سيريا برس: عقاب يحيى الكاتب الروائي والسياسي
نشاط “pyd” واتفاقية أضنة ..
بين (pyd) وقسد، ومسد حبل قوي يبرز فيه الدور القيادي الرئيس لـ (pyd) باعتباره صاحب المشروع الأصلي الذي تفرّع، أو تمدد لاحقاً لتشكيل غطاء متسع يحاول عبره التغطية على حقيقة ذلك الدور، وعلى المشروع الذي حمل، والذي هو جزء من مشروع (pkk) لسورية والمنطقة ..
ـ بداية، وهذا أمر لا يُخفى على أحد، حزب الاتحاد الديمقراطي حزب إديولوجي يحمل فكراً معروفاً، وهو جزء من حزب العمال الكردستاني بكل المفردات المعروفة لعلاقة الفرع بالأصل، ومعظم قيادات الحزب، خاصة العسكرية والأمنية، وافدة من قنديل (معقل pkk)، وما تزال صاحبة الدور المفصلي في القيادة.
ـ (pyd) ومن خلفه (pkk) ظلّ لسنوات طويلة أحد أذرعة النظام السوري للقيام بعمليات مختلفة، وبشكل خاص ضدّ تركيا، وكانت معسكرات التدريب معروفة، كما احتضن النظام السوري الأمين العام (عبد الله أوجلان) لسنوات طويلة بما دفع الحكومة التركية للتهديد باجتياح الحدود السورية، ورفع وتيرة التوتر إلى درجة قصوى دفعت الجامعة العربية وبعض الدول إلى التدخل لعقد اتفاقية أضنة في أكتوبر 1998، والتي نصّت على:
1.اعتباراً من الآن، عبد الله أوجلان لن يكون في سوريا وبالتأكيد لن يسمح له بدخول سوريا.
2. لن يسمح لعناصر حزب العمال الكردستاني في الخارج بدخول سوريا.
3. اعتباراً من الآن، معسكرات حزب العمال الكردستاني لن تعمل على الأراضي السورية وبالتأكيد لن يسمح لها بأن تصبح نشطة.
4. العديد من أعضاء حزب العمال الكردستاني جرى اعتقالهم وإحالتهم إلى المحكمة. وقد تم إعداد اللوائح المتعلقة باسمائهم. وقدمت سوريا هذه اللوائح إلى الجانب التركي، وأكد الجانب السوري النقاط المذكورة أعلاه.
وعلاوة على ذلك، اتفق الطرفان على النقاط التالية:
1. إن سوريا، وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، أكدت، بأنها لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا.
2. لن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها.
3. لقد صنفت سوريا حزب العمال الكردستاني على أنه منظمة إرهابية. كما وحظرت أنشطة الحزب والمنظمات التابعة له على أراضيها، إلى جانب منظمات إرهابية أخرى.
4. لن تسمح سوريا لحزب العمال الكردستاني بإنشاء مخيمات أو مرافق أخرى لغايات التدريب والمأوى أو ممارسة أنشطة تجارية على أراضيها.
5. لن تسمح سوريا لأعضاء حزب العمال الكردستاني باستخدام أراضيها للعبور إلى دول ثالثة.
6. ستتخذ سوريا الإجراءات اللازمة كافة لمنع قادة حزب العمال الكردستاني من دخول الأراضي السورية، وستوجه سلطاتها على النقاط الحدودية بتنفيذ هذه الإجراءات.
وكان واضحاً أن “نظام المقايضة مستعد لأي شيء مقابل البقاء في السلطة فقد أذعن لجميع الشروط التركية، بما فيها ترسيم الحدود، وتسليم عبد الله أوجلان بطريقة مسرحية” .
وجوه متعددة ..
ـ مع ذلك، ورغم هذه الاتفاقية الواضحة البنود والشروط، استمر (pkk) متواجداً في سورية بأشكال مختلفة، وضمن الفرع التابع له (pyd)، وحين قامت الثورة السورية ووقفت تركيا إلى جانب الشعب السوري، عمل النظام على توظيف بقايا (pkk) وحزب (pyd) ضد تركيا بأشكال مختلفة من العمليات .
ـ حاول (pyd) الالتحاق بالثورة السورية، وانضمّ لفترة إلى “هيئة التنسيق الوطنية” ثم جمّد عضويته بعد الإعلان عن تأسيس ما يعرف بـ “وحدة حماية الشعب” (الجناح المسلح لـ pyd) عام 2014، برعاية أمريكة ضمن ما يعرف بـ “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب”، وتطوير هذه الصيغة بإشراك بعض العرب لتشكيل “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد) في وقت ظلّت فيه القيادة الفعلية للبيدا على العموم، وللوافدين من قنديل التابعين لـ (pkk) بوجه الخصوص، بينما استمرت العلاقات بالنظام السوري بأشكال مختلفة، وهي الأسباب الجوهرية لموقف معظم أطراف المعارضة السورية من تنظيم(pyd) ورفض الحوار معها.
نتائج الدعم الأمريكي لـ “قسد” ..
وفي إطار دعم قوات التحالف الدولي للبيدا في محاربة الإرهاب، ومشاركة قوات ” قسد” في تلك الحرب بكل ما رافقها من تدمير كامل لمدن بأكملها كالرقة، وأجزاء كبيرة من دير الزور، والحسكة، بسطت قسد سيطرتها المفروضة بقوة الدعم الأمريكي على معظم مناطق الجزيرة والفرات، ومارست أعمالاً إرهابية كبيرة، موثقة، وعمليات اعتقال وتصفية حتى لعدد كبير من أحزاب المجلس الوطني الكردي، ناهيك عن العرب، وقتل عشرات آلاف المدنيين، والقيام بعمليات التغيير الديمغرافي وتهجير مئات آلاف المواطنين، وفرض نظامها الأمني، ومناهج مخالفة لثقافة ومعهود السوريين، ثم إصدار قانون رقم 7 لوضع اليد على أملاك الغائبين، والتراجع عنه بعد الاحتجاجات الكبيرة، والتحكّم بمناطق واسعة أغلبيتها الساحقة من العرب كدير الزور ومعظم الرقة وأجزاء كبيرة من الحسكة، وتصفية بعض شيوخ العشائر المعارضين لنهجها وممارساتها، وبما عمّق الهوّة بينها وبين معظم سكان تلك المنطقة الحيوية، الاستراتيجية من سورية .
محددات الحوار الكردي – الكردي..
بضغط، وغطاء أمريكي تحت شعار “العمل على انفكاك pyd عن كل من pkk والنظام” بدأ منذ أشهر حواراً ” كردياً ـ كردياً” بين المجلس الوطني الكردي الشريك في الائتلاف، وما يعرف بـ “أحزاب الوحدة الكردية” التي يهيمن عليها (pyd)، ورغم ما قيل عن التوصّل لتفاهمات في الرؤية السياسية، إلا أن الشروط التي وضعها المجلس الوطني لنجاح الحوار لم تعرف تقدّماً حتى الآن، وتتلخص بـ :
1. إعلان الانفكاك الكامل عن (pkk) وخروج القوات الأجنبية التابعة له، وكذلك فكّ العلاقة مع النظام السوري.
2. إيقاف التجنيد الإجباري.
3. الإفراج عن المعتقلين والمخطوفين، ومعرفة مصير المفقودين.
4. رفض فرض المناهج التعليمية المستورد من فكر (pkk) والمخالفة لنظام التعليم السوري، ولما أقرته منظمة اليونسكو.
5. الاتفاق على صياغة عقد اجتماعي جديد مغاير للذي فرضه (pyd).
وهناك قضايا أخرى مهمة كالعلاقة مع تركيا الجارة، ورفض استخدام الأراضي السورية لشنّ عمليات إرهابية ضدّها، إضافة إلى رفض وضع اليد وفرض سلطة أمر واقع على كل من دير الزور والرقة بمكوّنها العربي الرئيس، والاقتصار على الحسكة ضمن مشاركة جميع المكوّنات في إدارتها .
نظرة “الائتلاف الوطني” إلى “pyd” ..
ـ إضافة إلى هذه الشروط فالائتلاف، ونتيجة ممارسات (pyd) الموصوفة يعتبره تنظيماً إرهابياً، وسلطة أمر واقع غير شرعية وغير قانونية، ولذلك، وحينما يجري تغيير جذري في بنية (pyd) وعلاقاته بكل من (pkk) والنظام السوري، ويثبت أنه تنظيم سوري وطني لا يفرط بوحدة سورية الجغرافية والسياسية والاجتماعية، وينهي نزوعاته الاستقلالية، أو فرض أشكال لا يقرّها الشعب السوري بأغلبيته الساحقة.. حينها، وفي عالم السياسة يمكن للمواقف أن تتغيّر، أو كما يقال : ” لكل حادث حديث” وهو أمر غير قائم، ولا يبدو أنه سيتمّ في الأفق المنظور ..
الكاتب الروئي والسياسي عقاب يحيى _ سيريا برس