غصون أبو الذهب_ syria press
مع انتشار جائحة فيروس كورونا لجأ الناس حول العالم إلى التداوي بالأعشاب ووصفات الطب الشعبي التي وجدت رواجاً على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعزيز المناعة في أجسادهم مؤمنين أنها ستقيهم شر المرض أو لاعتقاد البعض بقدرتها على الشفاء، ما أدى إلى إقبال كثيف على أعشاب محددة حذر منها المختصون بأن لها تداعيات على صحة المرضى والمصابين بحال استخدامها على المدى البعيد.
حقائق أم شائعات؟
كأنك تشاهد فيلمًا، هكذا وصفت الأستاذة أسماء رزوق إصابتها بفيروس كورونا وتقول إلى “سيريا برس” فايروس خطير يحصد الأرواح وينتشر بين الآلاف من الناس، حظر ووقاية تركض نحو المنزل كغيرك حرصاً على عدم الإصابة، في خضم هذه الاحترازات لم أتوقع إصابتي، فأنا أقيم بالحرص، وما إن ظهر اللقاح حتى توجهت نحو أقرب مركز طبي لأخذه فأنا مؤمنة بالعلم، وتحصنت بجرعتين كنت أظنهم كافيتان لحمايتي، بعد فترة بسيطة ظهرت لدي أعراض شديدة من الإنفلونزا مترافقة مع قيء دموي وإرهاق لم يخطر في بالي أنه الكورونا، ومن ثم بين التصديق و عدمه، وبين مايقال وما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم معرفتي باحتمال الإصابة فاللقاح يضعف ولا ينهي فايروس كورونا كان الأجدى التحليل، وكانت نتيجة الفحص حاسمة بالإيجاب.
تضيف “أسماء” اتصل المركز الطبي وطلب مني الحجر المنزلي ومراقبة تطور الحالة، وأخذ السوائل والفيتامينات، كان لكل محب وقلق حصة لنصيحة و إرشاد، ” بعض الأعشاب سيفيدك… لاضير بحمام المياه الساخنة سيساعدك في تخفيف آلام المفاصل… خففي المأكولات المهيجة للمعدة…الخ”، كانت حالتي غير قادرة على القيام بذلك ولاحتى على تناول بعض الوصفات الطبيعية، ولكنني بين هذا وذاك أعجبتني بعض الوصفات اللطيفة فحمام البابونج الساخن خفف هذا الشد العضلي، وتلك المشروبات الساخنة حلت مكان البرد المتمركز في عظامي، تعافيت من المرض بعد أن أخذ وقته، وبين هذا وذاك نعم كان للتداوي التقليدي راحة و لاحتمالية تأثير اللقاح حماية من الموت، ولكنني مازلت مقتنعة أن العلم هو الحل الأفضل لكل مرض.
في الوقت الذي تعتقد فيه السيدة “سميرة” البالغة من العمر أربعين عاماً، أنها شفيت من فيروس كورونا بتناول خلطات عشبية اشترتها من العطارين ومحلات “الطب النبوي” قالوا لها أنها تقوي المناعة وتشفي من المرض في حال التزامها بطريقة الاستعمال ومدته، إلى جانب بعض الأغذية كالعسل والسمك واللحم، وتضيف أنها بحثت كثيراً على الانترنت ووجدت الكثير من الموضوعات والفيديو حول علاج كورونا في البيت وقد جربت بعضها، متيقنة بأنها ساعدت على الشفاء بالرغم أن سميرة لم تجر تحليل فيروس كورونا لتتأكد من إصابتها.
ولأن الوقاية خير من ألف علاج بحسب قناعة الأستاذة “رانيا المدلجي” التي اعتمدت على العناية بصحتها جيدًا، والتزمت بتعليمات الوقاية من فيروس كورنا بحذافيرها، ومازالت تستخدم الكثير من المعقمات والمطهرات وتمتنع عن الاختلاط غير للضرورة، عن ذلك تقول إلى “سيريا برس” الحمد لله للآن لم أصب بالفيروس لأني أعتني بمناعتي جيدا واحرص على تناول فيتامين c وD و الزنك يوميًا، وأتناول الطعام الصحي واستخدم الزيوت والسكريات بمعدلات قليلة، وبشكل دوري أعمل الفحوص والتحاليل الطبية اللازمة لأتأكد بأن صحتي بخير.
امتنعت “رانيا” عن أخذ لقاح كورونا لفترة طويلة، وأخذت الجرعة الأولى منذ فترة قريبة لاضطرارها لذلك حسب تعبيرها، معربة عن عدم اقتناعها به جراء مطالعتها للكثير من البحوث والدراسات العربية والمترجمة، وتضيف الكثير ممن اعرفهم اخذوا اللقاح وتمت إصابتهم، بعضهم كانت إصابته خفيفة والبعض ساءت حالته، ثم أن عدد الجرعات المتتالية بوقت مبكر جعلني أشعر بعدم أهمية اللقاح، إضافة إلى ظهور اللقاح قبل مضي دورة حياة كاملة للفيروس، وامتناع الكثير من الأطباء في الغرب عن اخذ اللقاح ولم يشجعوا المرضى على التلقيح، وكتبوا مقالات طبية عن ذلك وجدتها منطقية جدًا وخاصة أن التجارب السريرية ليست كافية للآن، تختم رانيا حديثها بالقول ” لا أعلم هل سأكمل باقي جرعات اللقاح أم لا” .
التداوي بالعطارة
يمارس “أبو محمد” مهنة العطارة التي ورثها عن والده منذ نعومة أظافره ولديه محل في منطقة مكتظة بالسوريين في مدينة اسطنبول، ويقول في حديث خاص إلى “سيريا برس” استعمل جدودنا الأعشاب بأنواعها، ويدخل الكثير منها في تصنيع بعض الأدوية التي تنتجها الشركات، ولدينا خلطات مجربة تقي من بعض الأمراض وأخرى تشفيها.
هناك إقبال كبير على التداوي بالأعشاب بعد انتشار فيروس كورونا، يقول ” أبو محمد” لأن الناس جربت أعشاب وخلطات ساعدتها على عدم الإصابة، وشركات الأدوية لم تجد علاجًا فعالاً للآن، وهناك الكثير من الناس خائفة من اللقاح ولاتريد أن تتلقح، إضافة إلى أن العلاج بالأعشاب والخلطات الشعبية تكلفته المادية رخيصة.
بالسؤال عن أهم النباتات التي يطلبها المهتمون بالتداوي بالأعشاب من اجل العلاج والوقاية من فيروس كورونا، يقول ” أبو محمد” هناك طلب على عشبة “الشيح والقرنفل” لأنها تقضي على الفيروس المنتشر في الهواء وعلى الجراثيم في الجهاز التنفسي، ويطلبون القسط الهندي والبابونج والزعتر البري، وحبة البركة، والزنجبيل والمليسة .. وغيرها، ويضيف لدينا خلطات خاصة مجربة نعطيها لتقوية مناعة الجسم وأخرى للمصابين، كما يتوفر لدينا الزيوت والدهون لكل منها استعمال خاص نشرحه للزبائن وننصح به حسب الحالة.
توجهنا بالسؤال إلى أصحاب أحد المتاجر الذي تجد لديه مختلف أنواع الأعشاب والخلطات الشعبية في منطقة الفاتح باسطنبول حول نبات “القسط الهندي” الذي وجدنا منشورات عديدة على شبكات التواصل الاجتماعي تقول أنه مجرب لعلاج فيروس كورونا، فقال أن هذه المادة سامة جداً ولايجوز استخدامها إلا من قبل خبراء بالأعشاب.
علاج كورونا بالأعشاب
فيما يتعلق باستخدام الناس للأعشاب والوصفات الشعبية للوقاية والعلاج من فيروس كورونا، قال الدكتور محي الدين راشد اختصاص طب الأطفال، والذي يعمل في مركز المهاجرين صحة الفاتح في حديث إلى “سيريا برس” وقائياً لايوجد أفضل من رفع مناعة الإنسان، والتغذية الجيدة هنا هي الأساس حيث يجب أن يكون الغذاء 80% منه قلوي، و20% حامضي مثل ” ملعقة عسل، 7 تمرات على الريق، خضار، فواكه” مع التقليل من الدسم والنشويات والمعجنات، أما عن استخدام الوصفات الشعبية للعلاج إذا كانت هناك وصفات مجربة وأثبتت نجاحها من الممكن استخدامها ولكن لا أنصح بذلك لأنه لا يجب التجريب على الناس، وأنا شخصياً مع العلاج الطبي أولاً ومن ثم يمكن الاعتماد على الطب النبوي والطب البديل المجرب.
وحول أضرار استخدام الأعشاب يقول الدكتور، هناك أعشاب مذكورة بالكتب العلمية يمكن استخدامها بشكل منفرد مثل إكليل الجبل، الزهورات، الكركم المعروف علمياً أنه مضاد التهاب طبيعي، ويضيف يمكن مثلاً استخدام ورق الكينا مع إكليل الجبل للرئتين، مع ملعقة كركم للاستنشاق هذا لابأس به، أما خلط الكثير من الأعشاب والمواد غير المعروفة كوصفة كما يفعل العطارون أو مدعو الطب الشعبي الأفضل أن لاتؤخذ لأنها ستضر ولن تنفع.
يؤكد الدكتور محي الدين أنه دائما مع الحلول الطبية في المقام الأول، ولكن إذا كان مرض ليس له دواء مثل الصدفية ووجد له حل في الطب البديل من منتج معروف مثل “العسل، شمع العسل، زيت العكبر” وكانت النتائج جيدة فليس هناك مشكلة باستخدامه، المبدأ العام بالطب وفق مبدأ أبوقراط “لاتؤذي” أي ممنوع الضرر، ولكن إذا وجد منتج طبي فأنا مع استخدامه أولاً لأنه أسهل في الاستعمال وآمن ومجرب.
بالنسبة للقاح كورونا برأي الطبيب أنه أقرب مايكون إلى لقاح “الكريب” وسيصبح يوماً ما موسمياً يؤخذ في بداية الشتاء، ويجب أخذ اللقاح وتقوية مناعة الجسم بالغذاء الصحي، وفيما يتعلق بمضار اللقاح يوضح الدكتور أن هذا بحاجة إلى بحوث ودراسات قد تمتد من من 6 شهور إلى 6 سنوات، يجري خلالها أخذ عينات من الملقحين وغير الملقحين، ورصد المشاكل الطبية والأعراض الجانبية ومدى فعالية اللقاح.
من جهة أخرى، تقول الصيدلانية “إكرام قشوع” التداوي بالأعشاب مفيد جدًا وقديمًا كانت هي المصدر الوحيد بالعلاج والإنسان القديم تعلم تدريجيًا استخلاص المواد الفعالة من النباتات عن طريق التقطير واستخلاص الزيوت وتطور هذا الطب عند الفراعنة والمصريين القدماء الذين كانوا يعتمدوا على التحنيط واستخراج الكثير من الأدوية عن طريق الأعشاب.
الطب البديل والتداوي بالأعشاب سيف ذو حدين برأي “إكرام” لإن الناس لديها قناعة أن كل ماهو مصنع من الأعشاب هو آمن وليس له آثار جانبية ولايضر، لذلك تستهلكه بكميات كبيرة بطريقة غير مدروسة مع أن الكثير منها لها تأثيرات جانبية تسبب الضرر بالصحة، مثل نبتة “السلمكي” التي يستخدمها بعض الناس للتنحيف وثبت أن استخدامها على المدى الطويل يؤدي إلى أضرار كبيرة بالكلى والأمعاء.
توضح “إكرام” أن شركات الأدوية تهتم بالمستحضرات الطبية المصنوعة من خلاصات طبيعية مئة بالمئة، لذلك الكثير منها تنتج أدوية معتمدة على الأعشاب والنباتات بعد إجراء الاختبارات اللازمة لذلك للتأكد من أنها آمنة في الاستخدام وليس لها آثار جانبية، ومن الطبيعي ان هذه الأدوية مرخصة وفي النشرات توضيح كامل الاستطبابات وطريقة الاستعمال والجرعات المناسبة والمخاطر الجانبية.
إلى ذلك، يقول الصيدلي والخبير بالأعشاب الطبية والطب البديل ” أحمد شهاب” اعتمد الأطباء في علاج فيروس كورونا في مراحل الانتشار الأولى على مستحضر دوائي فرنسي مستخلص من أوراق أشجار الكينا، استخدم سابقًا لعلاج الملاريا والأمراض المناعية كالروماتيزم، دون نتيجة تذكر، ونحن كخبراء نتعامل مع الأعشاب والخضار والفواكه، التي تحتوي فيتامينات مناعية مثل D3 والزنك وفيتامين C للوقاية من الفيروس ورفع المناعة، وهي آمنة للاستعمال على المدى الطويل، ولكن لاتستخدم بشكل دائم بل متقطع، ويوجد منها كبسولات صناعة شركات عالمية ومرخصة ولها معايير عالمية.
وتلجأ الناس برأي “أحمد” للطب البديل الذي يعتمد على التداوي بالأعشاب والأدوية النباتية، نتيجة قناعة أو جراء معاناتهم من مرض مزمن. مؤكداً أن الطب البديل مرافق للطب بالأدوية الكيمائية، والعلاج بالأدوية النباتية أو ما يسمى بالعقاقير أثبت نجاحه مع عدد من الأمراض.
وفيما يتعلق بوصفات الطب الشعبي ومستحضرات الوقاية والعلاج من فيروس كورونا على شبكات التواصل الاجتماعي، قال “أحمد” بأنها عبارة عن شعوذة، بعيدة عن الصح، لأنه لايوجد علاج للفيروسات بأي قانون طبي واللقاح عادة هو الحل. ولكن بما يتعلق بلقاح كورونا لم تتشكل لدى أحمد قناعة كافية للتلقيح وامتنع عنه لأنه بحسب رأيه يحتاج إلى تجارب كثيرة جدا، وتركيبه ليس ببعيد عن لقاح الأنفلونزا التي تختلف اختلاف جذري عن متحور فيروس كورونا بتركيب DNA.
خطر التسمم
بحسب منظمة الصحة العالمية أن 80% من سكان العالم يستخدمون حالياً الأعشاب كعلاج طبي أو الوقاية من فيروس كورونا، و أصدرت وزارة الصحة في أكثر من بلد تحذيرات من خطورة استعمال الأعشاب والوصفات الشعبية لمعالجة كورونا، وأكدوا أنها من الممكن أن تسبب التسمم وأعراض جانبية وقد تؤدي إلى القصور الكلوي وتلف الكبد وغيرها.
الحق في الصحة
الحق في الصحة مكفول في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعود للعام 1948. وبموجب “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، الملزم لـ 171 دولة موقعة، يحق لكلّ إنسان “التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه”. و الحكومات مُلزمة باتخاذ التدابير الفعالة “للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطّنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها”.
أكدت “اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، يرتبط الحق في الصحة ارتباطا وثيقا بإعمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة.
ويقتضي الحق في الصحة أن تكون المرافق والسلع والخدمات الصحية متوفرة بالكميات الكافية، ومتاحة للجميع دون تمييز بأسعار معقولة، و تحترم أخلاقيات مهنة الطب، ومناسبة علميًا وطبيًا، وعالية الجودة.
إن اعتماد الناس على التداوي بالأعشاب دون رقابة طبية قد تؤدي إلى مخاطر صحية جمة، لذلك لابد من ترشيد الاستخدام وسؤال أهل الخبرة حول ذلك، وخاصة فيما يتعلق بالأمراض السريعة الانتشار ذات المخاطر العالية مثل فيروس كورونا الذي حصد أرواح الملايين حول العالم، ويجب عدم الثقة بالخلطات الشعبية التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تباع عند متاجر العطارة ومحلات الطب النبوي دون التأكد من محتواها، والأفضل استخدام أدوية الطب البديل التي تباع بتصريح من وزارة الصحة، بعد أن أجريت عليها الدراسات والأبحاث التي تؤكد أنها آمنه للاستخدام البشري.
غصون أبو الذهب _ syria press_ أنباء سوريا
تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان.