أحيا السوريون أمس الذكرى الحادية عشرة لقيام الثورة السورية، بتظاهرات شعبية حاشدة وهو ما رأى فيه ناشطون دلالة على استمرار الثورة وأسبابها، إضافة إلى إصرار السوريين على تحقيق حلمهم بالحرية والكرامة، رغم غياب أفق قريب للحل.
وعمت المظاهرات مدناً وقرى في حلب والحسكة وإدلب والرقة ودير الزور، رافعة شعارات ومطالب الثورة السورية وعلى رأسها إسقاط النظام ورحيله كافة رموزه، ومعاقبة مجرمي الحرب، والإفراج عن المعتقلين، والكشف عن مصير المختفين قسراً في سجون النظام.
وتمر ذكرى الثورة السورية هذا العام، في ظل استمرار غياب أفق للحل في ظل عدم جدية المجتمع الدولي في إنهاء الحرب السورية، وسط استمار الدعم الروسي والإيراني للنظام وحصر الجهود السياسية بملف اللجنة الدستوية السورية.
ولا تزال معاناة السوريين مستمرةً منذ انتفاضتهم ضد النظام الذي يواجه المحتجين بالقمع عبر أجهزته الأمنية والعسكرية، ومن خلال اتباع سياسة الأرض المحروقة، مما اضطر بعضهم للنزوح في داخل البلاد، واضطر آخرون إلى اللجوء في دول الجوار ودول أخرى.
أرقام وخسائر فادحة
وتحدث فريق “منسقي استجابة سوريا” في تقرير، الإثنين الماضي، عن أن عدد السوريين الذين نزحوا داخلياً بلغ 6.9 ملايين نسمة، وإن 6.6 ملايين سوري لجأوا إلى دول اللجوء، سواءً إلى دول الجوار أو الدول الأوروبية، وإن عدد النازحين في المخيمات والملاجئ بلغ 1.9 مليون، وعدد الأطفال المنقطعين عن التعليم بلغ 2.65 مليون طفل.
وأشار الفريق إلى أن خسائر الاقتصاد السوري تجاوزت 650 مليار دولار أميركي منذ الثورة، كما أن أسعار المواد الأساسية ارتفعت أكثر من 140 مرة، وتضاعفت خسائر العملة المحلية أكثر من 98 مرة منذ بداية 2011، كما أن أكثر من 78 في المائة من المستشفيات والعيادات مدمرة أو خارج الخدمة، بالإضافة إلى دمار أكثر من 42 في المائة من المدارس.
وتدخل الثورة السورية عامها الـ11 وهي مثقلة بعشرات آلاف المعتقلين وملايين المشردين والمهجرين، ومقتل ما لا يقل عن 228 ألفًا و647 مدنيًا، بينهم 29 ألفًا و741 طفلًا، و16 ألفًا و228 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2022، بحسب ما وثّقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
ووثّقت “الشبكة” في تقريرها الصادر أمس الثلاثاء، تشريد قرابة 14 مليون سوري، واعتقال 151 ألفًا و462 شخصًا بشكل تعسفي (إخفاء قسري).
وقُتل 200 ألف و367 على يد قوات النظام السوري، بينهم 22 ألفًا و941 طفلًا، و11 ألفًا و952 سيدة، فيما قتلت القوات الروسية ستة آلاف و928 مدنيًا، بينهم ألفان و42 طفلًا، و977 سيدة.
الثورة في محطات سريعة
بدأت الثورة ضد النظام منتصف آذار 2011 بمظاهرات في درعا؛ احتجاجاً على اعتقال قوات الأمن أطفالا كتبوا على الجدران عبارات مناهضة للنظام ورئيسه، وكان قد سبقها في 15 من الشهر ذاته احتجاجات في دمشق مطالبة بالإصلاح والحرية.
وامتدت رقعة المظاهرات بعد ذلك لتشمل بقية المحافظات السورية، وتحولت من مظاهرات مطالبة بالإصلاح، إلى مظاهرات تطالب بإسقاط نظام واجهها بالعنف والقتل.
ومع إمعان النظام في الحل العسكري ومواجهة المتظاهرين بإطلاق النار، اتخذت الثورة منحى عسكريا.
وبدأت الاشتباكات بين قوات النظام والمعارضة المسلحة التي انضوت تحت مسمى “الجيش السوري الحر”، مطلع عام 2012، أي بعد أكثر من 9 أشهر من بدء المظاهرات السلمية، وذلك رداً على استخدام الأسد لآلة القتل الوحشية ضد المدنيين المحتجين.
ومع تقدم المعارضة المسلحة على الأرض، تدخلت روسيا عام 2015 لدعم النظام السوري، ليعود الأخير ويسيطر على مناطق عديدة منها حلب الشرقية وريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية وأخيرا درعا، ليبقى الحراك الثوري في شمال غرب سوريا.
وأشارت عدة تقارير للأمم المتحدة خلال السنوات الماضية إلى ارتكاب النظام وحلفائه (روسيا وإيران ومليشياتها) جرائم حرب تمثلت في استخدام السلاح الكيماوي، واتباع سياسة التجويع، والتهجير القسري، والحصار، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، إضافة إلى القتل الممنهج والمتعمد لمئات الآلاف من المدنيين.