قالت مراسلة الشرق الأوسط لصحيفة “صاندي تايمز” لويز كالاغاهان، في تقرير إن بشار الأسد، يواجه أكبر تحدّ له منذ بداية الحرب قبل تسعة أعوام، مشيرة أن سكان العاصمة دمشق ظلوا ولسنوات بعيدين عن الحرب التي كانت تجري في مكان ناءٍ عنهم، ففي الوقت الذي كانت تتعرض فيه عدة مدن في البلاد للقصف المدفعي والجوي ويشرد أهلها، كان سكان العاصمة يتجولون في السوق القديم ويصلّون في المسجد الأموي العريق.
وفي الوقت الذي تعرض فيه الاقتصاد للعقوبات والخوف من انتقاد بشار ونظامه، إلا أن الناس في دمشق كانوا يعيشون حياة عادية وإن بدرجة نسبية، حتى تغير كل هذا بسبب قانون “قيصر” الذي سيسري مفعوله في هذا الأسبوع ووصول فيروس كورونا.
ويعاني الناس في المناطق التي يسيطر عليها النظام مثل بقية البلاد، ولكن معاناتهم مختلفة من ناحية ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، في تحد خطير لرئاسة الأسد.
وقال كريم شعار المحلل الاقتصادي والباحث في معهد الشرق الأوسط: “ما فعله الوضع الاقتصادي من ناحية انخفاض شعبية الأسد في ستة أشهر لم يتم تحقيقه طوال فترة الحرب” و”هذا أمر مدهش”.
وتشير الصحيفة إلى مزيج من الأزمات التي عجلت بالانهيار الاقتصادي من العقوبات الأمريكية إلى كوفيد-19 والانهيار الاقتصادي في لبنان مما أثر على قيمة العملة السورية وأفقدها نسبة 60% من قيمتها.
وبدأت المحلات التجارية في دمشق الأسبوع الماضي بإغلاق أبوابها والاحتفاظ بالبضائع لحين تحسن سعر الليرة. واصطف الناس لشراء المواد الغذائية، ليكتشفوا بعد انتظار طويل أن الكميات محددة مثل كيلو واحد فقط من الأرز.وحاول أحد المواطنين شراء مضاد حيوي من صيدلية، فقيل له إنه غير متوفر. وقال طبيب سوري يعيش في الخارج، إنه علم عن عدم توفر حتى الأدوية الأساسية.
وأوضح أحد سكان دمشق: “لم يحدث هذا أبداً من قبل” و”الناس خائفون”.وأعادت المحال فتح أبوابها يوم الجمعة مع أنها كانت خالية من البضائع المستوردة، فيما استقر سعر العملة. ويقول السكان إن سعر كيلو الأرز تضاعف منذ عدة أشهر.
ففي بلد يعتبر فيه 83% من السكان فقراء، فإن زيادة أسعار المواد الغذائية مثل الخبز وزيت الطعام والمواد الطبية يعتبر مشكلة للكثير منهم.وبدأ الناس الذين يعيشون في مناطق النظام يشعرون بأثر زيادة الأسعار.
وأبدى أحد السكان قلقه قائلاً : “لا أدري إن كان الوضع سيزداد سوءا” و”لا أعرف كم سيكون سعر الأرز غدا، وبالطبع فالناس خائفون”.
ومع انخفاض سعر العملة، انتشرت تظاهرات في مدن مثل السويداء التي يعيش فيها أبناء الطائفة الدرزية وظلت بعيدة عن الحرب. وظهرت لقطات فيديو لمتظاهرين يهتفون بشعارات معادية للأسد.
وترى الصحيفة أن الصدع بين الأسد وابن خاله الملياردير رامي مخلوف فاقم من الأوضاع وكذا كوفيد-19 الذي دفع السلطات لإغلاق المحلات وحجر الناس بالبيوت.
وفي الأسبوع الماضي، قام بشار الأسد وبطريقة مفاجئة بعزل رئيس الوزراء عماد خميس بعد أربعة أعوام من تعيينه. ويقول المراقبون إن التحرك جاء ردا على الأوضاع الاقتصادية المتردية والاحتجاجات.
وعادة ما يوجه سكان المناطق التابعة للنظام نقدهم نحو رئيس الوزراء بدلاً من الأسد الذي يعتبر نقده محرماً. وتعلّق الصحيفة أن عائلة الأسد لم تكن تأمل بسوريا ما بعد حرب كهذه، وكانت رسالة الأسد واضحة منذ بداية الحرب، إما الأمن والاستقرار في ظل نظامه، أو الحرب والراديكالية في ظل المعارضة.
ونجت عدة مدن مثل دمشق واللاذقية من أسوأ آثار الحرب التي ضربت مدناً أخرى وشرّدت الملايين. ولكنه وبعد استعادته السيطرة على المناطق التي خسرها، يواجه الأسد نكسات كبيرة. فقد أخافت العقوبات الأمريكية التي ستطبّق هذا الشهر رجال الأعمال.
فقانون “قيصر” لا يعاقب المسؤولين السوريين والشركات التي تدعمه، بل والشركات ورجال الأعمال في الخارج ممن يعقدون صفقات تجارية مع شركات سورية.
وعانى حلفاء الأسد مثل إيران التي قدمت للأسد 6 مليارات في العام من آثار العقوبات الأمريكية وتداعيات كوفيد-19. ويواجه لبنان الذي كان الشريان بالنسبة لرؤوس الأموال السورية من أزمة مالية ومصرفية واقتصادية حادة.
وتبلغ أرصدة سوريا في المصارف اللبنانية 45 مليار دولار. ويقول الشعار: “يرتبط النظامان المصرفي السوري واللبناني” و”تركت الأزمة المالية في لبنان آثاراً خطيرة على سوريا”.
ولم يعد لدى النظام أيٌّ من الحلفاء لطلب مساعدتهم، فروسيا الني ساعدت في دعم النظام ليس مهتمة بتقويته، ما زاد من الشائعات حول سماح فلاديمير بوتين باستبداله. وقال دبلوماسي يعمل في سوريا: “أعتقد أنهم تعبوا منه” و”لا أعتقد أنهم يمانعون باستبداله بدمية أخرى طالما ظل النظام متماسكاً”.