يخطط النظام السوري لإحكام قبضته على عمل المنظمات الدولية في مناطق سيطرته، من خلال تحديد جهات القطاع الخاص (منظمات محلية) التي تتولى تنفيذ المشاريع الممولة من المنظمات المانحة بالداخل السوري.
ومن المعروف، أن النظام السوري بدأ منذ العام 2012، بالتحكم بتنفيذ المشاريع الإغاثية التي تمولها المنظمات الأممية، عبر تكليف الدائرة الضيقة المقربة منه بإشراف وكيله السابق رامي مخلوف بعقد الصفقات التي تدر أرباحاً مالية كبيرة.
هذا التوجه، كشفت عنه التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير مالية النظام كنان ياغي أمام مجلس الشعب الأحد، خلال الجلسة المخصصة لمناقشة قطع الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين 2017 و2018.
وقال ياغي إن “التهرب الضريبي الناجم عن العقود المنفذة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص كبير جداً حيث تم تخصيص مليارات الدولارات لمشاريع نفذها القطاع الخاص في سوريا دون معرفة وزارة المالية أي شيء بشأنه”، مضيفاً أن “الوزارة بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين بدأت منذ العام الماضي بإرسال مطالبات للمنظمات الدولية لتزويدها بالعقود مع القطاع الخاص ويتم العمل على معالجة هذا الملف ووزارة المالية لن تسامح بليرة سورية واحدة من حق الخزينة العامة للدولة”.
ويؤكد أحمد عزوز الخبير الاقتصادي والمطلع على طريقة عمل المنظمات الأممية، أن النظام تحكم بالجهات المحلية التي تتولى التعاقد مع المنظمات الممولة الدولية (غير الربحية) لتنفيذ المشاريع بالداخل السوري، من خلال تأسيس مجموعة منظمات محلية وشركات، تتولى الشخصيات المقربة منه إدارتها، مثل مخلوف وقاطرجي وغيرهم من الشخصيات النافذة.
ويوضح ل”المدن”، أن المنظمات الأممية معفية من الضرائب باعتبارها جهة ممولة غير ربحية، والضرائب تُفرض فقط على جهات القطاع الخاص المحلية التي تتولى تنفيذ المشاريع في الداخل السوري، على اعتبارها تخضع للقوانين المحلية.
وبذلك، فإن تلويح النظام بالمطالبة بالضرائب عن المشاريع المُنفذة سابقاً، يأتي في إطار الابتزاز المالي، سواء للمنظمات الدولية الممولة، لأنها مجبرة على مواصلة تمويل المشاريع بالداخل السوري، ولجهات القطاع الخاص التي استفادت سابقاً من المشاريع، علماً أن كل المشاريع لم تكن تمرّ إلا من خلال إشراف النظام المباشر عليها، وتحديداً وزارة الخارجية.
ويتخذ النظام من تحصيل الأموال هدفاً لكل تحركاته في الآونة الأخيرة، نتيجة إفلاس خزينته، وعجزها عن تأمين الدعم الحكومي لأدنى احتياجات السوريين، وهو ما ظهر واضحاً من خلال إقدام حكومة النظام على استبعاد مئات آلاف العائلات السورية من الدعم الحكومي مؤخراً.
ويتخذ النظام من تحصيل الأموال هدفاً لكل تحركاته في الآونة الأخيرة، نتيجة إفلاس خزينته، وعجزها عن تأمين الدعم الحكومي لأدنى احتياجات السوريين، وهو ما ظهر واضحاً من خلال إقدام حكومة النظام على استبعاد مئات آلاف العائلات السورية من الدعم الحكومي مؤخراً.
ومن المرجح أن الخلل الذي شاب العلاقة بين مخلوف وقريبه رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد دفع الأخير إلى نبش الدفاتر القديمة، لتحصيل أكبر قدر ممكن من المال الذي حاز عليه مخلوف.
ومن المرجح أن الخلل الذي شاب العلاقة بين مخلوف وقريبه رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد دفع الأخير إلى نبش الدفاتر القديمة، لتحصيل أكبر قدر ممكن من المال الذي حاز عليه مخلوف.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم إن المنظمات الدولية بدأت منذ العام 2013، نتيجة ارتفاع درجة الخطورة على كوادرها في سوريا، وفي مقدمتها برنامج الغذاء العالم، بالتعاقد مع شركات وسيطة (خاصة) لتنفيذ المشاريع، بعد موافقة وزارة خارجية النظام، وهذه العملية كان يشرف عليها رامي مخلوف إلى العام 2019، عبر المنظمات والشركات التابعة له على رأسها جمعية البستان.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث الاقتصادي يونس الكريم إن المنظمات الدولية بدأت منذ العام 2013، نتيجة ارتفاع درجة الخطورة على كوادرها في سوريا، وفي مقدمتها برنامج الغذاء العالم، بالتعاقد مع شركات وسيطة (خاصة) لتنفيذ المشاريع، بعد موافقة وزارة خارجية النظام، وهذه العملية كان يشرف عليها رامي مخلوف إلى العام 2019، عبر المنظمات والشركات التابعة له على رأسها جمعية البستان.
ويؤكد ل”المدن” أنه منذ العام 2019، بعد الخلاف مع مخلوف، تسلمت “الأمانة السورية للتنمية” المرتبطة بأسماء زوجة بشار الأسد، هذه المهمة، ومن الواضح أنه نتيجة وجود عدد كبير من الشركات المحلية التي كانت تتولى التعاقد مع المنظمات الأممية، بدأت أسماء بإعادة ترتيب هذا المشهد، لا سيما وأن بعض الشركات عملت على تنفيذ مشاريع بشكل شبه سري، مستفيدة من وسطاء وعلاقات مباشرة مع الجهات الممولة.
ويضيف الكريم ل”المدن”، أن النظام يريد التحكم بكامل العمل المنظماتي لسبيين: الأول التحكم بالأموال التي تؤمنها هذه المشاريع وحصر العمل ب”الأمانة السورية للتنمية”، والثاني لرفد خزينته بالمال لتجاوز مسألة العجز الحكومي.
وحسب الكريم، فإن التوجه الأخير يأتي بعد نجاح النظام في السيطرة على الحصة الأكبر من ممتلكات وأموال مخلوف، وبالتالي فإن طلب النظام السوري من المنظمات الأممية الكشف عن العقود السابقة، يأتي بهدف الكشف عن كل المنظمات المحلية التي كانت تعمل بالخفاء.
وفضلاً عن استفادة النظام المالية من المشاريع الأممية الإغاثية في سوريا، يُتهم كذلك باختلاس ملايين الدولارات من أموال الدعم الخارجي عبر إجبار وكالات المساعدة الدولية التابعة للأمم المتحدة باستخدام سعر الصرف الرسمي.
وهو ما أكدته صحيفة “الغارديان” في تقرير نشرته في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كشفت فيه عن استيلاء المصرف المركزي السوري الخاضع لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، على 60 مليون دولار عام 2020 من خلال الحصول على 0.51 دولار عن كل دولار مساعدة أرسل إلى سوريا.
مصطفى محمد _ المدن