مع قدوم شهر رمضان 2022 تشهد مناطق النظام السوري ارتفاعاً حادّاً في الأسعار قد يكون الأعلى منذ 10 سنوات، حيث وصل سعر كيلو السكر وكيلو البرغل وكيلو الأرز وكيلو البندورة إلى حوالَيْ 4500 ليرة سورية لكل منها.
كما وصل سعر كيلو البطاطا إلى حوالَيْ 3000 ليرة سورية، ويصل سعر ربطة الخبز المباعة خارج البطاقة الذكية إلى 2000 ليرة سورية، فيما تفوق أسعار اللحوم الحمراء 30 ألفاً والبيضاء 20 ألفاً.
ويرتفع سعر سلّة الأسرة من السلع الغذائية بشكل أسبوعي في مناطق النظام، فقد شهد الأسبوع الأول من رمضان ارتفاعاً قدره 5% عن الأسبوع الذي سبقه، وزاد بنسبة تُقدَّر بحوالَيْ 8% على أساس شهري في آذار/ مارس 2022 مقارنة بشهر شباط/ فبراير من العام ذاته.
برّر النظام ارتفاع الأسعار بتقديم رواية مكوّنة من 3 عناصر رئيسية للتهرّب من المسؤولية ولتضليل الرأي العامّ؛ كما هو موضَّح أدناه:
1. مهاجمة التجار وتحميلهم المسؤولية: تنشر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يومياً أعداد الضبوط المنظّمة بحقّ التجار التي تزيد عن 100 ضبط، وتصف تعامُل وسلوك التاجر بالجشع وغير المسؤول.
وقد صرّح وزير الاقتصاد محمد سامر الخليل في 6 نيسان/ إبريل الجاري، بأنّ أسعار مهرجان رمضان المقام في معرض دمشق الدولي يجب أن تكون أرخص مُطالِباً الشركات بالتخفيض.
يتناسب هذا التبرير مع القبضة الأمنية والرقابة المتشددة تجاه انتقاد الحكومة؛ فمن يقدم وصفاً لحالة الأسواق في تصريحاته العلنية عليه أن يحمل هذا الوصف على سبب ما، فيتجنب أن يُحمِّل حكومة النظام المسؤولية ويقول: إنهم تجار متنفّذون تجب محاسبتهم.
وتصل المطالب أحياناً إلى محاسبة كبار التجار وليس الصغار فقط كما هو الحال في تصريح أعضاء مجلس محافظة دمشق في اجتماعهم مع وزير التجارة الداخلية عمرو سالم أواخر آذار/ مارس الماضي.
العقوبات الاقتصادية: لا يتوانى المسؤولون في حكومة النظام عن تحميل العقوبات مسؤولية ارتفاع الأسعار، كتصريح وزير الخارجية فيصل المقداد بعد اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في 21 شباط/ فبراير الماضي، الذي أكّد فيه أنّ العقوبات هي التي تحرم السوريين من ثرواتهم وتُفاقِم الأزمة.
وتُردِّد الأجهزة الحكومية المختلفة أنّ العقوبات هي سبب ارتفاع الأسعار في كل مناسبة، وتستخدم هذه الرواية في اجتماعات مبعوثي النظام الدولية والإنسانية بشكل رئيسي في سبيل استجداء مزيد من الدعم الإنساني أو رفع العقوبات.
3. ظروف مختلفة: وفي سياق تجيير الأحداث التي تجري في مختلف أنحاء العالم يتم تحميل ما يتناسب منها حصة من ارتفاع الأسعار، حيث صرح نائب وزير خارجية النظام بشار الجعفري في 24 آذار/ مارس بأنّ سورية مستفيدة سياسياً من الحرب الروسية الأوكرانية، رغم أنّ الجميع خاسر اقتصادياً.
كما أكد وزير الاقتصاد أنّ أحد أسباب ارتفاع الأسعار هو الأزمة العالمية الراهنة مشيراً إلى الحرب الروسية الأوكرانية. كذلك، يتم تحميل الطقس والمناخ أسباب ارتفاع الأسعار.
وقد تم تحميل الأزمة المالية اللبنانية مسؤولية الغلاء في وقتها، ثم تمّت الإشارة إلى انفجار مرفأ بيروت. تتناسب هذه الرواية مع وجهة نظر التجار في الدفاع عن أنفسهم عند تحميلهم المسؤولية مما يفيدهم في مواجهة الانتقادات.
عموماً، يرفض النظام تحميله أو تحميل مؤسساته أيّة مسؤولية عن ارتفاع الأسعار، ويتعامل مع منتقدي المؤسسات الحكومية باعتبارهم منحازين ضد سياساته؛ حيث تم اعتقال وتهديد شخصيات معروفة انتقدت الواقع المعيشي وحمّلت الحكومة المسؤولية إلى أن تم إجبارهم على التراجُع.
المصدر: مركز جسور للدراسات