قامت شركة أمنية روسية نشطة في سوريا – بالتواطئ مع الحكومة السورية – بتجنيد ما لا يقل عن على 3 آلاف من المقاتلين والمدنيين السوريين “كمرتزقة” من مختلف المحافظات السورية، من أجل نقلهم للقتال في ليبيا إلى جانب “الجيش الوطني الليبي”.
جاء ذلك، في تقرير بموقع “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أمس الثلاثاء، أوضحوا فيه أن عمليات التجنيد تلك، بدأت فعلياً في محافظة السويداء منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، ثمّ تلتها العمليات في محافظات القنيطرة ودرعا ودمشق وريفها وحمص وحماه والحسكة والرقة ودير الزور، ولوحظ أنّ عمليات التجنيد كانت قد تسارعت وتيرتها خلال شهر أيار/مايو 2020. حيث قال الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بأنّ عمليات التجنيد تلك لم تتوقف حتى لحظة إعداد هذا التقرير في 30 حزيران/يونيو 2020.
وأشار التقرير إلى أنّ عقود التجنيد تمّت بموجب رواتب مالية تتراوح ما بين 800-1500 دولار، بالإضافة إلى مغريات أخرى، مثل “شطب” أسماء المتورطين في قضايا أمنية (مطلوبين للحكومة السورية) وإعفاءات من الخدمة الإلزامية والاحتياطية في صفوف الجيش النظامي السوري.
وتكشف “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير، مسؤولية شخصيات تابعة للحكومة السورية في عمليات التجنيد تلك، مثل “ش. الشاعر” مدير مكتب حزب “الشباب الوطني السوري” المرّخص من الحكومة السورية، ومسؤولين في صفوف قوات الدفاع الوطني التابع لها في محافظة السويداء، بالإضافة إلى شخصيات قيادية أخرى في قوات الفيلق الخامس/النشط في الجنوب السوري، والذي تم إنشاؤه من قبل روسيا (وخاصةً العناصر المقاتلة سابقاً في صفوف المعارضة المسلّحة، حيث انضموا لاحقاً لصفوف القوات الحكومية السورية بعد إجرائهم تسوية/مصالحة).
ووفقاً لما أدلى به العديد من شهود العيان وخاصةً المقاتلين منهم، فإنّ عمليات نقل المقاتلين والمدنيين إلى ليبيا، تتم إمّا عبر طائرات مدنية تابعة لشركة “أجنحة الشام” الخاصة للطيران، أو عبر طائرات عسكرية تنطلق من قاعدة “حميميم” العسكرية في اللاذقية، حيث يعتبر كلاً من “مطار بنينا الدولي” و “قاعدة الخادم” العسكرية في ليبيا بالإضافة إلى “قاعدة الجفرة العسكرية” و “مطار بني وليد“، أبرز نقاط وصول المقاتلين السوريين.
إلى ذلك، وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، حالتين لطفلين ما دون سن 18 عاماً في دير الزور، كان قد تمّ تجنيدهما ونقلهما إلى ليبيا دون علم ذويهما في أيار/مايو 2020، في حين قال أحد المصادر المطلّعة على القضية في دير الزور، بأنّ هنالك ثلاثة أطفال آخرين، تمّ تجنيدهم أيضاً في الفترة ذاتها (ولم تستطع سوريون من أجل الحقيقة والعدالة الحصول على تفاصيل إضافية).
وفي الغوطة الشرقية بريف دمشق، تحدّث مصدر محلي آخر لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة عن تجنيد 8 أطفال آخرين ما دون سن 17 عاماً في مطلع أيار/مايو 2020، حيث تمّ التعرف على هويات وأسماء ثلاثة منهم، بينما قال أحد الناشطين الإعلاميين في القنيطرة بأنه تمّ تجنيد 12 طفلاً آخراً من بلدة “ممتنة” في ريف القنيطرة، تتراوح أعمارهم ما بين 14-17 عاماً، لكنّ لم يتمكن الباحث الميداني من الحصول على هويات وأسماء هؤلاء الأطفال بعد.
وقامت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” برصد ومتابعة أخبار نقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا من قبل شركة أمنية روسية عن كثب، ولغرض هذا التقرير تحديداً، التقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة عبر الانترنت مع (17) شاهداً ومصدراً، ممن لديهم إطلاع ودراية بالموضوع، من بينهم 5 مقاتلين كان قد تمّ تجنيدهم للقتال في ليبيا، ثلاثة منهم مازالوا متواجدين في ليبيا حتى لحظة إعداد هذا التقرير في 30 حزيران/يونيو 2020، بالإضافة إلى أحد المقاتلين الذين تّم تجنيدهم من السويداء لكنه رفض الذهاب لاحقاً، يضاف إليه شهادة مقاتل من القنيطرة مازال بانتظار أن يتمّ نقله إلى ليبيا.
كما تمّ الاستماع لشهادة 4 من الناشطين الإعلاميين المطلعّين على القضية في درعا وحمص وريف دمشق والسويداء، فضلاً عن شهادة إحدى النساء من محافظة درعا، والتي كانت شاهدة على عملية نقل عدد من المقاتلين على متن ذات الطائرة التي سافرت بها إلى ليبيا.
كما تحدّث الباحثون الميدانيون لدى المنظمة، مصدراً خاصاً من عشيرة “حرب” العربية في الحسكة والتي تمّ تجنيد العديد من أفرادها، فضلاً عن اثنين من المصادر المطلّعة على القضية في دير الزور والرقة.
وفيما يتعلق بتجنيد الأطفال، استمع الباحثون الميدانيون لشهادة ذوي طفلين تمّ تجنيدهما وإرسالهما للقتال في ليبيا من محافظة دير الزور، فضلاً عن شهادة اثنين من الناشطين الإعلاميين من الغوطة الشرقية والقنيطرة.
جرت هذه المقابلات عبر تطبيقات آمنة، وتمّت على مراحل ولمرات عديدة مع نفس الأشخاص والشهود، وذلك خلال الفترة الممتدة بين بدايات شهر أيار/مايو 2020، وأواخر شهر حزيران/يونيو 2020.
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة