رجح محللون وخبراء سياسيون، أن هناك رسائل مبطنة وراء الشائعات التي تداولتها مصادر إيرانية، عن تعرض الرئيس السوري، بشار الأسد، لمحاولة اغتيال لدى وصوله إلى جامع “الحسن” في حي الميدان الدمشقي، للمشاركة في صلاة عيد الفطر، أمس الأول الاثنين.
تباينت الآراء، في أن الهدف من الشائعات، التغطية فقط على أصداء فيديو “مجزرة التضامن” التي كشفت عنها قبل أيام صحيفة “الغارديان البريطانية، فيما ذهب آخرون بأنها رسالة إيرانية للأسد، حول أن خيار الاغتيال مطروح في حال تقاربه مع العرب أو إسرائيل، خاصة وأن دمشق بحاجة ماسة لذلك، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي.
حظر الأسد من الحضن العربي
إشاعات فشل اغتيال بشار الأسد، يراها الكاتب والمحلل السياسي السوري، درويش خليفة، في حديثه لـ”الحل نت”، أنها ممكن أن تكون رسالة إيرانية، في حال الانفتاح على الدول العربية، وتنفيذ مطالب الدول العربية.
وعزا خليفة ذلك، إلى الأنباء التي أشيعت عن أن العفو الذي أصدره الأسد، الأحد الفائت، عن “الجرائم الإرهابية” المرتكبة قبل 30 نيسان/أبريل 2022، جاء بطلب من الإمارات، لتبييض السجون، وأن “هذا سيراعي مصالحه إن كان مع الدول العربية، أو مع إيران الحليف العسكري والمذهبي بالنسبة له”.
وعن حقيقة أخذ كل التكهنات بعين الاعتبار، أشار الصحفي السوري، عقيل حسين، في تصريح لـ”الحل نت”، إلى أنه عند الحديث عن هذه الشائعة، خاصة وأن مصدرها إيران، هو أكيد أنها مجرد شائعة.
وبالنظر إلى التوقيت وتزامن الأحداث، فوفقا لرؤية حسين، فقد جاءت بعد أيام من الكشف عن مجزرة التضامن، وبالتالي فإن سيناريو لفت الأنظار عن هذه المجزرة يبدو واردا، مضيفا “لكن يجب أن نقر هنا أن إعلام النظام وإيران، لم يكن هو من سلط الضوء على الشائعة التي حذفت من قبل المصدر الأساسي وهو تلفزيون المنار بعد لحظات فقط على نشرها، وبالتالي لا أعتقد أن هذا الاحتمال واردا”.
أما الاحتمال الآخر، ومن وجهة نظر حسين، فإن الشائعة، عبارة عن توجيه طهران رسالة تهديد مبطن إلى بشار الأسد بسبب تقاربه مع العرب وإسرائيل، وهذا الأكثر ترجيحا بالنسبة له، “خاصة وأن هذه الدول تصنف كمعادية لإيران ويترتب على العلاقة معها تبعات في ملف العلاقات السورية الإيرانية”.
قبول بتوسيع النفوذ الإيراني
في السياق ذاته، قال الباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، لـ الحل نت، إن الخبر الذي نشرته قناة “المنار” ثم حذفته، حول محاولة الاغتيال لبشار الأسد، صباح أول يوم العيد، لا تتوفر معلومات بعد إن كان الخبر صحيحا أم هو مجرد إشاعة، بمعنى هل هناك شيء أمني حصل، أو أن “المنار” تعمدت أن تنشر الخبر ثم تحذفه.
وبشكل عام، وطبقا لحديث علوان، فإنه لا يراد من ذلك بالفعل إيقاع أي أذى للأسد من قبل إيران. وإذا صح هذا الأمر فمن المستبعد أن تكون إيران قد اتخذت قرار تصفية الأسد، وحتى من قبل الأطراف القادرة على ذلك – إيران وروسيا وإسرائيل.
ويوضح علوان، أن هذه الأطراف الثلاثة، اليوم ليس من مصلحتها تصفية الأسد، فإسرائيل لا تزال تقارب الملف السوري بمقاربة تقليم أظافر إيران في سوريا، وإعادة تعريف الوجود الإيراني دخل البلاد. و”بالنسبة لها زوال الأسد يعني احتمالات وسيناريوهات مفتوحة لا تريد أن تصل إليها”.
أما بالنسبة لروسيا وإيران، الطرفان الرئيسيان في المعترك السوري، فيعتقد علوان، أن من مصلحتهما دائما إشعار الأسد أنه ما زال بقدره وبحجمه الذي يحتاج فيه بشكل ماس وطارئ إلى الوجود الإيراني والوجود الروسي، ولذلك من الممكن أن تكون هي رسالة، والأقرب أن يكون المرسل إيران.
ويرى علوان، بما أن لإيران مصلحة كبرى في سوريا، فهذه الرسالة من أجل ألا يكون هناك هامش أكبر ليقبل الأسد ويرفض الإجراءات الإيرانية الجديدة، والمتعلقة بالانتشار بشكل أكبر بعد الانشغال الروسي بحرب أوكرانيا.
أسماء الأسد تتوعد
يوم أمس الاثنين، وبعد ساعات من أداء الرئيس السوري، بشار الأسد، لصلاة عيد الفطر، في جامع “الحسن” بحي الميدان بالعاصمة دمشق، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن شبكة “المنار” اللبنانية، نبأ وصفته بالفوري، بمحاولة اغتيال للأسد أثناء حضوره صلاة العيد.
الشبكة اللبنانية والمقربة من “حزب الله” اللبناني، والتي حذفت الخبر لاحقا، أفادت أن المصادر الأمنية السورية لم تذكر تفاصيل محاولة اغتيال الأسد “الفاشلة”، وقالت أن زوجة الرئيس السوري، أسماء الأسد، صرحت بأن “قواتنا ستلاحق منفذي الهجوم الجبان في جميع أنحاء سوريا”.
استندت عدت وكالات إيرانية، من بينها “مهر” و”إيسنا” والوكالة الرسمية الأفغانية “آفا”، إلى خبر الشبكة اللبنانية، وفي وقت لاحق، ذكرت “إيسنا”، أن “بعض المواقع الخبرية نقلت عن المنار معلومات عن تعرض الأسد لمحاولة اغتيال، لكن لم ترد مثل هذه الأنباء على موقع المنار، ولم تذكر وكالة الأنباء السورية الرسمية، سانا، أيضا شيئا من هذا القبيل”.
وبدورها، نقلت وكالة “مهر” الحكومية، عن جريدة “الوطن” السورية، أن الأخبار المنشورة حول محاولة الاغتيال الفاشلة هي “شائعة”، والتي بدورها اتهمت معارضين للحكومة السورية، بـما وصفته بـ”التلاعب في صورة شريط الأخبار” المتداولة عن الحادث.
الجدير ذكره، وبعد انتشار واسع على المستوى المحلي والعالمي لـ”مجزرة التضامن”، وفي سياق التغيرات الأخيرة التي تحاول دمشق إظهارها للخارج، وتثير حولها الكثير من الشكوك والتساؤلات إزاء صدق نية دمشق تجاهها، أصدر الأسد، السبت الفائت، المرسوم رقم 7 لعام 2022، القاضي بمنح عفو عام عن “الجرائم الإرهابية” المرتكبة من السوريين عدا التي أفضت إلى موت إنسان.
ويرى مراقبون، هذه القرارات والتي شملت تغيير وزير الدفاع السورية، كانت نتيجة زيارة الأسد للإمارات والتي بدورها كانت نقطة تحول جديدة، مشيرين إلى أن أبو ظبي وضعت شروط للأسد من أجل إعادة تعويمه، وإعادته إلى الجامعة العربية من قبل بعض الأطراف. وهذه الشروط طرحت في زيارة وزير خارجية الإمارات إلى دمشق، وتم الرد عليها بزيارة الأسد في منتصف آذار/مارس الفائت إلى الإمارات.
رامز الحمصي _ الحل نت