدافع للتحرك الآن وليس لاحقا. نظرا لأنه إذا تم انتخاب بايدن، فمن المرجح أن تحتفظ الولايات المتحدة بوجود بري أكبر في سوريا مما قد يحتفظ به ترامب، بينما يحمل التأخير تكلفة على بوتين، بالنظر إلى خسائره الاقتصادية والعسكرية المتزايدة في سوريا.
ويتضح من ذلك، لماذا يجب على ترامب تحذير بوتين؟.. نظرا لأن الرئيس الروسي سيستخدم الوكلاء في أي هجوم مميت على القوات الأمريكية، يجب على ترامب أن يوضح للرئيس الروسي أن أي هجوم تشنه القوات المرتبطة بروسيا ويقتل فيه جنود أمريكيون سيؤدي إلى انتقام عسكري أمريكي مباشر. إذا رأى بوتين هذا الخط الأحمر، فسوف يتراجع. لكن إذا لم يره، فسيستمر بالضغط على القوات الأمريكية بهجمات صغيرة حتى تراق الدماء الأمريكية.
المصدر: أورينت نت